طلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان يلوحون بمقاطعة الامتحانات

طلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان يلوحون بمقاطعة الامتحانات الوزيران ميراوي وأيت الطالب (يسارا)
يلوح طلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان على الصعيد الوطني بمقاطعة اجتياز الامتحانات المبرمجة خلال الشهر المقبل ( يناير 2024)، للدورة الأولى التي ستنتهي يوم 20 دجنبر2023، وذلك ردا على تعنت الوزارة الوصية إزاء ملفهم المطلبي. 
ويأتي هذا التلويح الذي لازال قيد الدراسة بين مكونات التنسيقية الوطنية لطلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان بالمغرب، حسب تصريحات بعض الطلبة ل "أنفاس بريس"، لعدم تجاوب وزير  التعليم العالي عبد اللطيف ميراوي، مع مطالبهم المشروعة المتمثلة أساسا في رفض الطلبة لقرار تخفيض سنوات الدراسة، من سبع إلى ست سنوات، وما سوف يترتب عنه من نتائج سلبية في التكوين والتدريب وصحة المواطن.
 
طلبة  بين كماشة وزيرين.. من يقرر؟ 
 
بعد صدور القرار الذي يصفه الطلبة ب" المبطن بخلفيات  تمس في العمق جوهر وقيمة الطبيب المغربي"  والذي تمت صياغته في غياب ممثلي الطلبة، وخص بالأساس تقليص عدد سنوات التكوين من سبع إلى ست سنوات، مع استمرار مسلسل الضبابية والغموض الذي يشوب السنة السادسة للطلبة، ومختلف المشاكل المتعلقة بها، في انعدام تام للشروط والمعايير الموضوعية التي ينبغي توفيرها لمواكبة هذا القرار، والتأخر غير المبرر في إخراج دفتر الضوابط البيداغوجية المتعلقة بالسلك الثالث، ، ماينعكس سلبا على جودة التكوين الطبي وعلى صحة المواطن المغربي، إذ أن مختلف وعود الوزارتين الوصيتين اللتان تدبران من طرف كل من وزير التعليم العالي عبد اللطيف ميراوي ووزير الصحة خالد أيت الطالب، لم تترجم على أرض الواقع لحد الآن، ولم تُحترم فيها الآجال المنصوص عليها، ما أدى إلى المزيد من الاحتقان والسخط والغضب والخوف من المستقبل، حسب ما جاء في ملفهم المطلبي.
وعبرت اللجنة الوطنية لطلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان بالمغرب، بإسم جميع الطلبة عن رفضها التام، لما وصفته في بياناتها، بسياسة التسويف والتماطل التي تنهجها وزارة التعليم العالي ووزارة الصحة، وعن القرارات الأحادية الطرف التي تضرب بعرض الحائط كل مكتسبات محاضر الاتفاق السابقة، حسب بيانات الطلبة الغاضبين، معبرين عن رفضهم التام لتطبيق القرار الوزاري القاضي بتخفيض سنوات الدراسة من 7 إلى 6 سنوات، في ظل غياب تصور واضح وموحد وتوافقي حول السلك الثالث، وغياب حلول واقعية وملموسة لمختلف المشاكل التي ستصاحب تنزيل هذا القرار .
ومن بين مطالب الطلبة الغاضبين، أيضا، عدم جعل مادة طبيب الأسرة إجبارية بل اختيارية في السنة السادسة، مع ضرورة رفع التعويض على التدريبات من 600 إلى 1200 درهم كحد أدنى بالنسبة للطلبة من السنة الأولى إلى السنة الخامسة، لضمان انخراط أفضل لهم في الحياة الدراسية والتكوين والتدريب ومساعدتهم في الحصول على الإمكانيات اللازمة والضرورية لذلك...  
 
طلبة الطب بالمغرب.. من يريد تقزيم قيمة الشهادة؟
 
الطلبة الأطباء الغاضبون من قرار الوزارة الوصية، خاضوا منذ بداية السنة الدراسية الحالية العشرات من الوقفات النضالية، آخرها الوقفة الاحتجاجية التي نظموها أمام مقر البرلمان بالرباط يوم الخميس 7 دجنبر 2023،  وعرفت إنزالا ملحوظا للقوات الأمنية، رافعين الشعار الرئيس عنوانه الأبرز: الرفض بالقطع للقرار الوزاري المفضي إلى تقزيم مستوى الخريجين الأطباء المغاربة،  أمام نظرائهم في الدول الأروبية بالخصوص.
من جهة، عبر تقليص مدة سنوات التكوين وإضافة تخصص جديد وهو طب الأسرة، يلغي تخصص الطب العام،  ومن جهة أخرى إلغاء التداريب الداخلية خلال التكوين وحرمان الطلبة من منحة شهرية عن ذلك، كحق من حقوقهم المكتسبة. 
وتشير تصريحات متطابقة لـ" أنفاس بريس" أن الهدف غير المعلن الذي تخطط له الوزارتان في حكومة عزيز أخنوش، هو منع الطلبة الأطباء المغاربة من الهجرة نحو الخارج، وحرمانهم من متابعة دراستهم في دول أخرى من أجل التخصص واكتساب معارف إضافية،  فكان السبيل الوحيد هو تقزيم شواهدهم من خلال تقليص مدة التكوين، الذي قررته الوزارة الوصية، دون طرح ذلك على البرلمان للنقاش،  وهو القرار الذي لا يتناسب والمعايير الدولية في هذا المجال، مع تجريد الطلبة من العديد من الحقوق، منها التعويض عن التداريب في المستشفيات. وبذلك يستعد الطلبة  لخوض مزيد من الاحتجاجات والإضرابات الوطنية الشاملة عن الدروس النظرية والتطبيقية والتداريب الاستشفائية، والمداومات الليلة والنهارية. كما يستعد طلبة الطب والصيدلة وطب الإسنان على الصعيد الوطني  بمقاطعة اجتياز الامتحانات والحضور للتداريب، حتى عودة الدراسة والتكوين بالنمط السابق، بصيغة سبع سنوات بدل ست سنوات، مع الحفاظ على كافة المكتسبات، والتي يرى فيها الطلبة إجحافا لقيمتهم وقدراتهم العلمية، حسب تصريحات بعض الطلبة للجريدة. وحتى لا يتحول الطلبة بهذا القرار الجديد  إلى مجرد خرجين يملئون الخصاص  في الموارد البشرية الذي تعرفه  الفضاءات الصحية، وبآفاق محدودة ودون كفاءات في المستوى المطلوب، يرون في تصريحات متفرقة لـ" أنفاس بريس"، أن حذف السنة السابعة من التكوين، والاكتفاء بست سنوات، ستكون له عواقب سيئة على سمعة التكوين الطبي ببلادنا، وهو الذي يستقبل المئات من الطلبة الأفارقة، في الوقت الذي تسعى فيه باقي الدول إلى الرفع من قيمة التكوين، حتى يتماشى مع المتطلبات والظروف، كما هو معمول به في عدة دول أوربية، على سبيل المثال، مدة التكوين الطبي في فرنسا . والحال أن القرار الذي اتخدته وزارة التعليم العالي، هو محاولة  منحت لوزارة الصحة،  لكي تتدارك الخصاص في الأطباء، ولو على حساب الطلبة  أنفسهم، وقيمة ومستوى  التكوين في مجال الطب ببلادنا والمشهود له بالمراتب العليا في المحافل العلمية، بفضل أساتذة ودكاترة مغاربة أكفاء، كل في مجال تخصصه، هم بالفعل ثمرة التكوين والتدريب بالمغرب في الكليات المغربية، بنفس المدة السابقة والشروط وهي سبع سنوات، ومنهم من استمر في الدراسة والتكوين من أجل التخصص، دون أن يفكر يوما ما في الهجرة، كما يتدرع بذلك وزير الصحة البروفيسور ورئيس المستشفى الجامعي بفاس سابقا.
 فما جاء به قرار  الوزير ميراوي الدكتور في الذكاء الاصطناعي،  وئيس جامعة القاضي بمراكش سابقا،  قد ينعكس  سلبا على القطاع الصحي ببلادنا، وما قد يصاحبه من ضبابية ف مسار الطالب المغربي، طبيب المستقبل، ومدى مصداقية الشهادة التي سيحصل عليها بعد سنوات من الكد والمثابرة والضغط، وقيمتها العلمية في الخارج، والتي ستبقى محط سؤال، من طرف الطلبة وأولياءهم، ناهيك عن وضعية طلبة الطب الذين قطعوا سنوات في التكوين  والتداريب الاستشفائية، قبل أن يتفاجئوا بهذا القرار الأخير الذي وصفوه بالمحبط لكل معنوياتهم، ناهيك عما تعرفه المؤسسات الصحية من خصاص في التجهيزات والمعدات والتي تكون دائما عائقا أمامهم من أجل تداريب شاملة، خاصة في  تلك المتواجدة خارج المدارات الحضرية للمستشفيات الجامعية.