من المعلوم أن مجلس المنافسة لا يتمتع بسلط حقيقية وهو لم يتجاوز الصبغة الاستشارية وصبغة إصدار التوصيات، فهو جهاز مراقبة يحمل طابعا معنويا وأدبيا وحتى سياسيا، حيث ألحقت خسائر فادحة بمداخيل الدولة وكذا بالقدرة الشرائية للمواطنين مقابل الزيادات المهولة للمحروقات. وبالتالي من الواجب علينا التفكير في إقرار مسطرة قضائية حقيقية يكون لها دور جبائي وتقويمي وبيداغوجي تمكن القضاء من لعب دوره من أجل إعادة الأمور الى نصابها. من الواضح أن مؤسسات البلاد تشتغل بشكل واقعي وجوهري وواضح وله أثر ولا تنحصر في الجانب التنديدي والمعنوي والفكري، ولهذا من الضروري أن يكتسي عمل مجلس المنافسة دلالات حقيقية . لدينا قانون لحماية المستهلك وقانون يتعلق بحرية الأسعار والمنافسة، ومجموعة من المقتضيات القانونية التي تظل مع الأسف غير مفعلة، ففي يتعلق بالرقابة فهذا يدخل في صميم أدوار الحكومة وكذا البرلمان في إطار المهام الموكولة له دستوريا سواء عن طريق الأسئلة البرلمانية وغير ذلك أو عن طريق لجان التقصي. من الضروري تفعيل أدوار المؤسسات والمقتضيات القانونية فنحن لا نعاني من نقص في المؤسسات أو في الأدوات الرقابية أو في القوانين، ولذلك لابد من توفر إرادة التقويم والبناء والإرادة المواطنة أو الإرادة الجدية كما قال الملك محمد السادس، كي لا تظل المؤسسات والقوانين مجرد حبر على ورق أو من أجل ذر الرماد في العيون. هناك إمكانيات تنزيل واستيفاء الغرامات الحقيقية التي من شأنها ضخ الأموال في ميزانية الدولة كي تتمكن من إكمال مشاريعها المعلقة. للأسف فنحن نعاني حاليا من معضلة كبيرة على مستوى الأدوات الرقابية وتوازن السلطة والمساءلة، فالأحزاب السياسية تخلت عن مهامها لكونها دخلت في مفاوضات من أجل المواقع والتريع، فغلبت فكرة الامتياز على فكرة الالتزام، كما أن فكرة المسؤولية عوضتها فكرة المحاباة وتوازن المصالح وغير ذلك، كما أن دور مؤسسات الحكامة يبدو صوريا وأنتم تعلمون طبيعة تركيبتها، مما يجعلها تخضع لمنطق الترضيات وهذا الواقع للأسف يهدد كل المؤسسات، ونحن بحاجة ماسة الى مؤسسات تقوم بدور الضامن والموازن والمحافظ والمراقب، إذ اختلطت الأمور حاليا مما جعل بعض الأشخاص يقومون بدور الأحزاب السياسية في المساءلة والمعارضة والتنديد، كما أن المواطنين أصبحوا يلجئون للمحتويات الرقمية في ظل هذا الوضع، وهذا إن كان له جانب ايجابي فله جوانب سلبية، حيث يشكك في المؤسسات ويشكك في الثقة، حيث أصبحت بمثابة مقعدا جديد يمكن أن يمس هيبة كل المؤسسات. وبالتالي من الضروري الرجوع الى المؤسسات والى الاختصاصات وإعادة الاعتبار للعمل السياسي والعمل الرقابي والمؤسسات الدستورية والأحزاب السياسية، علما أننا نسير حاليا نحو المجهول في ظل قرصنة العمل الرقابي والذي ستكون له آثار سيئة على الثقافة السياسية والسلوك السياسي وكذا الانخراط في العملية السياسية، وكل هذا يعد بمثابة مرض في التدبير الحكامي يشكل تربة للانحرافات والتجاوزات والظواهر غير المعلومة، ولابد من معالجته قبل فوات الأوان.
نذير اسماعيلي، أستاذ القانون العام بجامعة مولاي اسماعيل