أما المؤلف الثاني فهو « بول طوبيلا » Paul Tolila ... أستاذ جامعي وباحث وخبير في العلاقات مع الجزائر وأسباب العراقيل التي تحيل دون التعاون والتفاهم مع فرنسا ...
الخبيران
هما إذن خبيران في « المجتمع والسلطة » في الجزائر ، عالجا الموضوع بدون تنازلات ... يصفان میدانیا الطبيعة الحقيقية للنظام والعقبات التي يضعها لعدم تقوية العلاقات مع المستعمر القديم فرنسا . والكتاب بعنوان « لومال ألجيرية » ، وقد حرت في ترجمة كلمة « لومال Le mal » ففي « گوگل » کانت الترجمة « الشر » و « اليأس » وفي المنجد « الألم » و « المرض » وفي بعض الأدبيات الإخفاق » « والإعاقة » و « أخرى المتاعب » و « المصاعب » ... لذلك لم يستقر رأيي على الكلمة المناسبة ومع ذلك اخترت مؤقتا ترجمة « لومال » بالمرض ...
اتفقت الحكومتان الفرنسية والجزائرية على تكليف هذين الباحثين بالانكباب على دراسات ميدانية في الجزائر ، على مختل صعدة ، الاقتصادية والمالية والصناعية والثقافية ، ومحاولة فهم أسباب فشل التعاون في مختلف هذه الميادين ، وربط الاتصال بين الفاعلين في هذه المجالات ، ووضع خارطة طريق أمام البلدين لتجاوز الأوضاع والسماح للجزائر ، بل مساعدتها ، على رسم مخطط عملي وواقعي لنهضة اقتصادية واجتماعية وثقافية ربحاً لما ضاع من الوقت خلال عقود...
انطلقت المهمة في مارس 2013 ، وخلال ما يزيد على خمس سنوات زار الخبيران الفرنسيان الجزائر عشرات المرات وعقدا مئات الاجتماعات ، مع أعلى المسؤولين ، في القطاعين العام والخاص ، إلى جانب قادة الجامعات والجمعيات ... وخلال هذه اللقاءات ، في الجزائر وفي فرنسا ، تم جرد كافة الوسائل وتحديد الإمكانيات لميلاد تعاون ظل غائبا منذ ميلاد الدولة الجزائرية سنة 1962 ..
طريق الخلاص
في مقدمة الكتاب وصل المؤلفان إلى خلاصة مفادها « إن ميلاد الجزائر الجديدة » تقتضي دمقرطة عميقة للحياة السياسية وانفتاحا مقنّنا وملزما على دولة الحق والقانون ، وضمان الحريات ، والتكوين وإعادة التكوين ، وتحديث المؤسسات حتى لا تبقى هذه الشعارات فارغة وغائبة عن ممارسة السلطة الجزائرية ... » .
وأضافا .. « هناك لغز محير ، وهو أنه ، إلى جانب الخطب العصماء والعنيفة لمختلف الحكومات الجزائرية زائر لا تحسن إلا الإشادة بانتصارها على فرنسا ... إن مثل هذه الاحتفالات تكون وقوداً لوطنية کندا » تتكفل بحماية الحكم الجزائري وضمان استمرار « النُوماتكلتورا » في استغلال الخيرات ...
جهود بدون نتائج
الكتاب هو عبارة عن تقارير لتنقلات واجتماعات ، في فرنسا والجزائر ، إلى جانب ربورتاجات تکاد تكون صحفية عن مشاهداتهما في المدن والجامعات والوزارات والمعامل ... هناك الكثير من الأرقام الصادمة والخلاصات السلبية ، واعتراف في نهاية المطاف بفشل كل المحاولات مع ذكر الأسباب والحيثيات ، وسأعود لذكر بعض الحالات من هذا « المرض الجزائري » والبلاد تخضع لفحص ميداني من طرف خبيرين حاولا مساعدة بلدهما على ولوج « السوق الجزائرية » دون أن يتمكنا من فهم « العقلية الجزائرية » التي قالا عنها ... « إن عقارب الساعة في الجزائر ... توقفت حول حرب التحرير التي تحتل الصدارة في الخطاب الجزائري ... وما عدا ذلك يمكن اعتباره « مسرحا للأشباح » .