يرى جواد شفيق، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أن التقارب بين حزبي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والتقدم والاشتراكي يأتي في سياق صعب بعد نتائج الانتخابات الأخيرة، والتي أفرزت خريطة سياسية مؤسساتية غير متوازنة وأغلبية عددية لا تراعي بتاتا وجود مكونات أخرى في الحقل السياسي، مشيرا بأن الديمقراطية لا تعني الأعداد فقط بل تعني أيضا الاعتبارات السياسية والتشاركية، مشيرا بأن هذا التنسيق لم يغلق الباب في وجه أي كان، داعيا كل من يتقاسم معهم الوعي بأهمية إعادة الاعتبار للعمل السياسي ودور الأحزاب ورد الاعتبار للتوازن المؤسساتي الى التنسيق المشترك من أجل الضغط في اتجاه بلورة المشاريع الاجتماعية الكبرى وتنفيذها تنفيذا جيدا.
كيف تقرأ من موقعك الحزبي التقارب الحاصل بين حزبي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والتقدم والاشتراكية؟
التقارب بين حزبي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والتقدم والاشتراكي يأتي في سياق صعب بعد نتائج الانتخابات الأخيرة، والتي أفرزت خريطة سياسية مؤسساتية غير متوازنة، فهناك أغلبية عددية لا تراعي بتاتا وجود مكونات أخرى في الحقل السياسي أو على الأقل في المجال المؤسساتي الوطني والتي ينبغي أن تحظى بمكانتها وموقعها، وخاصة أن الدستور واضح فيما يتعلق بإفراد مكانة متميزة ومعتبرة للمعارضة، الشيء الذي لا تحترمه هذه الأغلبية، وقد تم وصفها سابقها بأنها أغلبية متغولة لا تعتمد إلا المنطق العددي، علما أن الديمقراطية لا تعني الأعداد فقط بل تعني أيضا الاعتبارات السياسية والتشاركية، خاصة في القضايا التي هي موضع اجماع، مثلا كل ما يتعلق بالرعاية والحماية الاجتماعية وهي مشاريع ملكية كبرى ولها بعد استراتيجي من شأنها أن تحول بنية الدولة المغربية الى دولة اجتماعية والتي تمت المصادقة على قوانينها بالإجماع لكن عندما ننتقل الى مجال التنفيذ لا يؤخذ بأي رأي من آراء وملاحظات واقتراحات المعارضة المؤسساتية، كذلك الوضع الاجتماعي وكما لا يخفى على أحد ففيه صعوبات كبيرة، خاصة مع توالي الأزمات، فبعد خروجنا من أزمة كورونا دخلنا الى أزمة الجفاف وهي أزمة بنيوية ومستمرة، أزمة المياه نتيجة شح التساقطات والمياه والذي يؤثر على الماء الشروب وعلى مياه السقي وعلى الفلاحة، الوضع الاقتصادي..وهي كلها قضايا فرضت على القوى اليسارية التي لها ذاكرة مشتركة وعمل نضالي مشترك ومسار مشترك التنسيق. من المؤكد أنه وقع بين الحزبين شنآن واختلاف في التقديرات لسنوات وهو أمر طبيعي، ولكن الحس الوطني ووعي جميع قوى اليسار يعد ضروريا لمواجهة قوى التغول وأيضا تقديم البديل فيما يتعلق بالمستقبل.
لكن بعض المراقبين أن هذا التقارب جاء متأخرا، إذ مرت فترة طويلة على تشكيل الحكومة، علما أن هناك من يرى أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ظل يراهن على المشاركة في الحكومة الحالية، فما ردك ؟
أعتقد أن طموح كل حزب سياسي يتوفر على برنامج ورؤية وحضور مؤسساتي هو المشاركة في الحكومة، وكما تعلمون بحزب التقدم والاشتراكية شارك في كل الحكومات خلال 20 سنة الأخيرة باستثناء حكومة أخنوش، وبالتالي ليس عيبا أن يكون للحزب طموح للمشاركة في الحكومة وتدبير الشأن العام، فهذه هي الغاية الفضلى والنبيلة لكل عمل سياسي مسؤول، وماهو مؤكد وكما جاء في سؤالك هو أن هذا التقارب تأخر، علما أننا بادرنا الى هذا التقارب منذ مدة، حيث تم التنسيق بين المكونات الأربع للمعارضة ( التقدم والاشتراكية، الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، العدالة والتنمية، الحركة الشعبية) ولكن للأسف الشديد، فالأمين العام لحزب العدالة والتنمية وبينما نحن بصدد هذا التنسيق الوطني قام بمهاجمة الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وهذه ليست أخلاق العمل السياسي والعمل المشترك، ولذلك قررنا أن ننأى بأنفسنا، واليوم العمل المشترك مع التقدم والاشتراكية أملته ضرورات موضوعية وحاجة سياسية لإعادة التوازن المؤسساتي.
وهل ستنفتحون على مكونات أخرى من المعارضة؟
التصريح السياسي المشترك للحزبين لم يغلق الباب في وجه أي أحد، حيث قمنا بتشخيص الوضع السياسي المتسم بالاختلال المؤسساتي والحاجة إلى حركة اجتماعية أو اشتراكية ديمقراطية واجتماعية واسعة سواء داخل أو خارج المؤسسات، فنحن بحاجة الى عمل ميداني من أجل إعادة الاعتبار للعمل السياسي ودور الأحزاب ورد الاعتبار للتوازن المؤسساتي في ظل فقدان الثقة وسيادة اليأس، ونحن واعون أننا عاجزون لوحدنا على تحقيق هذا الهدف ولذلك دعونا كل من يتقاسم معنا هذا التحليل وهذا الهدف النبيل، الى التنسيق المشترك من أجل الضغط في اتجاه بلورة المشاريع الاجتماعية الكبرى وتنفيذها تنفيذا جيدا على مستوى الحكامة والتنزيل والتدبير والشفافية والتمويل..
حتى وإن كان هناك تباين في المرجعيات الفكرية والسياسية؟
التباين حاصل حتى بيننا وبين حزب التقدم والاشتراكية، ولهذا نحن نقول هناك حد أدنى متفقون حوله ( التوازن المؤسساتي، حسن تدبير المشاريع الكبرى التي أطلقها الملك، وقف التغول، رد الاعتبار لعمل المعارضة داخل المؤسسات، رد الاعتبار للعمل السياسي عموما والعمل الحزبي على وجه الخصوص..) وكل من يتقاسم معنا فالباب مفتوح أمامه شريطة احترام أدبيات وقيم العمل السياسي المشترك، لأنه وكما تلاحظ فهناد ركود في الحياة السياسية ونوع من الرتابة، أغلبية مقرات الأحزاب مغلقة ولا تفتح إلا في المحطات الانتخابية، وهي أمور تفسد العمل السياسي وتزيد من ابتعاد الناس والشباب على وجه الخصوص من العمل السياسي..
هناك من يقول أن الشعب ترك لوحده يعاني من غلاء الأسعار، وضمنها الارتفاع الفاحش لأسعار المحروقات، في ظل عدم تفعيل أدوار مجلس المنافسة وضعف الأحزاب السياسية، فهل تتوفرون على برنامج مشترك لمواجهة هذا الوضع أم أن هذا التنسيق سيكون محكوما بالهواجس الانتخابية؟
الهواجس الانتخابية حاضرة وسنعمل على أن يستمر هذا التنسيق وأن يتوسع الى غاية الاستحقاقات المقبلة مع التفكير في صيغ مشتركة تتعلق بالعملية الانتخابية، أي توفير ظروف للتعاون حتى في الاستحقاقات المقبلة، ولكن بالنسبة لليوم فتجاوبا مع المطالب الشعبية سواء بالنسبة لقضية التعليم المطروحة أو القضايا الاجتماعية، الغلاء، فمن المنتظر أن يتم رفع الدعم ابتداء من أبريل 2024 عن الغاز وإلغاء صندوق المقاصة عام 2026، ولذلك لا يمكن الحديث عن الدولة الاجتماعية بحرمان الطبقة المتوسطة من الدعم من أجل منحه للطبقة الفقيرة والذي يعني تفقير الجميع، فالأمر يتعلق بدائرة ضيقة جدا يتم من خلالها تدبير المسألة الاجتماعية في المغرب، في حين أننا طرحنا مثلا الضريبة على الثروة، ولما نتحدث عن الثروة فإننا نقصد بذلك الرفاه الذي يتجاوز حاجيات الإنسان، فإلى متى ستظل الفلاحة التصديرية على سبيل المثال معفية من الضرائب ؟ الى متى سيستمر دعم ما يسمون بالمنعشون العقاريون ؟ ولذلك لابد من تضريب بعض القطاعات بدل اللجوء الى " الحائط القصير " أي الفئات المتوسطة أو الشركات، علما أن 90 في المائة من الشركات تعلن إفلاسها سنويا، وقد خلقنا هذا التنسيق لتجميع كل الفئات الرافضة لهذه السياسات من نقابات وإطارات مدنية ومثقفين وإعلاميين، وسنحرص على أن لا يقتصر هذا التنسيق على المؤسسات بل أن يكون له امتداد حتى داخل المجتمع.