مع بداية كل موسم دراسي، يعاني عديد من المدرسات والمدرسين وكذا الادارة المدرسية من مشكل الانضباط المدرسي والمتمثل في بعض المشكلات والمخالفات السلوكية المتفاوتة الخطورة نذكر من بينها لا الحصر: العصيان على المدرس والإدارة المدرسية والتغيب المتكرر وغير المبرر عن الحصص الدراسية والعنف اللفظي والجسدي وتخريب الممتلكات المدرسية والغش في فروض المراقبة المستمرة والامتحانات الاشهادية ناهيك عن بعض المخالفات اللاأخلاقية.. كل هذه المشكلات تشكل مظاهر لعدم الانضباط المدرسي.
إن الانضباط المدرسي يعني الالتزام بالسلوك الحميد واحترام مضامين القانون الداخلي للمدرسة واحترام لقواعد تنظيم الحياة الجماعية.. كما يشكل الانضباط المدرسي جانبا مهما من الحياة المدرسية. وللإنضباط المدرسي أهمية قصوى في المدارس بمختلف أسلاكها ومستوياتها في تحقيق أهداف العملية التربوية وتحقيق التلميذ الاجتماعي والخلقي الذي لا يمكن أن يتحقق في مؤسسات تربوية غير منضبطة.
ان الانضباط المدرسي شرط اساسي للتدريس والتعليم. فآنضباط التلاميذ يحقق للمدرس تحكما وضبطا في عملية التدريس ليصبح بمقدوره إكسابهم المهارات والمعارف التي يخطط لها. وبدون الإنضباط المدرسي لا يتحقق التدريس الفعال مما يؤدي إلى انخفاض التحصيل الدراسي لدى التلاميذ ويساهم في هدر الزمن المدرسي.
ان الانضباط المدرسي يسهل الاتصال والعلاقات الاجتماعية الجيدة بين التلاميذ أنفسهم ومع مدرسيهم والحياة المدرسية. كما يساهم الانضباط المدرسي في إيجاد بيئة مدرسية محببة ومشجعة ومحفزة عل التحصيل والتعلم. ويعلم كذلك التلاميذ أهمية احترام حقوق الآخرين وكرامتهم.
يعود عدم الانضباط المدرسي داخل عديد من المؤسسات التعليمية إلى مجموعة من الاسباب في مقدمتها القنوات الفضائية التي ألغت حدود الزمان والمكان وأصبح تأثير الأسرة والمدرسة ضعيفا على الأطفال مقارنة بتأثير القنوات الفضائية الوافدة وقنوات التواصل الإجتماعي. ومن أسباب عدم الانضباط المدرسي كذلك ضعف التوجيه الأسري وضعف الاهتمام بالجوانب التربوية وانشغال عديد من الآباء والأمهات عن تتبع وتوجيه أبنائهم وبناتهم. فالواقع الراهني يبين تقديم عديد من الأسرة لآستقالتها في مساعدة المدرسة في مهامها النبيلة إضافة إلى التفكك الذي تعاني منه عديد من الأسر وآعتمادها على الخادمات وغيرها في تربية أبنائها. كما أن الفقر والجهل يساهم في عدم الانضباط المدرسي.
ان المدارس التي يتوفر فيها مناخ مدرسي هادئ ومنضبط داخل الفصول الدراسية وخارجها، غالبا ما يتحقق فيها الانضباط المدرسي. ومن أهم سمات البيئة التعليمية للمدارس المنضبطة الادارة المدرسية، المدرسون، أنظمة السلوك وطرق التعامل مع المشكلات والبرامج والمناهج والأنشطة المدرسية.
ولتحقيق الانضباط المدرسي، ينبغي الاهتمام بالمدرسة وجعلها قادرة على التعامل بفعالية مع مشكلات عدم الإنضباط وذلك بتنظيم دورات تكوينية للمدرسين ومديري المدارس في كيفية التعامل مع التلاميذ وضبط المدرسة وكذلك الفصول الدراسية ووضع أنظمة وقواعد واضحة للسلوك وطرق التعامل مع كل المخالفات السلوكية. إضافة إلى إعداد مدرسين على بناء مهاراتهم الاجتماعية مثل مهارة الإتصال وحل المشكلات وتطوير مهارات التدريس لدى المدرسين والاهتمام ببرامج الأنشطة اللاصفية وإشراك جميع التلاميذ وبصحة خاصة الأكثر وقوعا في المخالفات.
وصفو ة القول، فنجاح العملية التعليمية بمدارسنا يقتضي بالدرجة الأولى فرض الإتضباط المدرسي الذي يمكن من تحقيق الأهداف التعليمية المسطرة وكذلك قيام مجلس التأديب بصفته هيئة المؤسسة التعليمية، بدوره والمتمثل في تنزيل العقوبات في حق التلاميذ الذين لا يختمون القانون الداخلي وفي نفس الوقت حماية حقوقهم. فالاجراء التأديبي يشكل وسيلة لضمان التقيد الصارم بالقانون الداخلي للمؤسسة التعليمية ويؤسس لاستقرار الحياة المدرسية.