أردوغان يتطلع إلى شخصية طيعة لخلافته في رئاسة الوزراء بتركيا

أردوغان يتطلع إلى شخصية طيعة لخلافته في رئاسة الوزراء بتركيا

بدأ الرئيس التركي المنتخب رجب طيب اردوغان عملية انتقاء خليفة له في موقع رئيس الوزراء يوم الاثنين. ويأمل في اختيار شخص يفوز في الانتخابات العامة التي ستجرى العام المقبل من أجل تحقيق هدفه بتشكيل رئاسة قوية.

ويمثل فوز اردوغان في أول انتخابات بالاقتراع المباشر لاختيار رئيس للبلاد نقطة تحول لتركيا ويجعل الدولة المرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي والعضو بحلف شمال الأطلسي على مسافة أقرب من النظام الرئاسي الذي كان يطمح له منذ زمن بعيد.
لكن الأمر لن يكون سهلا اذ يتطلب أغلبية برلمانية أقوى لحزبه العدالة والتنمية ودعم رئيس الحكومة القادم اذا ما اراد اجراء التغييرات الدستورية التي يحتاجها لإيجاد الدور الأقوى.
وقال أردوغان (60 عاما) للآلاف من أنصاره في خطاب النصر من شرفة مقر حزب العدالة والتنمية الحاكم في أنقرة الليلة الماضية "اليوم يوم جديد مشهود لتركيا. إنه يوم مولد تركيا يوم بعثت من بين الرماد."
ويخشى معارضوه من اقامة دولة سلطوية على نحو متزايد.
وترأس اردوغان اجتماعا لأعلى هيئة لصنع القرار في الحزب اليوم الاثنين وهي الخطوة الأولى في عملية ستصل إلى ذروتها بتسمية خليفة له كرئيس للوزراء فور تنصيبه كرئيس للبلاد في 28 غشت.
وقال المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية حسين جليك إن الحزب سيعقد اجتماعا استثنائيا في 27 غشت سيتفق خلالها على زعيم جديد للحزب وهو الشخص المتوقع ان يكلفه اردوغان بعد ذلك بتشكيل حكومة جديدة.
ويرغب اردوغان في اختيار شخص من أشد الموالين له لشغل هذا الدور. ويحتاج اردوغان الذي لن يكون بمقدوره القيام بحملات دعاية لحزب العدالة والتنمية فور ان يصبح رئيسا إلى شخصية تحظى بشعبية تمكنه من حشد الأصوات وتحقيق أغلبية أقوى في الانتخابات البرلمانية في يونيو حزيران القادم.
وعن فوز اردوغان امس الأحد قال سينان اولجين مدير مركز الدراسات الاقتصادية والسياسة الخارجية ومقره اسطنبول "هذه الخطوة الأولى في هذا الجدول الرئاسي طويل الأمد.. ستكون معركة صعبة وشاقة للغاية حتى بالنسبة لسياسي مخضرم وناجح للغاية مثل اردوغان."
ورحب المستثمرون في بادئ الأمر بفوز اردوغان على أمل ان ذلك سيضمن الاستمرارية بعد مرور 12 عاما على حكم حزب العدالة والتنمية. لكن الاجواء توترت لاحقا بعدما تحول مسار الفكر إلى حالة عدم اليقين السياسي الذي يحيط بالفترة القادمة.
وقالت مؤسسة فيتش الدولية للتصنيف الائتماني في بيان "من المرجح ان يظل التوتر السياسي على أشده مع سعي اردوغان لتوسيع نطاق سلطة الرئاسة." وأضافت أن التماسك السياسي والمصداقية في تركيا اصبح اضعف بالفعل من أقرانها.
وحصل إردوغان على نحو 52 في المئة من الأصوات امس الأحد وهي نسبة دون ما توقعته استطلاعات الرأي لكنها تزيد بواقع 13 نقطة مئوية عن أقرب منافسيه وتغنيه عن خوض جولة إعادة.
وتعهد اردوغان بممارسة صلاحيات الرئاسة بالكامل بموجب القوانين الحالية وذلك بخلاف سابقيه من الرؤساء ممن لعبوا دورا شرفيا. إلا ان اردوغان لم يخف نيته تعديل الدستور لصياغة رئاسة ذات دور تنفيذي.
وقال اردوغان في خطاب الفوز "أود ان أؤكد انني سأكون رئيسا لجميع السبعة والسبعين مليونا وليس من اعطوني اصواتهم فقط. سأكون رئيسا يعمل من أجل علم البلاد والبلاد نفسها ومن أجل الشعب."
إلا ان الخريطة الانتخابية تشير الى ان ذلك لن يكون يسيرا.
ففي الوقت الذي أعطت فيه مناطق شاسعة من قلب الاناضول ذي الاغلبية المحافظة اصواتها لاردوغان باكتساح الا ان المناطق الغربية الأكثر ليبرالية المطلة على بحر ايجة ومناطق سواحل البحر المتوسط هيمن عليها مرشح المعارضة الرئيسي أكمل الدين إحسان أوغلو فيما اكتسح الركن الجنوبي الشرقي للبلاد مرشح الأكراد صلاح الدين دميرطاش.
وقال وزير الثقافة السابق ارطغرل جوناي الذي استقال من الحزب في ديسمبر كانون الأول الماضي بعد خلافات سياسية مع اردوغان "فاز اردوغان لكن الوضع ليس مفروشا بالورود داخل حزب العدالة والتنمية."
وأضاف أن عدد الأصوات التي حصل عليها اردوغان امس الأحد أقل من العدد الذي ناله حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المحلية في مارس اذار وأقل مما حصل عليه الحزب في الانتخابات العامة 2011.
وقال "يدرك اردوغان أن اصوات الحزب تقلصت. ولهذا فقد يختار رئيسا للحكومة يحمي وحدة الحزب...وهو ما سيكون حلا وسطا."
وقال مسؤولون كبار في حزب العدالة والتنمية إن وزير الخارجية احمد داود أوغلو الذي يحظى بدعم قوي داخل الهياكل الادارية للحزب وكان الساعد الأيمن لاردوغان على المستوى الدولي هو المرشح الأبرز لخلافته رغم ان وزير النقل السابق بن علي يلدريم يتطلع ايضا للمنصب.
وأشار الرئيس التركي الحالي عبد الله جول الذي كان ينظر اليه منذ فترة طويلة على انه الرئيس المحتمل للحكومة في المستقبل إلى إنه سيعود للعمل السياسي بعد انتهاء ولايته في 28 غشت. وقال إنه سيلعب دورا في حزب العدالة والتنميةالحاكم الذي شارك في تأسيسه مع اردوغان.
ولن يستطيع جول ان يكون رئيسا للوزراء على الفور لانه ليس عضوا حاليا في البرلمان لكن دوره قد يتغير بعد الانتخابات البرلمانية المقررة في 2015.
وبرزت تركيا كقوة اقتصادية إقليمية في ظل حكم إردوغان الذي استغل موجة من التأييد الديني المحافظ لإجراء تحول في تركيا من الجمهورية العلمانية التي أنشأها مصطفى كمال أتاتورك على أنقاض الخلافة العثمانية عام 1923.
لكن منتقدي اردوغان يحذرون من أن جذوره الاسلامية وعدم تقبله للمعارضة سيؤديان إلى ابعاد تركيا عن مبادئ أتاتورك العلمانية.
ولم يشكك عدد كبير من المستثمرين في نتائج انتخابات أمس.
وقال نيكولاس سبيرو المدير الاداري لمؤسسة سبيرو سوفرين ستراتيجي ومقرها لندن "كان هذا تتويجا اكثر منه انتخابا والنتيجة كانت محسومة منذ فترة."
ولكن هناك مخاوف على المدى الطويل من تركز السلطة  في ايدي زعيم احيانا ما يكون مندفعا.
وقال سبيرو "كان دوره مهيمنا وهو رئيس للوزراء وسيواصل ذلك وهو رئيس."

 

عن "رويترز"