إن واجب الحكومة الدستوري يفرض عليها أن تسارع منذ اليوم الأول من الإضراب الى الاستماع الى مطالب المحتجين، لا أن تركب عناد وزرائها وتدعو المضربين وبعد قرابة الشهرين أن يعودوا إلى الأقسام أولا، إذ لا يعقل أن يعود مستسلما من فقد نصف راتبه، وإذا كانت الحكومة غير مهتمة بمطالب الأساتذة، فلتهتم بمصلحة ملايين التلاميذ الذين يتجهون نحو سنة بيضاء، ولتراعي ظروف الآباء الذين يعانون من البطالة والغلاء وارتفاع الأسعار، والذين أضافت إليهم مشكلا آخر بتجاهلها لإضرابات الاساتذة من بداية اكتوبر 2023..
فإذا أصر الأساتذة على عدم العودة فالمنطق إلى جانبهم، لأنهم لا يمكن أن يعودوا بعد شهرين من الاحتجاج، وفي ظل التهديد بالاقتطاع، ومع عدم استعداد الحكومة لايجاد حل وهو مايتبين من خلال خرجات الوزارء ورئيس البرلمان ..فلماذا سيعودون ماداموا لم يتوصلوا ولو بضمانة واحدة من الحكومة تبين حسن نيتها، والغريب أن الحكومة تعلن مرارا أنها تنتظر من النقابات أن تبادر لطلب الحوار، فهل يعقل وهل سبق وفي كل العالم أن استجدت النقابات الحوار من الحكومة، وهل يفترض مثلا من النقابات أن تحمل الهاتف وتتصل برئيس الحكومة وتقول له نريد أن نتحاور... إن تدبير الحكومة لأزمة التعليم قد شابته الكثير من الأخطاء والفضائح وكان من نتائج ذلك ضياع ملايين ساعات العمل، وهدر الزمن المدرسي للتلاميذ ما سيؤثر على السنة الدراسية ككل، وإذا كان الأساتذة متضررين ويطالبون برفع الضرر عنهم بسحب هذا النظام الأساسي وتحقيق باقي مطالبهم، والتلاميذ متضررون بضياع وقتهم الدراسي، فمن المسؤول عن هذا الوضع؟ ومن المسؤول عن استمراره؟ ومن يجب أن يتدخل لحله؟ كل الاجابات تتجه الى الوزارة والحكومة، لكن، وعلى ما يبو، ومن خلال ما سبق ومن خلال هذا التعنث والإصرار على العناد، فالحكومة لا يهمها أن تجد حلا في القريب العاجل، ولا يهمها ضياع ملايين ساعات العمل وهدر الزمن المدرسي وإنقاد الموسم الدراسي، وإلا لكانت قد سارعت ومن الآن إلى دعوة النقابات وممثلي الأساتذة الى رئاسة الحكومة وبإشراف رئيسها، ووقعت معهم محضر يتضمن جدول أعمال اللجنة الوزارية المعينة والنقابات والسقف الزمني المحدد لنهاية هذه الاجتماعات، على أن يشمل هذا المحضر:
- سحب أو تعديل النظام الأساسي
- تحديد ساعات ومهام الأساتذة
- حذف العقوبات
- ملف المتعاقدين
- التعويضات
على أن يتم مناقشة وحل الملفات الأخرى العالقة ضمن أعمال اللجنة الوزارية وذلك وفق زمن معين وفي حدود نهاية دجنبر 2023.
إن استمرار تعنت الحكومة واستمرار خرجات وزرائها ومسؤوليها التي لا تزيد الوضع الا تأزيما، يؤشر على أنها لا ترغب في وضع حد لهذا الاحتقان الخطير الذي طال أمده، والذي انعكس على كل فئات المجتمع وأصبح يهدد السلم الاجتماعي بخروج التلاميذ والاباء في مظاهرات احتجاجية في عدة مدن، فماذا تنتظر الحكومة بعد كل هذا الوقت، لهذا عليها إما أن تتحمل مسؤوليتها وإما أن تمتلك الشجاعة وتستقيل لأن استمرار التلاميذ لازيد من أربع أسابيع فعلا يستوجب الاستقالة.