فؤاد زويريق: درس في الغزل

فؤاد زويريق: درس في الغزل فؤاد زويريق
كنتُ جالسا في مقهى وجلست أمامي امرأة سبحان المعبود، جميلة إلى درجة لا تقاوم، وفاتنة إلى درجة تجعلك تنتقل من مستوى الغزل العفيف إلى التحرش العنيف دون تفكير ودون وعي منك، تمالكت نفسي مرارا وغضّيت بصري... لكن بصري ابن الحرام أبى أن يُغض، أنا أغض وهو يعض، أنا أغض وهو يعض... إلى أن استسلمت وقررت أن أتغزل بها أو أعمل أي شيء، المهم أن ألفت انتباهها، هذا رغم أني أكثر من ثلاثين سنة لم أتغزل بامرأة ونسيت كيف أصلا، يعني أن العملية ستكون شاقة ومكلفة. 
 أسقطتُ فنجان قهوتي لم تلتفت، سعِلتُ، عطستُ، نحنحتُ، ضربتُ الطاولة، شقلبتُ الكرسي... لم تحرك ساكنا وكأنها ليست هنا، الحل الوحيد المتبقي أن أذهب إليها وأكلمها، بعد تفكير وتردد تشجعتُ أخيرا وكأنني ذاهب إلى الحرب، وقفتُ واقتربتُ سريعا من طاولتها وقلتُ لها وأنا أرتعش (يا بنت السلطان حني على الغلبان .. الميه في ايديكي وفؤاد عطشان) ودون أنتظر ردّ فعلها هربت وعدتُ بسرعة إلى  مكاني...
 نظرتْ إليّ بتعجب، هزت رأسها يمينا ويسارا وقالت لي أمام الناس (يااااااه شحال قديم..سير الله اعطيك الذل) رفعتُ رأسي إلى السماء وبدأتُ أصفر وأنا أحملقُ في الضباب وكأني لستُ المعني بالأمر...
 بعدما هدأت العاصفة داخلي بدأتُ أفكر في أمر أنني قديم، وأتساءل هل الغزل أو التحرش يتطور أيضا كما تتطور باقي الأشياء؟ إذا كان كذلك فكيف إذاً؟ لماذا الناس يعجبهم ويحنون إلى الطرب القديم والأفلام القديمة والأغاني القديمة والموسيقى القديمة... ولا يعجبهم ولا يحنون إلى التحرش القديم الأصيل ابن الأصول؟