بإشراف علمي لمختبر السرديات والخطابات الثقافية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، صدر عن منشورات دار القصبة للنشر، كتاب جديد بعنوان "السياسة الثقافية والتنمية"(211صفحة)، تنسيق أحمد بلاطي وعبد العزيز الراشدي.
وقد راهن الباحثون المشاركون في هذا الكتاب على مساءلة مفهوم السياسة الثقافية والفعل الثقافي وصناعته بالمغرب، من خلال التوقف عند أدوار الفاعلين والمساهمين في بلورته، ويفتح هذا العمل نقاشا أكاديميا حول البنيات الثقافية المغربية والصناعة الثقافية والإنتاج الثقافي في مغرب اليوم، لتلمّس ملامح السياسة الثقافية التي يختطها المغرب لإعادة اكتشاف مرجعياته الثقافية والتقدم نحو بناء صورة ثقافية متوازنة تهدف إلى مِغرِبة الأفكار والتصورات، وإدماج الثقافة في مسار اقتصادي فاعل يخلق فرص الشغل وإمكانات الإنتاج وعناصر التنمية.
كما سعت الدراسات التي يضمها الكتاب، إلى بيان كيف أصبح الاهتمام بالسياسة الثقافية في البلدان المتقدمة مؤسسا على أسس تضع في حسبانها تطوير قدرات الشعوب على العطاء والإبداع، وتحقيق التنمية المستدامة ومراعاة جوانب الاقتصاد والتطور التكنولوجي وبناء المؤسسات؛ إذ يحظى الجانب الفكري والثقافي بمكانة هامة ضمن حلقات الإنتاج، بوصفه قوة ناعمة ومحركا اقتصاديا، مما يجعل الثقافة تسير في منحى مواز لباقي القطاعات المنتجة، فيضخ المستثمرون رؤوس أموالهم في قطاع الفنون والثقافة لتحقيق الربح والرفع من حجم المعاملات. ومثلما هو معلوم، فإن اهتمام الدول بالثقافة وصناعاتها وسياساتها قد أضحى واحدا من أهم العناصر والأسس لبسط سيادتها وبناء مقومات شخصيتها، لأن الهيمنة على الشعوب أصبحت ترتدي لبوس الثقافة والفن بعد أن تغيّرت سبل الهيمنة لتتجاوز النظريات التقليدية التي تعتمد القوة المباشرة، لذلك سعت الدول السائرة في طريق النمو، في السنوات الأخيرة، إلى محاولة تطوير وبناء ثقافتها وتراثها المادي واللامادي عبر البدء في سنّ سياسات ثقافية تجعلها تنافس باقي الدول وتضمن مكانتها بين الأمم وتحقّق هوياتها المحلية دون التفريط في الانفتاح على الأفق الكوني.
يتضمن الكتاب تسع مقالات، أنجزها باحثون جامعيون؛ عز الدين بونيت: "الاستشراف الثقافي وأسس السياسات الثقافية، حاجيات المغرب"، وكتب مراد القادري عن "السياسة الثقافية: الفُرص الضائعة"، ومسعود بوحسين حول "السياسة الثقافية بالمغرب للمجتمع أم للثقافة"، وساهم أحمد بلاطي بمقالة بعنوان:" السياسة الثقافية في قطاع التربية والتكوين"، وعبد العزيز الراشدي "الثقافة المغربية وسؤال الهامش"، وعطاء الله الأزمي "السياسة الثقافية والمسألة اللغوية الاستشراف الثقافي وأسس السياسات الثقافية، حاجيات المغرب"، وكتب سليمان الحقيوي عن "السينما والسياسات الثقافية بالمغرب"، فيما كتب حليد محمد عن "السياسات الثقافية في الإعلام"، ويوسف السباعي" السياسات الثقافية في المغرب وفق تحليل أصحاب المصلحة: محاولة فهم"، واختتم الكتاب بتقرير تركيبي قدمه مختبر السرديات بالدار البيضاء بعنوان:"الجامعة والثقافة من خلال نموذج مختبر السرديات".