مياد: فعالية مراجعة مدونة الأسرة رهين بإصلاح القوانين الموازية.. قانون المعاشات المدنية نموذجا

مياد: فعالية مراجعة مدونة الأسرة رهين بإصلاح القوانين الموازية.. قانون المعاشات المدنية نموذجا العربي مياد
وجه الملك محمد السادس رسالة سامية يوم  26 شتنبر 2023  إلى رئيس الحكومة رامية إلى إعادة النظر في القانون رقم 70.03 بمثابة مدونة الأسرة، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.04.22 بتاريخ 3 فبراير 2004، وتأتي هذه الرسالة حسب الديوان الملكي في اطار تفعيل القرار السامي الذي أعلنه جلالته في خطاب العرش لسنة 2022، وتجسيدا للعناية الكريمة التي يوليها جلالته للأسرة بصفة عامة .
وقد أكد جلالة الملك في هذا الكتاب على ضرورة مراجعة بعض بنود القانون المذكور، وخاصة تلك التي زاغ تطبيقها عن أهدافها شريطة أن يتم ذلك في إطار مقاصد الشريعة الإسلامية، والاتفاقات الدولية التي لا تخالف النظام العام الوطني.
وهنا لابد من التنويه بصدور مدونة الأسرة في داية الألفية الثالثة، وبالضبط سنة 2004، حيث كان الأمر آنذاك بمثابة ثورة  ثقافية وحقوقية شهد لها رجال القانون والفقه الإسلامي  والسياسة بالريادة، سواء من حيث المحتوى أو الشكل، على اعتبار أنها توخت إقرار المساواة بين الرجل والمرأة بخصوص الولاية وسن الزواج،وعدم تشتت الأسرة عن طريق تعدد الزوجات السائب، وجعل الطلاق تحت مراقبة القضاء، وتوسيع حق المرأة في طلب التطليق، فضلا عن حماية حق الطفل في النسب.
لكن الواقع العملي، مع مرور ما يقارب 20 سنة على صدورها، أثبتت وجود مجموعة من الثغرات والمساوئ بسبب كثرة التأويلات، والتعسفات التي مورست بها الحقوق الواردة في متن المدونة  من طرف الرجل والمرأة على حد سواء، مما يتطلب إعادة النظر في بعض بنودها، وذلكبما يكفل تماسك الأسرة في ضوء التطورات الاجتماعية والاقتصادية التي عرفها المجتمع المغربي .
والمتتبع لخطب جلالة الملك محمد السادس منذ اعتلائه عرش المغرب، يستنبط أنه ما فتئ  يؤكد على مكانة المرأة داخل الأسرة السليمة المتكاملة وليس المتنافرة. 
وهكذا جاء في الخطاب الملكي ليوم 20 غشت 1999بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب، بأنه :"كيف يتصور بلوغ رقي المجتمع وازدهاره والنساء اللائي يشكلن زهاء نصفه تهدر مصالحهن، في غير مراعاة لما منحهن الدين الحنيف من حقوق ..".
كما أكد جلالته في الخطاب المؤرخ في 27 أبريل 2001 بمناسبة تنصيب أعضاء اللجنة الاستشارية الخاصة بمدونة الأحوال الشخصية أنه : " اعتبارا لكون الشريعة الإسلامية قائمة على الوسطية والاعتدال وتحري مقاصد الإصلاح الاجتماعي، فإننا حريصون على ضمان حقوق النساء والرجال على حد سواء ...."
وتأكد هذا المنحى الإيجابي كذلك في الخطاب السامي ليوم 3 فبراير 2004 بمناسبة استقبال جلالته لرئيسي مجلسي البرلمان وتسليمهما لجلالته قانون مدونة الأسرة بعد المصادقة عليه بالإجماع، حينما قال : " كما أننا عازمون على أن نوفر لتفعيل مدونة الأسرة ليس فقط وسائلها المادية والبشرية وآلياتها القانونية ....".
يستشف مما سلف، بأن هناك إرادة ملكية سامية للنهوض بحقوق المرأة خاصة والأسرة عامة، بما يجعلها نواة صلبة للمجتمع الديمقراطي الحداثي المحافظ على هويته العربية والأمازيغية، فضلا عن خصائصه ودينه الحنيف، فهل التقط من يهمه الأمر الإشارات الملكية السديدة؟
لا نفشي سرا، إذا قلنا أن الذي حدث في الواقع العملي هو أنه كثرت الطلبات من فئة قليلة من المجتمعحتى تعالت أصواتها بمناسبة أو بدون مناسبة، وفي المقابل جوبهت  تلك الصيحات بالتعنت والتشنج من البعض الضئيل الأخر، وكل "حزب" ينظر للكأس الفارغ بمنظور متشائم، والنتيجة أنه كادت أن تفرغ مدونة الأسرة من كل بريقها، حتى أنه تم الترويج إلى أنه سجلت مختلف أحكام الأسرة في المغرب 800 حالة طلاق كل يوم، استنادا إلى طلبات التطليق للشقاق .
 وهكذا فإن قضايا  الطلاق والتطليق باستثناء سنة 2020، التي سجلت 105.471 حالة طلاق بسبب جائحة كورونا، فإن وثيرة الطلاق كانت مرتفعة، حيث انتقل عدد القضايا المسجلة سنة 2018 إلى 115.436، بعد أن كان العدد لا يتجاوز 107.136 قضية سنة 2017، وتواصل الارتفاع سنة 2021 بواقع 131.309 قضايا ( تقرير السلطة القضائية حول القضاء الأسري سنة 2023 بالصفحة 13 وما يليها ) .
ويتصدر طلاق الشقاق قائمة أنواع الطلاق المسجلة بين 2017 و 2021بـ421.036 من أصل 424.292 قضية التطليق، أي  بنسبة 71%، تليها حالات الطلاق الاتفاقي بـ123.221 قضية.
 وقدرت طلبات الإذن بزواج القاصر خلال الفترة  نفسها، بمعدل 25.678 طلب، كما تم تسجيل ما مجموعه 20.000  طلب للإذن بالتعدد، حيث تمت الاستجابة لما يعادل 39 % منها .  
كما كشفت الدراسة التشخيصية التي أنجزتها رئاسة النيابة العامة عن 1099 قاصر تزوجن  بين 2015 و2019 في سن 17 سنة و17 سنة ونصف، وأن فارق السن الغالب بين القاصرات وأزواجهن قد يتجاوز 20 سنة، وهذا ما يعرضهن لمختلف أنواع العنف المعنوي.
 ونحن في هذا المقام لا نرمي إلى تعداد عيوب تطبيق مدونة الأسرة ولا نقائصها ولا حتى حسناتها،  لأن ذلك يدخل في مهام اللجنة الرسمية لإصلاح مدونة الأسرة ومن قد تدعوهم للتشاور معها، وحسبنا القول أن جلالة الملك عندما دعا إلى إصلاح مدونة الأسرة، لم يلتقط الفاعلون الرسالة السامية، على اعتبار  بأن جلالته  في ذات الوقت يدعو إلى إصلاح كل القوانين المرتبطة بها مباشرة أو بطريقة غير بماشرة، تلافيا لكل ما من شأنه تقويض جوهر الإصلاح وغايته، فضلا عن بناء العمل القضائي على حيثيات متينة ليس فيها ما يخالف أحكام الشريعة الإسلامية أو يضر بمصالح الأسرة عامة والأطفال خاصة.
وفي هذا الإطار نضرب على سبيل المثال مقتضيات القانون رقم 71-011 المؤرخ في 12 ذي القعدة 1391 (30 دجنبر 1971) والمحدث بموجبه نظام لمعاشات التقاعد المدنية، إذ أنهذا القانون لا محالة أضر ويضر بكل مجهودات الدولة في إصلاح قانون الأسرة ويصيب ايجابيته في مقتل، كما سنوضح على النحو التالي: 
 -أولا  بالنسبة لحقوق الأرملة: ينص  الفصل 31 من القانون أعلاه على أنه:
"يسوغ لأرملة أو أرامل الموظف أو العون ولأيتامه أن يطالبوا عند وفاته براتب لذوي الحقوق طبق الشروط المنصوص عليها بعده.ويضيف الفصل الموالي  على أنه يتوقف اكتساب الحق في راتب الأرملة على الشرطين الآتيين:
- أولا:
أ) أن يكون الزواج قد دام سنتين على الأقل.
ب) أن يكون الزواج قد عقد قبل الحادث الناتجة عنه الإحالة إلى التقاعد أو وفاة الزوج إذا حصل هذا الزوج أو كان في إمكانه الحصول على معاش تقاعد ممنوح حسب الحالة المنصوص عليها في الفصل 4 (ف 2) أعلاه أو أن يكون قد دام سنتين على الأقل.
لا يطالب في جميع الأحوال بأي مدة عند وجود ولد أو عدة أولاد من الزواج المذكور.
ثانيا: ألا تكون الأرملة قد طلقت طلاقا غير رجعي ولا تزوجت من جديد ولا جردت من حقوقه ."
وبالرجوع إلى الفقرة 2 من الفصل 4 أعلاه نجدها تنص على أنهمن غير تقيد بقضاء مدة معينة في الخدمة: فيما يخص الموظفينوالمستخدمين الذين حذفوا من أسلاك الموظفينأو المستخدمين المنتمين إليها بسبب إصابتهم بعجز، سواء أكان ناشئا عن ممارسة المهام المنوطة بهم أم غير ناشئ عنها "أرملة والحق في راتب" لا يتجاوز 50% ويقسم إلى أقساط:
والملفت للانتباه والدهشة أحيانا، أنه تخول أرملة أو أرامل الموظف أو العون الحق في راتب لا يتجاوز  50% من معاش التقاعد الذي حصل عليه الزوج أو كان من الممكن أن يحصل عليه يوم وفاته،  ويضاف إليه عند الاقتضاء نصف راتب الزمانة الذي كان يستفيد منه الزوج أو كان من الممكن أن يستفيد منه.ويقسم هذا الراتب في حالة وفاة الزوج عن عدة أرامل تمكنهن المطالبة براتب إلى أقساط متساوية بينهن.
هذا، وإنه إذا تزوجت أرملة من جديد أو توفيت أو جردت من حقوقها فإن الراتب الذي كانت تستفيد منه أو كانت في إمكانها المطالبة به يقسم إلى أقساط متساوية بين أولادها الأيتام .
وهنا نتساءل بأي حق يقسم المعاش للنصف بعد وفاة المستفيد؟ أليس هذا حقا ماليا ينتقل كليا إلى خلفه بعد الوفاة ؟ 
ثالثا: حقوق أيتام الموظف الهالك في المعاش 
يتوقف اكتسابالحق في راتب الأيتام على الشرطين الآتيين:
-أن يكون الولد شرعيا.
-ألا يكون متزوجا أو بالغا من العمر أكثر من 16 سنة، غير أن هذا الحد من السن يرفع إلى 21 سنة فيما يرجع للأولاد الذين يتابعون دراستهم.
ولا يمكن التعرض بأي حد للسن على الأولاد الذين يعانون بسبب عاهات عجزا تاما ومطلقا عن العمل وذلك طيلة مدة هذه العاهات.
ويضيف الفصل 35 من نظام معاشات التقاعد المدنيةأعلاه ،أنه "يخول أيتام الموظف أو العون الحق في راتب يعادل 50% من معاش التقاعد الذي حصل عليه والدهم أو كان من الممكن أن يحصل عليه يوم وفاته. ويضاف إليه عند الاقتضاء نصف راتب الزمانة الذي كان يستفيد منه أو كان من الممكن أن يستفيد منه.
غير أنه في الحالة التي لا يترك فيها الموظف أو العون أرملة بإمكانها أن تطالب بالحق في المعاش فإن مبلغ معاش الأيتام يرفع إلى نسبة 100%.
ويقسم معاش الأيتام إلى أقساط متساوية بين جميع الأيتام الذين يمكنهم المطالبة به. غير أنه 
عندما يتوفى أحد الأيتام أو يسقط، لسبب من الأسباب، حقه في المعاش يكون نصيبه غير قابل للتحويل إلى الغير.
هذا ومن جهة أخرى، فإن الأولاد الذين كانت أمهم موظفة ثم توفيت وهي تنتفع براتب تقاعد أو راتب زمانة أو تتوفر على الحق في هذين الراتبين يخولون إذا توفي والدهم وكانوا يستوفون الشروط  القانونية السالفة الذكر،الحق في نيل راتب أيتام يعادل 100% من معاش التقاعد، ويضاف إليه عند الاقتضاء راتب الزمانة الممنوح لوالدتهم. ويخفض مبلغ راتب الأيتام إلى النصف إذا كان الوالد على قيد الحياة.ويقسم هذا الراتب عند الاقتضاء إلى أقساط متساوية بين الأيتام المذكورين.
ويدخل في حكم ولد شرعي الولد غير الشرعيالثابتة بنوته بالنسبة لهذه المرأة الموظفة والذي تتوفر فيه شروط السن أو العجز، وبذلك يكون هذا القانون لا يميز  بين الولادة داخل مؤسسة الزواج أو خارجها في مخالفة صريحة للقوانين المحافظة . 
رابعا: حقوق أصول الموظف الهالك في المعاش المدني:
 إذا توفي الموظف أوالمستخدم بسبب العجز استحق والده ووالدته إذا كان يعولهما في تاريخ وفاته معاشا يسمى "معاش الأبوين"،ويصرف هذا المعاش لكل من الأب والأم  على حدة، ويساوي مبلغ ما يستحقه كل منهما مبلغ المعاش المستحق للأرملة كما رأينا.وإذا مات للأبوين معا  أو أحدهما عدة أولاد صرف لكل منهما عن كل ولد كان يعولهما علاوة  قدرها 20 %  لا غير من مبلغ معاش الأبوين  المستحق لكل واحد منهما.
ومما ينبغي التذكير به في هذا الصدد،  أنه لا يشترط لقبول طلب الحصول على معاش الأبوين أن يتم تقديمه داخل أجل محدود، ويستحق هذا المعاش من فاتح الشهر الذي يلي تاريخ وفاة الموظف أو المستخدم المستحق عنه، دون إغفال المقتضيات القانونية المتعلقة بالتقادم، وفي جميع الأحوال تفقد الأم حقها في "معاش الأبوين" إذا تزوجت بعد ترملها أو طلاقها...
والملفت للانتباه، أنه طبقا  للمادة الثالث والأربعون من الظهير الشريف رقم 1.58.117  الصادر في فاتح غشت 1958 في شأن معاشات الزمانة  المستحقة للعسكريين كما وقع تعديله وتتميمه، في حالة عدم وجود٧ أبوين العسكري المتوفى أو المفقود تخول حقوقهما في معاش ابنهما إلى أي شخص أثبت أنه قام بتربية العسكري والنفقة عليه وكان له بمنزلة الأبوين أو أحدهما مدة 10 سنوات على الأقل إلى أن يبلغ 16 سنة .
 ونعتقد بأن مثل هذه المقتضيات يجب أن تمتد  كذلك للمعاشات المدنية، على اعتبار أنها فيها إنصاف نسبي لزوجة الأب التي قد تسهر على تربية المدني الذي لم تلده من صلبهاولكن ابنا لزوجها من امرأة أخرى، وكذا بالنسبة لزوج الأم مع ابن أو ابنة زوجته من زوج سابق .
خامسا: معاش زوج الزوجة الهالكة:
طبقا لقانون المعاشات المدنية أعلاه، ولا سيما الفصل 36، إذا توفيت موظفة أو مستخدمة استحق زوجها عنها، معاشا قدره 50% من المعاش الذي كان يصرف لها أو كان لها الحق في الحصول عليه يوم وفاتها. مضافا إليه نصف معاش الزمانة الذي كانت تتمتع به أو كان من حقها أن تحصل عليه، شريطة أن  يكون على الخصوص الزواج قد دام سنتين، وأن يكون الزواج قد عقد قبل الحادث الناتجة عنها الإحالة على التقاعد أو الوفاة، وألا تكون الأرملة قد طلقت طلاقا غير رجعي، ولا تزوجت من جديد، ولا جردت من حقوقها .
ويؤجل استحقاق الزوج للمعاش "الآيل إليه من زوجته المتوفاة إلى فاتح الشهر الذي يلي تاريخ بلوغه "حد السن  القانوني لإحالة الموظفين والمستخدمين على التقاعد. 
بيد أنه إذا ثبت أن الزوج مصاب بعاهة أو بمرض عضال يجعلانه عاجزا نهائيا عن العمل، فإن استحقاق المعاش يبتدئ من فاتح الشهر الذي يلي تاريخ ثبوت ذلك . غير أنه ينقطع صرف المعاش المستحق للزوج عن زوجته المتوفاة إذا تزوج بعد وفاتها أو سقط حقه فيه.
ولا يمكن للزوج الذي فقد أكثر من زوجة موظفة مدنية كانت أو عسكرية أن يطالب إلا بمعاش الأرمل الأوفر مبلغا.
وإذا توفي الزوج أو تزوج أو سقط حقه في المعاش المستحق له عن زوجته المتوفاة فإن المعاش الآيل له منها الذي كان يتمتع به أو كان له الحق في الحصول عليه قبل وفاته أو زواجه أو سقوط حقه يقسم بالتساوي بين أولاده المستوفين للشروط القانونية المطلوبة.
أليس في هذا ظلم اقتصادي على الزوج أو الزوجة الأرملة، حيث بمجرد وفاة من يعولها  تكون مضطرة لاقتسام معاشها مع الصندوق المغربي للتقاعد وكأن يرث معها ؟ ثم لماذا  يؤجل استحقاق الزوج للمعاش الآيل إليه من زوجته المتوفاة إلى فاتح الشهر الذي يلي تاريخ بلوغه د السن  القانوني لإحالة الموظفين والمستخدمين على التقاعد. فما المغزى من هذا التوجه خاصة إذا كان فقيرا لا معيل له ؟ 
تحويل الأموال الخاصة لفائدة صناديق الدولة فيغياب أي تقعيد قانوني سليم:
والخلاصة العامة، أنه إذا كان للجمعيات الحقوقية المهتمة بحقوق المرأة من مرافعة جدية فالمفروض وبالأولوية القصوى أن تناضل وتنافح من أجل ضمان حقوق الأيتام والأرامل ذكورا ونساء والأبوين - الأب والأم - اللذين فقدا معيلهما، وذلك بالحصول على كل المستحقات عوضا عن نسب مائوية منها،  مادام أن كل المبالغ المقتطعة من راتب أو أجر المستخدم أوالموظف الهالك  قيد حياته تعتبر أموالا خاصة وإدخارا يشمل حتى الفوائد القانونية  عن تشغيله، ولا يحق للدولة  أن تحولها كليا أو جزئيا  لفائدة الصناديق التي تشرف عليها  بجرة قلم وفي غياب أي تقعيد قانوني سليم، وإلا اعتبر ذلك العمل إثراء بلا سبب عادل.
ولا يفوتنا أن ننوه أن جلالة  الملك  كان صريحا وواضحا في رسالته السامية الموجهة إلى رئيس الحكومة المشار إليها أعلاه، عندما تضمنت أنه " وطبقا لأحكام الفصل 78 من الدستور، فإن الحكومة مخولة لاتخاذ المبادرة التشريعية في هذا الشأن ، وهي التي يعود لها أمر القيام بهذه بالمهمة ."
لذلك لم يكن هناك أي مبرر لدى بعض أعضاء الحكومة ومعها أغلبيتها البرلمانية لانتظار حتى يوجه جلالة الملك رسالته السامية إلى رئيس الحكومة من أجل الانكباب على تعديل مدونة الأسرة، باعتبارها نص وضعي  وليس وحي الهي، حتى يتماشى مع التطور الذي عرفه المجتمع المغربي الإسلامي، فضلا عن سد "العور" الذي عرفته في المجال العملي، علما أن المدونة تسري على اللاجئين، بمن فيهم عديمو الجنسية والعلاقات المختلطة التي يكون أحد الطرفين مغربيا سواء كان مسلما أو غير مسلم، ويستثنى منها اليهود المغاربة الذين يخضعون لقواعد الأحوال الشخصية العبرية المغربية، وهي بالمناسبة لا يتم الحديث عن تعديلها أو تجويدها، سواء بالنسبة للصداق وإشهار عقد الزواج وشكله، وموانع الزواج، وبصفة عامة شروط صحة الزواج، مما يطرح أكثر من علامة استفهام ؟