ضمن متابعة النقاش العمومي الذي طرحته المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج بشأن تسجيل رقم قياسي للسجناء تجاوز 100 ألف سجين، ودعوة السلطة القضائية لمراجعة إصدار أحكام الحبس، في الوقت الذي لا تتعدى فيه الطاقة الاستيعابية للسجون 64600 سرير، فيما يلي وجهة نظر الأستاذ علال البصراوي، نقيب هيئة المحامين بخريبكة، كما توصلت بها جريدة "أنفاس بريس":
أصدرت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج بلاغا، أثارت فيه الانتباه إلى أزمة اكتظاظ السجون في المغرب حيث تجاوز عدد النزلاء المائة الف، واحتمال ارتفاع هذا العدد إذا ما استمر الاعتقال بنفس الوتيرة، وبذلك فهي تشير بشكل مباشر إلى جهات قضائية. مما دفع ببعض تمثيليات القضاة إلى الرد بشكل مباشر برفض مضمون بلاغ المندوبية، ورفض التدخل الذي يمكن أن يشكل مساسا باستقلال القضاء. ومعلوم أن المندوبية سبق أن اشارت إلى هذا الوضع في عدة مناسبات، بل إن حتى المؤسسة القضائية نفسها تشير في أكثر من مناسبة إلى مشكلة الاعتقال الاحتياطي الذي ظلت نسبته مرتفعة في المغرب منذ سنوات طويلة، مما يحول دون أداء المؤسسات السجنية لبعض أدوارها المتعلقة بالإصلاح والتهذيب. لأن جزءا من نزلائها غير مستقر نسبيا، مما يصعب معه وضع البرامج الإصلاحية، فضلا عما تخلقه وضعية الاكتظاظ من مشاكل أخرى داخلية.. لكن ما ينبغي الإشارة إليه هو أنها المرة الأولى التي تحمل فيها المندوبية المسؤولية في هذا الوضع للقضاء، أو على الأقل، بشكل رسمي وعلني.
بالنسبة لنا فإننا ننظر للموضوع من جوانب أخرى، إذ أن اكتظاظ السجون، أو حتى الاعتقال الاحتياطي نفسه بالنسبة التي يتم بها، ليست إلا أعراضا ومظاهر للمشكل الأصلي، الذي ينبغي معالجته وهو ارتفاع نسبة الجريمة في المجتمع. هذا هو أصل المشكل الذي ينبغي البحث فيه وإيجاد المعالجات الضرورية، وهذا الأمر شبه غائب في السياسات العمومية منذ سنوات طويلة، رغم التوجيه الملكي الذي جاء في خطاب 20 غشت سنة 2009 بمناسبة ثورة الملك والشعب بإحداث إطار رصد الجريمة. وكذلك رغم التوصية رقم 92 من ميثاق اصلاح منظومة العدالة لسنة 2013،
إذن جوهر المشكل يتعلق بارتفاع نسبة الجريمة التي ينبغي البحث عن أسبابها ومعالجتها على مختلف المستويات في إطار سياسة جنائية متكاملة ومندمجة.