عبد الرفيع حمضي: نقيبة للمحامين.. متى؟

عبد الرفيع حمضي: نقيبة للمحامين.. متى؟ عبد الرفيع حمضي
بعد نقاش عميق وهادئ طيلة يوم دراسي، بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، جمع فاعلين مؤسساتيين وحقوقيين  من ضفتي البحر الأبيض المتوسط لمناقشة موضوع « حماية حقوق النساء المهاجرات بين المغرب وإسبانيا »مع توقف خاص على تجربة الهجرة الدائرية migration circulaire  وتلك حكاية اخرى.

في  مساء نفس اليوم جمعتني مائدة العشاء بإحدى مطاعم الرباط التقليدية، بصديق المغرب النقيب  Jesus Sanchez Garcia  أحد كبار المحامين بكاتالونيا وكذلك النقيب (ة)Silvia colomer الرئيسة السابقة لفدرالية هيئات المحامين بأوربا، وآخرين.

استمعت بتمعن لما قامت به هيئات المحامين بكاتالونيا من عمل داخلي جاد من اجل مأسسة المناصفة كفعل حقوقي بين المحاميات والمحامين  في جميع مناصب القرار والمسؤولية بالهيئات التقريرية لهذه المهنة وبهذا الإقليم الأسباني، بل حتى النقاش حول التأنيث اللغوي للمهمة  أو الصفة اخد حيزا وافرا من الاهتمام. هل نقول السيدة النقيب أو السيدة النقيبة ؟.

كان الضيفان الكريمين  يحكيان عن ذلك بشغف لا يوازيه إلا افتخار الانتماء إلى مهنة لها كل الجلال والوقار.
في هذه اللحظة بالذات، وصلتني على هاتفي رسائل  قصيرة وعديدة عن انتخاب نقيب جديد لهيئة المحامين بمكناس. يعلم مُرسلوها  سر فرحهم وابتهاجهم بهذا الانتخاب. 

هذا الأمر جعلني أتذكر ان جميع جهات المملكة تعيش هذه الأيام أجواء الحملة الانتخابية الخاصة بانتخاب نقباء وأعضاء مجالس 17هيئة للمحامين من طرف حوالي 17 الف محامية ومحامي.

هاته الهيئات المهنية التي ليس من مهامها  تنظيم شؤون المهنة  فقط، بل المحاماة مهنة الدفاع عن الحقوق والحريات  بامتياز وعلى رأسها المساواة ونبذ أشكال التمييز. والتاريخ الحديث لبلدنا يسجل للمحاميات والمحامون المغاربة الأدوار التي لعبوها في مسار حقوق الإنسان ببلادنا سواء كفاعلين في النسيج المدني من خلال مساهمتهم في تاسيس كل الفضاءات الحقوقية. العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان والجمعية المغربية لحقوق الإنسان  والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان  مثالا لا حصرا. فمن لا يتذكر  النقيب عبد الهادي القباب رحمه الله وعبدالعزيز بناني وعبد الرحمان بنعمر شفاه الله وغيرهم كثير.

أما في الفترات العصيبة التي مرت منها بلادنا، فلم يتخلى المحامون عن واجبهم الحقوقي قبل المهنى، ورافقوا ودافعوا عن المتهمين حتى عندما كان الأمر يتعلق باستقرار البلد ونظام الحكم  فيه. هاحسهم في ذالك  دائما ضمان محاكمة عادلة للمتهمين.

تذكرت كل هذا وانا أتعجب بوعي شقي، كيف لهذا الجسم الحقوقي الذي أصبح نصفه نساء لازال لم يبوء ولو محامية واحدة منصب النقيب وأن عدد عضوات مجالس هيئاته محدودا. أين نحن ومناصفة كاتالونيا .هل الخلل في نص القانون المنظم للمهنة ؟لكونه خلق فئات حسب مدة الأقدمية وهذا الأمر لايسعف النساء كما يدعي البعض.
 
أم أن العملية تتعلق  بعدم قدرة بنات حواء قبل أبناء أبناء ادم على حمل هذا المشروع؟ كما قال لي أحد اصدقائي المحامين. وهذان الأمران مردود عليهما طبعا .ام ان الأمر اعمق  بذالك بكثير ؟لكونه يمس  ثقافة ذكورية  ومصالح مهنية تعرقل اي تطور في هذا المجال .فنحن في مغرب آخر . مغرب لم يعد يرضى حتى بالكوطا كإجراء انتقالي، فدستور2011 قال كلمته وحتى القضاء ببلادنا المعروف بمحافضته يسير الان بخطى ثابثة في الموضوع .فمن تكليف النساء برئاسة الجلسات إلى رئاسة المحاكم إلى وكيلات للملك والخير أمام فالعجلة تدور .

لقد ان الأوان لرجال ونساء البدلة السوداء وفي هذه الانتخابات قبل غيرها ان يؤكدوا أنهم لازالوا وكما كانوا  دائما في طليعة النخبة الحقوقية ثقافة وممارسة  فنبرات أصواتكم ستكون اعمق وانتم تجهرون بالحق وتتمثلون قيمه.

تحركت في مقعدي وهذا الشريط يمر بسرعة في ذهني ولم يقطع تفكيري ويعيدني إلى مائدة العشاء  إلا  صوت  النقيب Jesus Sanchez صديق المغرب وهو يتكلم بإعجاب عن الشاون ومرزوكة  ويتذوق  في نفس الوقت طاجين  لحم العجل بالبرقوق والفواكه الجافة  مع تعليق لزميلي خالد  وهو يهمس بهدوء " وطاجين  هذا !ما يكون غير دكالي ".