القوات المسلحة الملكية.. نقطة مضيئة فـي إدارة كارثة الزلزال

القوات المسلحة الملكية.. نقطة مضيئة فـي إدارة كارثة الزلزال جهود القوات المسلحة الملكية تتواصل على مدار الساعة
بمجرد‭ ‬وقوع‭ ‬الهزة‭ ‬الأرضية‭ ‬التي‭ ‬ضربت‭ ‬مناطق‭ ‬عديدة‭ ‬من‭ ‬البلاد،‭ ‬أمر‭ ‬القائد‭ ‬الأعلى‭ ‬للقوات‭ ‬المسلحة‭ ‬الملكية،‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس،‭ ‬بنشر‭ ‬قوات‭ ‬الجيش،‭ ‬بشكل‭ ‬مستعجل،‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬المتضررة‭ ‬(الحوز،‭ ‬شيشاوة،‭ ‬تارودانت)،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬نزول‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الجنود‭ ‬مزودين‭ ‬بوسائل‭ ‬لوجيستية‭ ‬جوية‭ ‬مهمة‭ ‬(طائرات‭ ‬ومروحبات‭ ‬وطائرات‭ ‬بدون‭ ‬طيار)،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬وحدات‭ ‬تدخل‭ ‬متخصصة‭ ‬مكونة‭ ‬من‭ ‬فرق‭ ‬البحث‭ ‬والإغاثة،‭ ‬ومستشفى‭ ‬طبي‭ ‬جراحي‭ ‬ميداني،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬وسائل‭ ‬هندسية‭ ‬مهمة،‭  ‬وذلك‭ ‬بهدف‭ ‬تقديم‭ ‬الدعم‭ ‬الضروري‭ ‬للمنكوبين‭.‬
ويعتبر‭ ‬تدخل‭ ‬الجيش‭ ‬لإدارة‭ ‬كارثة‭ ‬هذا‭ ‬الزلزال‭ ‬نقطة‭ ‬مضيئة،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬الكارثة‭ ‬التي‭ ‬حلت‭ ‬ببلادنا‭ ‬خلفت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬2900‭ ‬قتيل،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬آلاف‭ ‬الجرحى‭ ‬والمشردين‭ ‬والأرامل‭ ‬والأيتام،،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يتطلب‭ ‬استخدام‭ ‬مهارات‭ ‬دقيقة‭ ‬و‭ ‬مبتكرة‭ ‬وسريعة‭ ‬لإعادة‭ ‬التوازن‭ ‬والسيطرة‭ ‬على‭ ‬الوضع،‭ ‬درءا‭ ‬للاضطرابات‭ ‬والتعقيدات‭ ‬التي‭ ‬تلازم‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الكوارث‭. ‬التي‭ ‬تتطلب‭ ‬دعماً‭ ‬وطنياً‭ ‬وإقليمياً،‭ ‬وأحياناً‭ ‬مساعدات‭ ‬دولية‭.‬
‭ ‬وللقوات‭ ‬المسلحة‭ ‬الملكية‭ ‬تاريخ‭ ‬مشرق‭ ‬ودور‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬سلسلة‭ ‬عريضة‭ ‬من‭ ‬الأزمات‭ ‬والكوارث،‭ ‬خصوصاً‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬الفيضانات‭ ‬وحرائق‭ ‬الغابات‭ ‬والأعاصير‭ ‬والأوبئة،‭ ‬وأيضا‭ ‬في‭ ‬الحالات‭ ‬التي‭ ‬ينجم‭ ‬عنها‭ ‬تدهور‭ ‬في‭ ‬الأوضاع،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الجيش‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يوفر‭ ‬المحيط‭ ‬الأمني‭ ‬الأساسي‭ ‬للمناطق‭ ‬المنكوبة،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬توفره‭ ‬على‭ ‬قدرات‭ ‬لوجيستية‭  ‬ومهارات‭ ‬عالية‭ ‬تمكنه‭ ‬من‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الأوضاع،‭ ‬والتعامل‭ ‬معها‭ ‬بأقصى‭ ‬سرعة،‭ ‬وبشكل‭ ‬احترافي‭ ‬منظم‭ ‬ومنضبط،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬امتلاكه‭ ‬لأنظمة‭ ‬الضبط‭ ‬والتحكم‭ ‬والمراقبة‭.‬
وفي‭ ‬حالة‭ ‬الزلزال،‭ ‬وإدراكا‭ ‬منه‭ ‬لقوة‭ ‬الهزة‭ ‬وهول‭ ‬الكارثة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يفوق‭ ‬قدرات‭ ‬الأجهزة‭ ‬المدنية،‭ ‬لم‭ ‬يتردد‭ ‬الملك‭ ‬محمد السادس‭ ‬في‭ ‬تعبئة‭ ‬الإمكانيات‭ ‬والقدرات‭ ‬التي‭ ‬تتوفر‭ ‬عليها‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭  ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تقديم‭ ‬الدعم‭ ‬والمساندة‭ ‬للوقاية‭ ‬المدنية،‭ ‬والمساهمة‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬الإجلاء‭ ‬والإنقاذ‭ ‬وانتشال‭ ‬الضحايا‭ ‬من‭ ‬تحت‭ ‬الأنقاض،‭ ‬وهي‭ ‬العمليات‭ ‬التي‭ ‬تتطلب‭ ‬معدات‭ ‬ثقيلة‭ ‬وآليات‭ ‬خاصة‭ ‬(الطائرات‭ ‬المسيرة‭ ‬والرجال‭ ‬الآليين)،‭ ‬وفرق‭ ‬من‭ ‬الهندسة‭ ‬العسكرية،‭ ‬وغرفة‭ ‬عمليات‭ ‬للتنسيق‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬الوحدات،‭ ‬بـراً‭ ‬أو‭ ‬جـواً،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ضمان‭ ‬استمرار‭ ‬المرفق‭ ‬العـام،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬التدخل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إصلاح‭ ‬الأضـرار‭ ‬التي‭ ‬لحقت‭ ‬بالطــرق‭ ‬والجسور‭ ‬بفعل‭ ‬الكارثة،‭ ‬وذلك‭ ‬بالتنسيق‭ ‬مع‭ ‬الجهات‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة،‭ ‬وخاصة‭ ‬مديرية‭ ‬الطرق‭ ‬ووزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬ووزارة‭ ‬السكنى‭ ‬والإدارة‭ ‬العامة‭ ‬للأمن‭ ‬الوطني‭.‬
إن‭ ‬تدخل‭ ‬الجيش‭ ‬في‭ ‬كارثة‭ ‬الزلزال‭ ‬يحمل‭ ‬معنى‭ ‬كبيرا،‭ ‬ورسالة‭ ‬واضحة،‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬الملكية‭ ‬جسد‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬رد‭ ‬أي‭ ‬عدوان،‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬طبيعته،‭ ‬بل‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬كارثة‭ ‬طبيعية،‭ ‬كما‭ ‬يعني‭ ‬أنها‭ ‬تتوفر‭ ‬على‭ ‬الجاهزية‭ ‬الكاملة‭ ‬للرد‭ ‬بالسرعة‭ ‬المطلوبة‭ ‬على‭ ‬الكوارث‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تعصف‭ ‬ببلادنا،‭ ‬حيث‭ ‬تولت‭ ‬الطائرات‭ ‬والمركبات‭ ‬البرية‭ ‬نقل‭ ‬الأشخاص‭ ‬والمعدات،‭ ‬كما‭ ‬تكلفت‭ ‬الوحدة‭ ‬الجوية‭ ‬بمهام‭ ‬التصوير‭ ‬والمسح‭ ‬الطوبوغرافي،‭ ‬بينما‭ ‬قامت‭ ‬القوات‭ ‬البرية‭ ‬بتأمين‭ ‬المناطق‭ ‬المنكوبة،‭ ‬فصلا‭ ‬عن‭ ‬جمع‭ ‬المعلومات‭ ‬والبيانات‭ ‬الدقيقة‭ ‬عن‭ ‬الكارثة،‭ ‬واتجاهات‭ ‬تطورها،‭ ‬وحجم‭ ‬الخسائر‭ ‬الناجمة‭ ‬عنها،‭ ‬وذلك‭ ‬للمساهمة‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرارات‭ ‬السليمة‭ ‬اللازمة‭ ‬للتعامل‭ ‬السريع‭ ‬مع‭ ‬الكارثة‭.‬
إلى‭ ‬جانب‭ ‬ذلك،‭  ‬وامتثالا‭ ‬للتعليمات‭ ‬الملكية،‭ ‬قام‭ ‬الجيش‭ ‬بإنشاء‭ ‬مستشفى‭ ‬ميداني‭ ‬مجهز‭ ‬بالأطقـم‭ ‬الطبية،‭ ‬والمعــدات،‭ ‬والأدوية‭ ‬لإسعاف‭ ‬الضحايا‭ ‬بمواقع‭ ‬عديدة،‭ ‬وعلاج‭ ‬الجرحى‭ ‬أو‭ ‬نقلهم‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬السرعة‭ ‬إلى‭ ‬مستشفيات‭ ‬متخصصة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تلفي‭ ‬العلاجات‭ ‬الضرورية‭. ‬كما‭ ‬قام‭ ‬بإرشاد‭ ‬الأسر‭ ‬المنكوبة‭ ‬إلى‭ ‬الأماكن‭ ‬الآمنة،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬توزيع‭ ‬المساعدات‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬المجال‭ ‬الذي‭ ‬أثبت‭ ‬الجيش‭ ‬علو‭ ‬كعبه‭ ‬فيه،‭ ‬وحرفيته‭ ‬العالية‭ ‬هو‭ ‬مساهمته‭ ‬الكبيرة‭ ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬ضحايا‭ ‬الزلزال‭ ‬وإخراجهم‭ ‬من‭ ‬تحت‭ ‬الأنقاص‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬المفقودين،‭  ‬لقدرته‭ ‬عل‭ ‬الوصول‭ ‬الى‭ ‬أماكن‭ ‬صعبة‭ ‬التضاريس،‭ ‬مثل‭ ‬الداوير‭ ‬الجبلية،‭ ‬وهي‭ ‬المناطق‭ ‬الأكثر‭ ‬تضررا‭.‬
وحسب‭ ‬شهود‭ ‬عيان،‭ ‬قامت‭ ‬طائرات‭ ‬هليكوبتر‭ ‬عسكرية‭ ‬بالهبوط‭ ‬في‭ ‬الأماكن‭ ‬المتضررة‭ ‬بأقاليم‭ ‬الحوز‭ ‬وورزازات‭ ‬وتارودانت،‭ ‬حيث‭ ‬قامت‭ ‬بحمل‭ ‬المنكوبين‭ ‬إلى‭ ‬الأماكن‭ ‬الأكثر‭ ‬أمانا‭. ‬كما‭ ‬قامت‭ ‬بإخلاء‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الجرحى‭ ‬نحو‭ ‬المستشفى‭ ‬الميداني‭. ‬وتعتبر‭ ‬طائرات‭ ‬الهليكوبتر‭  ‬وسيلة‭ ‬فعالة‭ ‬وذات‭ ‬دور‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬الإنقاذ،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬تضرر‭ ‬الطرق،‭ ‬من‭ ‬جراء‭ ‬الأضرار‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬خلفها‭ ‬الزلزال‭.‬
لقد‭ ‬احسنت‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬الملكية‭ ‬بالتدخل‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الظرف‭ ‬الصعب‭ ‬والاستثنائي‭ ‬الذي‭ ‬تمر‭ ‬بلادنا،‭ ‬مما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسة‭ ‬نقطة‭ ‬مضيئة‭ ‬يحق‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نفخر‭ ‬بقدرتها‭ ‬على‭ ‬إدارة‭  ‬الكوارث،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬لأنها‭ ‬مجهزة‭ ‬بأحدث‭ ‬الوسائل‭ ‬التكنولوجية‭ ‬والآليات،‭ ‬وتتوفر‭ ‬على‭ ‬عناصر‭ ‬مدربة،‭ ‬بل‭ ‬لأنها‭ ‬تعطي‭ ‬درسا‭ ‬بليغا‭ ‬في‭ ‬التضحية‭ ‬والتضامن‭ ‬الوطني‭ ‬،‭ ‬ولأن‭ ‬عناصرها‭ ‬وأطرها‭ ‬أثبتوا‭ ‬جميعا‭ ‬أنهم‭ ‬لا‭ ‬بخلفون‭ ‬الموعد‭ ‬كلما‭ ‬احتاجت‭ ‬بلادهم‭ ‬إلى‭ ‬عقولهم‭ ‬وسواعدهم‭..‬