*الخصوم يلومون طهران
ويلقي منتقدو المالكي باللائمة عليه في إقصاء السنة عن الحكومة في بغداد مما أذكى التوتر الطائفي وأتاح للمتشددين مثل مقاتلي الدولة الاسلامية الحصول على تأييد واسع بين السنة في العراق.
وقال رضا مراشي مدير الأبحاث في المجلس الوطني الإيراني الأمريكي إن إيران ساهمت جزئيا في صعود الدولة الإسلامية لأنها لم تفعل شيئا لتحجيم الميول الطائفية لحليفها المالكي.
وأضاف مراشي "لقد تمادت ايران كثيرا ... ومن خلال سعيها لتوسيع مصالحها مع حلفائها العراقيين على حساب أطراف محلية وخارجية أخرى أنظر ماذا حدث. لقد ساعدت حكومة المالكي في صعود الدولة الاسلامية في العراق والشام".
وطوال فترة الاحتلال الأمريكي للعراق التي انتهت عام 2011 اتهمت واشنطن طهران بتمويل وتسليح وتدريب جماعات شيعية مسلحة نفذت بعضا من أشد الهجمات دموية ضد القوات الأمريكية فضلا عن عمليات انتقامية ضد السنة. وعادت هذه الجماعات للظهور في الأشهر القليلة الماضية وانضمت للقتال ضد المتشددين السنة.
وقال مسؤول أمني عراقي رفيع المستوى طلب عدم نشر اسمه لعدم التصريح له بالحديث لوسائل الاعلام إن ايران عبأت زهاء 20 الف رجل من الميليشيات الشيعية العراقية التي مولتها ودربتها.
وأضاف المسؤول العراقي أن المقاتلين ينتشرون من سامراء جنوبا حتى بغداد وفي المناطق الزراعية جنوب العاصمة.
وقال المسؤول إن آلافا آخرين من المقاتلين العراقيين استقدموا من سوريا حيث كانوا يساعدون في الدفاع عن نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وانضم بعض هؤلاء إلى الوحدات التابعة لوزارتي الداخلية والدفاع العراقيتين في حين أن بعض المجموعات انتشرت منذ الربيع بمباركة من المالكي ووضعت تحت قيادة الجيش العراقي أثناء قتال الجيش بادئ الأمر في غرب العراق وفي المناطق الريفية النائية المحيطة ببغداد.
بالإضافة إلى ذلك قالت مصادر مطلعة على نشاط حزب الله اللبناني إن هناك عشرات من مقاتلي الحزب يقاتلون في العراق. ويحارب مقاتلو حزب الله في سوريا لدعم الأسد منذ أكثر من عامين. ويمثل وجودهم في العراق اليوم مؤشرا على أبعاد إقليمية أوسع للصراع الطائفي بين السنة والشيعة.
وأضافت المصادر أنه على خلاف مقاتلي حزب الله في سوريا فان رجال الحزب في العراق هم من المقاتلين المتمرسين في المعارك ويتولون قيادة وإدارة العمليات العسكرية. وقتل ابراهيم الحاج -أحد القادة الميدانيين لحزب الله وأحد قيادات حرب يوليو تموز عام 2006 بين حزب الله واسرائيل- بالقرب من الموصل في الآونة الأخيرة.
يأتي تواجد الحرس الثوري الإيراني في العراق أيضا بعد أشهر من الدعم العسكري من فيلق القدس لقوات الأسد في سوريا. وكان مسؤولون ايرانيون كبار قد نفوا وجود أفراد من الحرس الثوري في سوريا حتى بدأت المواقع الالكترونية التابعة للحرس الثوري والباسيج في نشر صور ومقاطع فيديو عن جنازات المقاتلين الايرانيين الذين قتلوا في سوريا.
ولم تظهر تلك التقارير عن مقتل أفراد الحرس الثوري الايراني في سوريا على المواقع الالكترونية إلا بعد مرور أكثر من عام على بداية الحرب في سوريا. وفي المقابل فإن مقتل الرجال الثلاثة من الحرس الثوري بالعراق في منتصف يونيو حزيران يشير فيما يبدو إلى أن قوات الحرس الثوري دخلت سريعا إلى ساحة القتال في العراق.
وإلى جانب شيرخاني دفن رجل آخر من الحرس الثوري الايراني يدعى شجاعت علمداري مرجاني في مدينة شيراز في جنوب ايران في الرابع من يوليو حزيران الماضي. وقالت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الايرانية الرسمية إن مرجاني وهو طيار "نال الشهادة وهو يدافع عن المرقد في سامراء".
ولم تذكر الوكالة في تقريرها أي تفاصيل بشأن ما إذا كان مرجاني قتل في سامراء في معركة برية أو وهو يقود طائرته في مهمة عسكرية. وأظهرت الصور التي نشرتها وكالة فارس للأنباء صورة لمرجاني وضعت على نعشه وهو يرتدي زي الحرس الثوري الايراني ووصفته بأنه كولونيل.
وقبل يومين فقط من مقتل مرجاني نشر المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن تقريرا ذكر فيه أن ايران سلمت للعراق بضعة طائرات مقاتلة من طراز سوخوي25 التي يستخدمها الحرس الثوري.
وأشار التقرير إلى أن "هذه المقاتلات سلمت إلى العراق على الارجح بطيارين إيرانيين" لكن من غير الواضح من سيقود هذه المقاتلات فور تسليمها للعراق.
وأورد موقع هنجام الاخباري الايراني مقتل العنصر الثالث في الحرس الثوري علي رضا مشجري في منتصف يونيو حزيران الماضي. وتضمن التقرير الذي اعتمد على مصدر اخباري لبناني صورا لمشجري وهو يرتدي زي الحرس الثوري واشار إلى انه قتل في كربلاء جنوب غرب بغداد أثناء دفاعه عن مواقع مقدسة هناك.
ولم يشهد محيط كربلاء ذات الاغلبية الشيعية قتالا متواصلا -بعكس سامراء- رغم حدوث هجمات متقطعة في المنطقة.
وعلى خلاف الوضع في سوريا حيث تدافع إيران عن الأسد بشراسة تأمل واشنطن والعواصم الغربية أن تستخدم إيران نفوذها في العراق لتشكيل حكومة تضم كل الأطياف السياسية في محاولة لنزع فتيل الأزمة.
وقال كريم ساجدبور المحلل الإيراني في مركز كارنيجي للسلام الدولي في رسالة بالبريد الإلكتروني "خلص الإيرانيون فيما يبدو إلى انه لا يمكنهم الحفاظ على مصالحهم في سوريا دون الأسد وهو ما لم يخلصوا إليه بخصوص المالكي".
وأضاف "لكن السؤال المطروح هنا يتعلق بما إذا كان هناك بديل للمالكي يكون سياسيا عراقيا وحليفا مخلصا لإيران وفي الوقت نفسه شخصية مقبولة من السنة والأكراد".