قالوا اشمتك ..قالوا الحمد لله عرفتك...
أعتقد أبناء وزان بأن غاية من وقف خلف التحضير لزيارة وزير التعليم العالي لوزان ، مباشرة بعد تعيين حكومة أخنوش، بأن الأمر يتعلق بالتفاعل الايجابي مع انتظارات الأسر الوزانية التي سبق وأجمعت على حاجة الإقليم والجماعات المحيطة به من أقاليم أخرى لنواة جماعية (كلية).لكن شتان بين الاعتقاد البريئ و ما كان مخطط له في الكواليس.
ما أسماه الوزير ومن نفخ في أذنه بأن الزيارة تدخل في اطار اللقاءات التشاورية مع الفعاليات المدنية والسياسية والمنتخبات والمنتخبين ، سيتضح قبل أن يسدل الستار عليها ، وبعد أن أجمع الحضور في ترافعه ، بأن الاقليم في حاجة ماسة لنواة جامعية ، وأن الملف قد قطع أشواطا لإخراجه للوجود .
قوة الترافع الذي دوى صوته بقاعة الجلسات بمقر عمالة وزان أربك الوزير وفضح من نفخ في أذنه ، فما كان على مجموعة " لي كيحسب بوحدو كيشيط لو " إلا الاستنجاد بالمناورات الصبيانية ، وتقديم أجوبة مبهمة، لا تخرج عن دائرة " أجي قلك ما قلت لك والو" .
الحكاية من البداية
بالعودة للفصل الأول لدستور المملكة المغربية نقرأ "يقوم النظام الدستوري للمملكة على أساس فصل السلط ، وتوازنها وتعاونها ، والديمقراطية المواطنة والتشاركية ، وعلى مبادئ الحكامة الجيدة ، وربط المسؤولية بالمحاسبة " . أما الفصل 139 فقد جاء فيه " تضع مجالس الجهات ، والجماعات الترابية الأخرى ، آليات تشاركية للحوار والتشاور ، لتيسير مساهمة المواطنات والمواطنين والجمعيات في اعداد برامج التنمية وتتبعها " .
نخلص من كل هذا بأن المغرب اختار في صناعة سياساته العمومية الديمقراطية التشاركية ، اختيار فرض اعتماده الاختناق الذي تعيشه الديمقراطية التمثيلية وما يترتب عن الاستمرار في اعتمادها لوحدها من تهديدات ومخاطر .
مجلس جماعة وزان في الولاية الانتخابية السابقة ، وبشهادة كل من اقترب من التجربة أو علم بها ، تعزز بآلية تشاورية سمت عاليا بالمشاركة المواطنة ، ولم تكن هذه الآلية غير هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع التي لها يرجع الفضل في اعداد رأي استشاري حول احداث نواة جامعية بوزان .
ولكي لا يبقى الرأي الاستشاري سجين الجدران بين المؤسسة المنتخبة والهيئة المذكورة ، انتقلت هذه الأخيرة إلى اطلاق سلسلة من اللقاءات الترافعية ، كانت بدايتها عقد لقاء مفتوح بقاعة عمومية جمع فوق نفس المنصة مختلف الفاعلين السياسيين بالإقليم ،( رسالة قوية ونوعية لمن يصطاد في الماء العكر ) ، وبحضور متنوع فاق ما كان منتظرا . وبنفس الروح الجماعية استمر الترافع بعقد جلسات مع وزير التربية الوطنية ( أمزازي) ، وكاتب الدولة في التعليم العالي( الصمدي) ، ورئيسا جامعتي عبد المالك السعدي بتطوان ، ومولاي اسماعيل بمكناس ، وممثلات وممثلي اقليم وزان بمجلس الجهة ،والمديرية الاقليمية للتربية الوطنية ، ..... هذا دون الحديث عن الدور الفعال الذي لعبه الترافع الاعلامي المسؤول . فماذا كانت النتيجة بعد اعتماد هذه المنهجية في الترافع ؟
العمل المنظم المبني على المشاركة المواطنة التي تشكل روح دستور 2011 ، الذي توسعت به دائرة الحقوق والحريات بشكل كبير ، والترافع المحددة أهدافه بعيدا عن فيروس الحسابات السياسوية التافهة التي تشكل ثقافة منتخبين يعتبرون أنفسهم كبارا ، ناسين أو متناسين بأن " زمننا هو من صغر فصاروا يرون أنفسهم كبارا " ، خطوات انتهت بالمصادقة النهائية على احداث نواة جامعية بوزان ، و تم تحديد العقار المخصص لذلك ، وقس على ذلك التدابير الادارية والمالية المصاحبة .
انقلاب بلمسة المؤامرة على المشروع
هل يحق لوزير اقبار مشروع اعتمده سلفه بعد أن كان قد و صل لمراحله الأخيرة ؟ وهل الموقع الوزاري يسمح بالسير ضد انتظارت ساكنة اقليم وزان التي أجمعت على أن الاقليم في حاجة إلى نواة جامعية ذات الاستقطاب المفتوح ؟ وبأي حق يسمح الوزير لنفسه تعطيل استمرارية المرفق العمومي ؟ والأخطر من كل ما سبقت الاشارة إليه ، كيف للمشاركة المواطنة كمبدأ حقوقي التي اختارتها المملكة المغربية كنهج في صناعة سياستها العمومية على مختلف المستويات ، أن تزدهر ، وتتقوى ، وتتجود ، وتعزز الثقة - المفقودة أصلا - بين المواطن ومؤسسات الدولة ، اذا اختار وزير التعليم العالي التصفية الرمزية والعملية لآليات الديمقراطية التشاركية . وبالمناسبة فقد انفردت وزان عن أقاليم بالمملكة في مطلب احداث نواة جامعية بها ، حيث أن المطلب تقدمت به هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع لجماعة وزان( الفصل 139 للدستور) ، وترافع من أجل تفعيله الفاعل السياسي جنبا إلى جنب الفاعل المدني .
ما العمل؟
لا خيط يجمع بين سؤالنا اليوم وسؤال فلاديمير لنين الذي طرحه سنة 1903 . فلا السياق ولا القضية ولا الزمن متشابهون.
المغرب دولة المؤسسات مهما اختلفنا في تقييم المد والجزر في أدائها، لذلك غير مسموح لهذا الوزير أو ذاك تطويعها لأهوائه. من هنا ، وبهدوء الكبار فعلا وليس وهما ، الذين ينتصرون للقضايا العليا للوطن ، ويسعون بمنسوب مرتفع من المواطنة حماية استقراره ، وتجنيبه كل التوترات كبر شأنها أم صغر ، ( من هنا ) على وزير التعليم العالي مراجعة قراره وذلك بالتعجيل بتنزيل مشروع بناء نواة جامعية بوزان . واذا اختار الوزير مراوي ركوب رأسه ، فإن " لي عندو باب واحد الله يسدو عليه " . أي الكلمة من جديد لكل الفعاليات المدنية والسياسية والمنتخبة ، ولأبناء وزان بمختلف المواقع العليا بمؤسسات الدولة ، من أجل الشروع في الترافع المؤسساتي وتنويع آلياته حتى يتحقق المطلب الحاصل حوله الاجماع بدار الضمانة الكبرى ومحيطها من الأقاليم المجاورة . وما خاب من ترافع بهدوء ومسؤولية وبروح وطنية عالية من أجل حق مشروع .