إذا أسقطنا محور وارزازات والراشيدية وطاطا بالجنوب الشرقي، وأسقطنا محور وزان ومدن الريف الغربي، سنجد أن الشريط اليتيم في السياسة العمومية بالمغرب، خلال السنوات الأخيرة، هو الشريط الممتد من القصر الكبير إلى القنيطرة عبر عرباوة وسوق لاربعا الغرب. فهذا الحوض الممتد على طول 138 كيلومتر ظل منبوذا من طرف الحكومات المتعاقبة على تدبير شؤون المغرب منذ عام 2002 إلى اليوم، علما أنه حوض يعد خزانا مائيا للمغرب وسلته الغذائية والحاضن لأهم محمياته الطبيعية.
وبدل أن تحرص السلطات العمومية على جمع أشلاء تراب القصر الكبير وسوق لاربعا الغرب والقنيطرة بمحور طرقي سريع ومهيكل، نجد الحكومة -في شخص وزارة التجهيز- تسقط هذا الشريط من رادار المشاريع الطرقية الكبرى، علما أن مدن وبلدات هذا الشريط (القصر الكبير، عرباوة، سوق لاربعا، ثلاث لاربعا، علال التازي، المكرن، القنيطرة...) يضم 700.000 نسمة. وإذا أضفنا الجماعات المحيطة بالشريط (للاميمونة، مولاي بوسلهام، بلقصيري، إلخ...) نجد أن العدد يرتفع إلى 800.000 نسمة. أي أن 2،5% من سكان المغرب لا ينعمون بالحق في الاستثمار العمومي ولا يحظون بالحق في الإنصاف المجالي وبالحق في التمتع بطريق بمواصفات مقبولة.
الحق الوحيد الذي ينعم به سكان شريط القصر الكبير والغرب والقنيطرة هو أن "يزمموا" أفواههم (أي أن يخرسوا عن الكلام)، كلما مدت الدولة يدها للسطو على خيرات المنطقة ومنحها لمافيا الريع.
الحق الوحيد الذي ينعمون به هو أن يسكتوا، كلما مدت الدولة يدها لمياه حوض سبو لتحويلها إلى حوض أبي رقراق وتانسيفت، لإرواء عطش سكان الرباط وسلا والدارالبيضاء وسطات وبرشيد ومراكش.
الحق الوحيد الذي ينعمون به هو أن "يدخلوا سوق راسهم"، كلما بسطت الدولة يدها على أجود الأراضي بالغرب، ومنحتها للنافذين وللمقربين من مدفأة السلطة ولتجار الانتخابات ولسماسرة السياسة.
أما أن يطالب سكان هذا الشريط بالحق في تمتيعهم بطريق مزدوج وسريع وآمن، يربط القصر الكبير بالقنيطرة عبر عرباوة وسوق لاربعا الغرب والمكرن، فهذا يعد جرما يستوجب الإبادة!
المثير للاشمئزاز أن شريط القصر الكبير القنيطرة (عبر سوق لاربعا الغرب) يعج بالدينامية وبالرواج وبالتراقصات اليومية الكثيفة. ومما يزيد من عذابات مستعملي هذا الشريط أن هذه الطريق ضيقة ووضعيتها جد متدهورة ومنهارة ومتآكلة في العديد من المقاطع، فضلا عن كونها لم تعد تتحمل صبيب التنقل الحالي.
وحسب الخبراء الذين استأنسنا برأيهم، نجد أن كلفة الكيلومتر الواحد لإنجاز طريق جيدة وبمواصفات محترمة لا تتجاوز 10 ملايين درهم (طريق بعرض 7 أمتار وجنبات مرصوصة مع تشوير جيد). أي أن تحويل طريق القصر الكبير/ القنيطرة، من طريق عادي وضيق ومتدهور ومتآكل إلى طريق مزدوج وسريع بطول 138 كيلومتر، لن يكلف سوى 1.380.000000 درهم. وإذا أضفنا اعتماد 500 مليون درهم لإصلاح المقطع القديم الحالي (نفس المسافة)، نصبح أمام غلاف لا يتجاوز 1.880.000.000 درهم لإنصاف حوض تقطنه 800 ألف نسمة، من جهة، ونسرع من وتيرة التنمية بين ثلاثة أقاليم (العرائش والقنيطرة وسيدي سليمان)، من جهة ثانية، ونقلص من حوادث السير مع ضمان طريق آمن، من جهة ثالثة. بمعنى أن هذا الغلاف المالي إذا وزعنا مكاسبه على السكان فلن يشكل سوى 2250 درهما لكل مواطن بالشريط المذكور.
ألهذا الحد استرخصت الدولة مبلغ 2250 درهما لجبر ضرر 800 ألف نسمة بمقطع القصر الكبير/ القنيطرة؟
ألهذا الحد ترفض الدولة تخصيص 2250 درهم لحوض ظل يمد المغرب بالماء والخضر والسكر والمنتوجات الحيوانية لعقود؟
ألهذا الحد تتجبر الدولة وتدوس على 130 كيلومتر من التراب الوطني وتمنع سكان الشريط المذكور من الظفر بمبلغ 2250 درهم لكل واحد لإنجاز الطريق السريع؟
ألهذا الحد يعد سكان شريط القصر الكبير القنيطرة عبر سوق لاربعا الغرب مواطنين مغاربة من الدرجة الثانية؟