الزلزال الذي أصاب المغرب ليلة الجمعة 9 شتنبر من سنة 2023 الذي ضرب بقوة منطقة الحوز، وجد المغاربة على أهبة التضامن المطلق والفعلي والعملي بتقديم المساعدات الأولية وبالتواصل والقيام بعملية تحسيس الرأي العام الوطني والدولي بهول الحدث وتحديد المناطق المنكوبة عبر قنوات التواصل الاجتماعي.
المغاربة يد واحدة:
لم ينتظر المغاربة إذنا حكوميا كي يسارعوا الى إنقاذ إخوانهم من تحت الأنقاض ،ولم يبالوا بالألوان السياسية و لا بالانتماءات الجهوية أوالإقليمية أو القبلية أو اللغوية. إنها طبيعية ينفرد بها الشعب المغربي في الأزمات الإنسانية و في الكوارث الطبيعية منذ التاريخ، إنه سلوك يسري في دم المغاربة المخلصين لأرضهم و لأصولهم العريقة في التاريخ . لقد هبوا في حينها بالتبرع بالدم وجمع التبرعات العينية وعملية مواساة الأسر المنكوبة.لم يكن الشعب المغربي ينتظر حكومة حتى تقوم من سباتها العميق .. ولم ينتظرونها كي توفر شروط الإنقاذ، لأن عوامل التضامن والتآزر والتآخي كانت سباقة إلى ساحات الأحداث، ولأن ماضي المغاربة التضامني هو الحاضر في اللحظة وهو المستقبل .إنه موقف المغاربة التضامني الذي نال تقدير الرأي العام العالمي والمنتظم الدولي. إن زلزال الحوز استنهض القيم التضامنية التي هي من شيم المغاربة و جاء ليظهر للعالم عن المعدن النفيس للمغاربة في وقت الأزمات وعن اعتزازهم وفخرهم بمغربيتهم، وعن غيرتهم على وطنهم وعلى بعضهم البعض، رغم ما يتربص بهم من مفسدين ومن وصوليين و انتهازيين وتجار المآسي والكوارث. و في هذا السياق يذكر ذ/ بنزاكور أحد الأخصائيين في علم النفس الإجتماعي حيث قال " إن القيم التضامنية التي انتعشت بعد “زلزال الحوز” ليست شيئا غريبا على المغاربة؛ بل هي قيم قديمة متأصلة فينا وفي ثقافتنا الانثروبولوجية.
التلقائية التضامنية للشعب المغربي و تقاعس حكومي:
في الوقت الذي هب فيه المغاربة بكل أطيافهم السياسية والنقابية والجمعوية إلى جمع التبرعات من مواد غذائية وألبسة وأفرشة وخيام وتنظيم قوافل الانقاذ في اتجاه المناطق المنكوبة رغم المخاطر الممكنة، لم يكن للحكومة حضور وكأن الأمرلا يهمها و كأنها تخاف من غضب شعبي لأنها تقاعست في تنفيذ المشروع التنموي الذي كان من أولوياته المفترضة تأهيل العالم القروي بما فيها المناطق الجبلية على مستوى البنية التحتية من طرق و جسور ومن تغطية اجتماعية من خلال إحداث مراكز صحية عن قرب و مستوصفات ووسائل الإتصال والتواصل . لقد كان من الواجب الوطني والإنساني أن يكون رئيس الحكومة من الاوائل في المنطقة المنكوبة ، لأنه رئيس الحكومة ومسؤول عن الشأن العام للبلاد حسب الدستور .أم كان ينتظر منبهات لوبيات الفساد وناهبي المال العام وتجار الأزمات كي يتحرك؟ أو أنه كان ينتظر أن تعم الفوضى والإرتباك في المبادرة الشعبية ؟ أم أنه أصبح يخاف من أهله وذويه الذين صوتوا عليه؟ . فاين هي الخيام والآلاف من الموائد الغنية بكل أشكال المأكولات التي كان ينصبها في حملاته الإنتخابية؟ «و يمكرون و يمكر الله والله خير الماكرين» ،بل حتى الوزراء لم يظهر لهم أثر في هذه النكبة، لأنهم بكل بساطة يتوارون عن الشعب المغربي ولا يظهرون إلا عندما تكون عملية توزيع كعكة المناصب على الأهل والأحباب أو مصالح خاصة ..تلك هي الحكومة الشبح التي لا طعم ولا لون ،حكومة التفاهات، "الفم ماض والذراع مقاضي" كما يقول المثل الشعبي.
تضامن الشعب المغربي والتعاطف الدولي:
لم يكن التعاطف الدولي مع الشعب المغربي من صنع الحكومة بل هو من صنع المغاربة الذين أظهروا للعالم أنهم أخوة مكتسبة ومحبة لا تخفيها مساحيق النفاق و الرياء السياسي للظهور بمظهر غير واقعي . المغاربة من طبعهم ينفقون مما عندهم في الشدة وفي المحن التي تحل بأسرة أو بدوار أو بحي أو بمدينة أو قرية والأمثلة كثيرة لا يستطيع أحد طمسها. ونضرب مثلا بالطفل ريان الذي سقط في البئر المهجورة حيث كان تعاطف المغاربة وتضامنهم معه ومع أهله عارما. التعاطف الشعبي المغربي ليس له حدود، إذ يمتد إلى الشعوب المجاورة في الزمن الحاضر والماضي، لأنه يعتبر التضامن قضية إنسانية تتطلب التعاون لتجاوز الأزمات الناتجة عن الكوارث.