يوسف لهلالي:"الذين يخاطرون بحياتهم في البحر ليسوا غزاة بل هم طالبو ضيافة"

يوسف لهلالي:"الذين يخاطرون بحياتهم في البحر ليسوا غزاة بل هم طالبو ضيافة" يوسف لهلالي
"الذين يخاطرون بحياتهم في البحر ليسوا غزاة، بل هم طالبو ضيافة" بهذه الكلمات توجه البابا فرنسيس الى الفرنسيين والاوربيين، خلال زيارته لهذه المدينة من اجل التنديد بما يتعرض له المهاجرون في البحر المتوسط الذي تحول الى مقبرة امام تنامي خطاب سياسي معادي للهجرة وتجييش لراي العام ضدها خاصة بفرنسا وإيطاليا. حيث يموت عدد كبير من الشباب الافريقي اثناء محاولتهم الوصول الى اوربا في البحر المتوسط.
ويحاول البابا مند وصوله الى الفاتيكان التحسيس بهذه الماسات الإنسانية وهذا الموت على أبواب اوربا الذي يحصد عدد كبير من الشباب الفارين من ويلات الحرب والكوارث الطبيعية التي تضرب افريقيا وعدد من مناطق العالم.
البابا مند وصوله الى الفاتيكان اختار ان يضع الاهتمام بالهجرة والماسي التي تتسبب فيها كأحد أولوياته، وقام مند تقلده مسؤولية الفاتيكان بزيارة الى جزيرة لومبيدوسا التي أصبحت البوابة الرئيسة لدخول المهاجرين وكذلك مقبرة للذين تبتلعهم أمواج البحر، واليوم بعدد مرور 10 سنوات علة زيارة البابا فرانسيس لجزيرة لوومبيدوزا حيث كانت اول تحرك له بعد اعتلائه كرسي البابوية، وكانت إشارة قوية منه تجاه الضعفاء وتجاه كل هؤلاء المهاجرين الذين يموت جزء منهم عند قطع البحر.
وفي صلاته بمرسيليا احد منارات المتوسط ومدينة الهجرة والتلاقح الحضاري مند عدة قرون قال البابا في صلاته مع اتباعه أن الهجرة التي احتلت صدارة المشهد في إيطاليا في الأيام الماضية مع وصول آلاف الأشخاص الذين انطلقوا من سواحل شمال افريقيا الى جزيرة لامبيدوسا، تمثل "تحديا غير سهل".واضاف "لكن ينبغي مواجهته معا لكونه أساسيا من أجل مستقبل الجميع الذي سيكون مزدهرا فقط إذا بني على الأخو ة، وبوضع الكرامة البشرية والأشخاص، لاسيما الأشد عوزا، في المقام الأول".
هذا التذكير للأوربيين الأغنياء الذين يتفرجون على ماسات افريقيا التي تنهب خيراتها بالقول ان المستقبل غير ممكن بدون حفظ الكرامة البشرية ومواجهة افاة الفقر التي يعتبر الجميع مسؤولا عنها خاصة لقوى الاستعمارية التي استغلت القارة الافريقية.
خطاب البابا مند تحمله المسؤولية سنة 2013 يحرج القادة الاوربيين ويضعهم امام مسؤوليتهم السياسية والأخلاقية امام هذه الماسات الإنسانية، وكذلك السياسيين خاصة من اليمين واليمين المتطرف الذين يضمون في صفوفهم عدد من الناخبين من المسحيين المحافظين.
هذا الخطاب الإنساني للبابا الى اتباعه يقابله خطاب متشدد للمسؤولين الاوربيين ، " يتعين علينا حماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، خصوصا النظر فور ا في طلبات اللجوء، وإعادتهم إلى بلادهم إن كانت غير مقبولة".يقول وزير الداخلية الفرنسي جيرار درمنان خلال زيارته لإيطاليا الأسبوع الماضي حول الوضع الهجرة بجزيرة لامبيدوزا ،

ويهدف وزير الداخلية الفرنسي من خطابه هذا ازداء الهجرة الى التجاوب مع الفئة المتشددة من ناخبيه و " تهدئة التوتر مع الحكومة الإيطالية المشكلة من ائتلاف اليمين واليمين المتطرف والتي انتقدت رئيستها جورجيا ميلوني نقص التضامن الأوروبي مع بلادها التي استقبلت حوالى 130 ألف مهاجر في 2023."
فون دير لايين رئيسة المندوبية الاوربية هي الأخرى عرضت خطة طارئة لمساعدة إيطاليا، من خلال تقوية نشاط الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود والسواحل (فرونتكس) في مجال مكافحة المهربين، وتسريع الدعم المالي لتونس التي ينطلق منها غالبية المهاجرين، وتعزيز "المسارات القانونية" للهجرة نحو القارة. ووصول عدد من المسؤولين الاوربيين الى جزيرة لومبيدوزا وسط احتجاجات السكان على الوضع بالجزيرة الذي تأثر بالوصول الكبير للهجرة. وبموازنات وصول المسؤولين الأوربيين وصل بعض قادة اليمين المتطرف الى الجزيرة للاستفادة من هذه الوضعية واخذ صور لهذه الماسات الإنسانية على أبواب اوربا.
زيارة البابا هذه الى مدينة مرسيليا خلقت نوعا من الاحراج للمسحيين خاصة الذين ايدوا الخطاب السياسي المعادي للهجرة وهؤلاء المحافظين الذين لم يتردد البعض منهم في انتقاد تدخلاته السياسية "واتهموه بالقيام بالكثير تجاه المهاجر"
لكن البابا تميز موقفه بالشجاعة في الدفاع عن مبدئه تجاه التعامل الإنساني والعادل مع الهجرة، وهو الامر الذي كرره خلال يومين بمرسيليا وفي مختلف اللقاءات وشدد على أن الهجرة "واقع ثابت في زمننا وهي ظاهرة تشمل ثلاث قارات حول البحر الأبيض المتوسط، ويجب التعامل معها بحكمة وبعد نظر، بمسؤولية أوروبية رغم الصعوبات الواقعية."
مشيرا إلى الخطر الذي يتهدد حياة المهاجرين إذا لم يتم نقلهم إلى بر الأمان، "هناك صرخة المدوية أكثر من أي شيء آخر والتي تحول بحرنا إلى بحر الأموات، وتحول البحر الأبيض المتوسط من مهد الحضارة إلى قبر الكرامة."يقول الحبر الأعظم.
وجاءت زيارة البابا بعد أيام قليلة على وصول آلاف الأشخاص إلى جزيرة لامبيدوسا الإيطالية، الأمر الذي دفع الاتحاد الأوروبي إلى تبن ي خطة طوارئ لمساعدة روما على إدارة تدفقات الهجرة من شمال إفريقيا.
فهل سيسمع الفرنسيون والاوربين الى نداء قائدهم الروحي ودعوته الى الإنسانية والتضامن في التعامل مع الماسات التي يعرفها البحر المتوسط ام انهم سوف يتبعون خطاء الخوف والعداء الذي بدأ ينتشر وسط السياسيين بأوروبا.