مثل النار في الهشيم، انتشر بمصر وبعض الدول العربية، منها المغرب، منشور يحمل عنوانا مثيرا هو "زواج التجربة"، وتم تداوله بشكل كبير عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
المنشور سبق أن أثار نقاشا وجدلا واسعين داخل جمهورية مصر سنة 2021.
يعود أصل الحكاية إلى أن أحد المحامين بمصر، واسمه أحمد مهران، كتب هذه الوثيقة لحل خلاف بين زوجين كانا قريبين من الطلاق.
بعد ثلاث سنوات من الزواج، لجأت الزوجة للمحامي، أحمد مهران، المتخصص في شؤون القضايا الأسرية، لرفع دعوى طلب الطلاق. طلب مهران من الزوجة هاتف زوجها للتفاوض معه، بشكل ودي.
يقول مهران في حديث صحافي "تحدثت بالفعل مع الزوج، وطلبت منه الحضور إلى مكتبي، في حضور الزوجة، وقمت بعمل مواجهة بينهما حيث سألتهما عن سبب المشاكل بينهما التي أدت إلى طلب الطلاق، وعن مطالب كل طرف حتى تستمر الحياة بينهما خاصة أن هناك أطفال".
وجد مهران أن لكل طرف من الزوجين مطالب من الطرف الآخر، الذي لم يعترض عليها، فاقترح كتابة هذه المطالب في عقد كتب في عنوانه "عقد اتفاق على مشاركة الزواج- زواج التجربة".
وكانت هذه حيلة للتراضي بين الزوجين.
لكن بعد انتشار صورة للعقد على مواقع التواصل الاجتماعي، طالب البعض بكتابة شروط كل طرف قبل الزواج، ما جعل حيلة مهران تثير الكثير من الجدل.
ضمنت الزوجة في العقد 11 مطلبا، فيما حدد الزوج تسعة شروط، على أن يحق للزوجة طلب الطلاق أو الخلع من القاضي من دون انتظار المدة المتفق عليها في العقد والمحددة بثلاث سنوات.
لكن تحديد مدة العقد، جعل أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أحمد كريمة، يفتي ببطلان العقد واصفا الفكرة بأنها "عبث واستهزاء بالدين".
وقال في تصريحات صحافية: إن "هذا العقد باطل، لأن الشرع لا يجيز تحديد مدة للزواج.. هذا ليس بعقد زواج، ولن يعتمد لأنه منافي للشريعة".
وسخر كريمة من الفكرة "هل هناك زواج يتم فيه تجربة الرجل للمرأة؟ أو تجربة المرأة للرجل؟ كأن أي منهما جهاز تكييف اشتراه الطرف الآخر.. بالمرة يشتري شهادة ضمان!".
المحامي مهران يوضح
من جهته قال المحامي مهران بأن: "كل من أطلق تصريحا خاصا بالموضوع وقال إنه محدد المدة، لم يبحث ولم يطلع ولم ير، وحكم على الأشياء بالسمع، وفسر فكرة التجربة بأننا سنجرب بعض سنتين إلى ثلاث سنوات وسنتطلق، وبناء عليه أصدروا أحكامهم وفتاواهم".
وأضاف منتقدا المعترضين على فكرته بأن أيا منهم "لم يكلف نفسه بالبحث لمدة دقيقة واحدة، ولو حدث، فإنهم سيجدون البند التمهيدي في العقد، وعلموا بأنه زواج شرعي رسمي على سنة الله ورسوله، ومطابق للشريعة الإسلامية، وأن هذا مجرد عقد مدني ملحق بوثيقة الزواج، وليس له علاقة بالزواج، فقط يكمل الشروط بين الزوجين التي اتفقا عليها".
وأضاف مهران، بأن الغرض من وضع هذه الشروط التغلب على الخلافات والمشكلات الزوجية لدى حديثي الزواج.
موقف الأزهر
الأزهر كمصدر إفتاء في الشؤون الدينية بمصر، دخل على الخط وأصدر بيانا، اعتبر فيه أن "اشتراط عدم وقوع انفصال بين زوجين لمدة خمس سنوات أو أقل أو أكثر فيما يسمى بزواج التجربة، اشتراط فاسد لا عبرة به، واشتراط انتهاء عقد الزواج بانتهاء مدة معينة يجعل العقد باطلا ومحرما". وأشار الأزهر إلى أن "الزواج ميثاق غليظ لا يجوز العبث به".
لكن مهران يرى أنه "إن كان الحديث عن التراحم، فلماذا سمح المشرع بوضع شروط للزواج، ثم أين التراحم، ونحن لدينا 8 ملايين مطلقة، أين التراحم ونحن نعيش في بلد فيها 32 مليون متنازع في محكمة الأسرة، و12 مليون عانس، أين كان هذا التراحم عند رفع كل هذا العدد من الدعاوى في المحاكم".
وشدد المحامي مهران على القول أن الهدف من مبادرته هو تخفيض حدة النسبة المرتفعة من الطلاق التي تحدث في مصر.
إحصاءات
وحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، وهو مؤسسة رسمية، فإنه في عام 2019، حدثت 225 ألف حالة طلاق مقابل 201 ألف حالة في 2018، بمعدل حالة طلاق واحدة كل دقيقتين و20 ثانية. في حين كانت هناك 927 ألف حالة زواج في 2019 مقابل 870 ألف في 2018.
وتابع المحامي مهران قائلا: "عندما يعلم كل طرف أن هناك عقد وقع عليه يفكر ألف مرة، لذلك عملت حيلة أصلح بين زوجين. كل الحكاية أنني سميتها اسم ملفت للنظر كنوع من التسويق الإعلامي لجذب الانتباه لفكرة جديدة نضع فيها شروطا على الزوجين، ونصالحهما، ونمنع الطلاق، خاصة في السنوات الأولى من الزواج والتي يكثر فيها الطلاق".
للإشارة، فإن بعض المصادر الإعلامية المصرية الموثوقة، التي اتصلت بها جريدة "أنفاس بريس" نفت نفيا قاطعا وجود قانون مصادق عليه باسم "زواج تجربة" بالمعنى التي يتم تداوله على شبكات التواصل الاجتماعي، والذي يتضمن إهانة واضحة لكرامة المرأة.
نص عقد "زواج التجربة" الذي أثار الجدل في مصر