الموت البطيء للحركة الوطنية"، عنوان مقال كلود بلازولي المنشور بحوليات شمال إفريقيا. لو كتب لهذا الكاتب أن يبقى على قيد الحياة خلال هذه المرحلة، فلن يتردد في إعادة عنونة مقاله، وربما قد يحمل المقال عنوان: " انقراض الأحزاب السياسية".
مقاله: "الموت البطيء للحركة الوطنية"، خلال تلك اللحظة السياسية المتشنجة،قد يبعث على التخوف والانزعاج جراء تراجع أدوار أحزاب سياسية بالمعنى الحقيقي للكلمة، أحزاب صمدت وناضلت في زمن الصراع السياسي الحقيقي. أما الواقع السياسي الحالي فإنه لا يبشر بالخير، فلا اليسار يسار ولا اليمين يمين، بل حتى ما ينعث تجاوزا بالاحزاب الإسلامية أصبح في خبر كان. بدأنا ب "جيوب المقاومة مع حكومة التناوب التوافقي" ومررنا إلى " التماسيح و العفاريت مع حكومة الإسلاميين"، ووصلنا الان إلى حكومة بشعارات "تقاشر والنية..."، ولانعلم ما يخفيه المستقبل.
لقد تحول الصراع حول السلطة إلى تهافت حول السلطة، وأصبحت جميع الألوان السياسية مستعدة لتقمص دور الحرباء و تغيير لونها كلما دعت الضرورة لذلك. واختلطت المفاهيم بين يميني مدافع عن أفكار اليسار من موقع المسؤولية الحكومية، و بات اليسار المعارض تارة يغازل الأغلبية قصد الانضمام كلما شاع الكلام حول التعديل، وتارة يرتدي قبعة البورجوازية المتعفنة. وعندما يستفيق من " الوحم السياسي"، يبكي أمام الأطلال مذكرا بالماضي الشريف لأسياده السياسيين، والنتيجة الحتمية أن التاريخ السياسي لن يجرؤ عن ذكر هذه الأسماء، و إن ذكرها فسوف يصف مرحلة تواجدها بمرحلة النكوص ويصف سياسييها بأشباه السياسيين، الذين حولوا أحزابهم إلى مقاولة عائلية.