هل يستحق المخرج حكيم بلعباس إدارة المعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما؟

هل يستحق المخرج حكيم بلعباس إدارة المعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما؟ المخرج حكيم بلعباس
تتمثل قيمة وأهمية المعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما بالرباط ( ISMAC ) في كونه المؤسسة الوحيدة في المغرب القادرة على تأهيل وإعداد أطر عليا متخصصة في جميع المهن ذات الصلة بالسينما والمجال السمعي البصري، للأسف المؤسسة عرفت منذ انطلاقها نوعا من الإرتجالية في التأسيس والتنظيم تلتها مشاحنات وتجاذبات ووقفات، أثرت على أهدافها ونتائجها، ثم مرحلة من التوازن وإعادة بعضا من الهدوء، يتوزع الطلبة في هذا المعهد بين شعبتين، شعبة تقنية تتضمّن الصورة والصوت وما بعد الإنتاج، وشعبة فنّية وتتضمن كتابة السيناريو والإخراج والإنتاج، وتتيح لهم الحصول على شواهد في الإجازة والماستر والتخرج كمهندس دولة.
 
حسب الأخبار المتداولة منذ البارحة فالمخرج المغربي حكيم بلعباس عُين مديرا جديدا لهذا المعهد خلفا لعبد الرزّاق الزاهر، وأظن أن هذه ليست المرة الأولى التي سيحتك بها بلعباس بدواليب هذه المؤسسة، فقد سبق أن انتخب رئيسا تنفيذيا للمعهد من طرف أعضاء المجلس الإداري انذاك، وكان ذلك سنة 2015 إبان الوزير مصطفى الخلفي والمدير محمد بلغوات الذي أعفي من منصبه بعد ذلك.
 
حكيم بلعباس تنتظره الكثير من التحديات والآمال لتجاوز التجارب السابقة بما لها وما عليها من إنجازات وإخفاقات، لكن من هو حكيم بلعباس ولماذا ارتاح الكثيرون لتعيينه في هذا المنصب؟ حكيم بلعباس ليس مبدعا سينمائيا يغرد خارج السرب وحسب، بل هو أكاديمي ومؤطر مشبع بالمهارات البيداغوجية بحكم احتكاكه بالطلبة باعتباره أستاذا جامعيا للإخراج السينمائي والإنتاج بشيكاغو، مساره الأكاديمي انطلق من جامعة محمد الخامس بالرباط شعبة الأدب الانجليزي، ثم تنقل بين فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية ليستقر بهذه الأخيرة كأستاذ كما قلتُ، وذلك بعد حصوله على شهادته العليا من كلية كولومبيا في شيكاغو، استعانت به قطر في مرحلة ما لإعاد هيكلة قسم تعليم الأفلام والمنح في معهد الدوحة للأفلام، وساهم منها في إطلاق مهرجان قمرة السينمائي، كما كان عضوا في لجنة المنح في مؤسسة الدوحة للفيلم.
 
تحمُّل المسؤولية الإدارية في مؤسسة تعليمية سينمائية أو فنية بشكل عام، لا يحتاج الى مبدع بل إلى إداري له خبرات في الإدارة، وله قدرات ومهارات على التواصل بينه وبين موظفيه والطلبة، وله القدرة أيضا على تسيير فريق عمله بسلاسة باعتباره واحدا منهم، لا يمارس عليهم السلطوية والديكتاتورية، وفرض الأمر الواقع، يبتعد عن المحاباة والصراعات، يمارس حقه المهني داخل الإطار القانوني المكفول له، له برنامج مدروس يعمل المستحيل على تحقيقه بكل طاقته وإمكانياته المتاحة، ميزة حكيم بلعباس أنه يجمع بين الإبداع من جهة، والخبرة في المجالات التي تتطلبها المؤسسة التعليمية، أعني الخبرة الأكاديمية والإدارية والبيداغوجية، وفن التواصل...الخ.      
    
المدير في العموم لا يعتبر بطلا أثناء ممارسة عمله وواجبه، بل هو جزء من المنظومة الإدارية، وعضو داخل فريق عمله، وبما أن حكيم بلعباس لا يؤمن بالبطل داخل إبداعه وأفلامه، ويعتبر بالنسبة له البطل الحقيقي هو اللابطل، فحتما سيمارس نفس المبدأ في مهمته الجديدة بعيدا عن المدير المتسلط الديكتاتوري الذي يسعى لأن ينصب نفسه بطلا ولو على حساب اجتهادات وإنجازات فريقه ككل كما فعل ويفعل البعض، في حوار سابق له مع الجزيرة يقول حكيم بلعباس (في أفلام الأخوين “كوين” لا يوجد مفهوم البطل، بل مجرد أشخاص عاديين يجدون أنفسهم في ظروف أكبر من قدراتهم، فالمهم في أفلام الأخوين “كوين” هو كيف يتعامل الشخص العادي مع الظروف الصعبة بغضّ النظر عن النهاية، وهذه هي فكرتي أنا أيضا حول مفهوم البطل.).
 
المهم في الأخير هو الإجتهاد وكيفية التعامل مع الظروف الصعبة بغضّ النظر عن النهاية كما قال، خصوصا داخل مؤسسة عانت الكثير، ومن هذا المبدأ والمنطلق النبيل أظن أن حكيم بلعباس سيتجاوز ضمن فريقه كل العقبات والظروف الصعبة التي ستتعرض لها مؤسسته، هذا إن تركوه يشتغل بطبيعة الحال.