بلقاسم أمنزو: رسالة إلياس العمري

بلقاسم أمنزو: رسالة إلياس العمري بلقاسم أمنزو
ربما يكون إلياس العمري قد لاحظ -عندما كان  يقود "الجرار" ويحرث الجبال والهضاب والسهول، وعندما خاطب الناخبين والناخبات للتصويت لصالح حزبه إن أرادوا التغيير- أن الصحافة لم تكن تقوم بواجبها في "معالجة" المعلومات وإيصال معاناة الناس إلى الحكام، وأنها لم تكن "محترفة" وهي تلتقط الإشارات في خدمة الخبر.
 لهذا قرر إذن التخلي عن "الجرار" والحرث، و توارى إلى الظل للتفكير في طريقة جديدة ومتجددة ل"معالجة" أخبار السياسة ومناورات السياسيين ووعودهم الانتخابية، و مفاوضاتهم في الكواليس من أجل بناء التحالفات وتزيين الواجهات. 
بعد أن كان لاعبا محترفا يجيد المراوغات والضربات الثابتة، قرر أن يلتحق باستوديو التحليل، لأنه يعرف حتى نوايا أي لاعب، وزواياه المفضلة عندما يستعد لتنفيذ ضربة جزاء وتسجيل الهدف، ويعرف متى سيتم تغيير لاعب ما،  ومن هو اللاعب الجاهز الذي سيخلفه.
هذا التشبيه يقودنا للقول أنه ربما قد يكون إلياس "بقبعته" الجديدة في هذا الميدان يستعد للدخول بعد أن نال "العياء" مِن الذي سيغادر مع كثرة احتجاجات الجماهير.
في الإعلام كما في السياسة والمال والأعمال والأقوال يعرف إلياس كيف يبدأ، وكيف يصعد بهدوء،  وكيف يتحكم في المصعد حتى يصبح صاحب القرار، والآمر الناهي في الميدان الذي "استثمر" فيه. 
من يسخرون اليوم من إلياس حين ظهر في مشهد الصحافي المتدرب، يمد ميكروفون لمواطنين بسطاء للإدلاء برأيهم، لن يجدوا غدا ولو فرصة التقاط صورة معه، أو نيل شرف مقابلة صحفية معه، بل كثير منهم سينزعج من "مصادره المطلعة" و"مصادره المتطابقة"و"الموثوقة" و"السباقة" و"الحصرية" ، ولن يكون الأمر سهلا بالنسبة لهم إذا  ما حاولوا الحصول على توضيح خبر ما، في وقت ما، ومكان ما، حيث سيكتشفون أن إلياس شخصيا هو جميع مختلف هذه "المصادر". (ماشي غير سامع، راه كان حاضر وشاهد عيان ). 
سيكتشفون آلة إعلامية في صورة "جرار" لكن بمحرك معدّل يسير على الطريق السيار الإخباري والتحليلي والمعلوماتي والفضائي، مرغما الآخرين على احترام مسافة الأمان.