فلو افترضنا أن الدولة قررت فعلا توزيع مبلغ الغرامة على 4.300.000 مالك سيارة وعلى 200.000 مالك دراجة مسجلة( هناك آلاف الدراجات غير مسجلة)، فإن كل مستهلك متضرر لن يحصل سوى عن تعويض قدره 400 درهم طوال 7 سنوات من شفط جيوب المواطنين. أي بالكاد 57 درهم عن كل سنة، بمعنى أن حصة كل متضرر لن تتجاوز 4 دراهم شهريا !
بالله عليكم هل تعويض درهم في الأسبوع عن كل ما لهفته شركات المحروقات في السنوات السبع السابقة، ينهض كحجة ليثق المرء في الدستور وفي المؤسسات المتفرعة عنه ( من قبيل مجلس المنافسة)؟ ماهي الضمانة لكي تعود الأثمان إلى سابق عهدها وفق أسعار السوق الدولية، بالنظر إلى أن فرض الغرامة وقبولها يفيد أن هناك مخالفة وتجاوزات لقانون حماية المستهلك، كما يفيد أن لوبي المحروقات كان يضع تفاهمات بين الشركات لتحديد السعر لسحق المواطن وسحق المقاولات الصغرى والمتوسطة؟
إن كان الأمر كذلك، كيف سيثق المرء غدا في الدستور وفي مؤسسات الحكامة؟! ألا يجدر بالدولة أن تحل البرلمان وتقيل الحكومة، لتنصيب شركات المحروقات بشكل "رسمي" على رأس المؤسسات "الدستورية" لتتولى طحن المغاربة "بالفور ياشيفور"، ولتزيد من إثقال كاهل المقاولات الصغرى والمتوسطة لوأد ما تبقى لها من شرط الوجود والتنافسية؟!
شرعية السؤال ترتبط بالأرباح المعلن عنها لشركة واحدة، ألا وهي شركة "طوطال" التي حققت في سنة واحدة ربحا قارب 500 مليون درهم ( 50 مليار سنتيم)، علما أن شركة "طوطال" لا تمثل سوى حوالي 15% من سوق المحروقات. وهذا الربح ماكان لنا معرفته لو لم تكن "طوطال" مدرجة بالبورصة بشكل يساعد على رواج جزئي للمعلومة المالية( للإشارة وصلت أرباح طوطال عام 2015 الى 28 مليون درهم بعد قرار تحرير أسعار المحروقات).
ترى كم حققت شركات المحروقات الأخرى غير المدرجة في البورصة من ربح خيالي صافي في سنة 2022؟ وبكم تشتري بالسعر الدولي؟ وبكم تعلن السعر للسلطات المغربية؟ وأين يذهب الفارق الفاحش بين السعر الفعلي والسعر المصرح به؟ وهل يحول لأبناك داخل المغرب أم لحسابات بأبناك خارجية؟
حين يجيب مجلس المنافسة عن هذه الأسئلة وينشر الخلاصات الحقيقية أمام الرأي العام، ويضع حدا للاحتكار والتفاهم على السعر، ويجبر شركات المحروقات على العودة إلى الرشد، آنذاك سيثق المواطن في الخطاب الرسمي وفي الدستور وفي المؤسسات المتفرعة عنه.