يجدد "المهرجان الدولي ملحونيات" بأزمور، موعده مع عشاقه ومتتبعيه، في دورته الحادية عشر التي تلتئم أيام 17 و18 و19 من شهر غشت 2023 تحت شعار "دورة الوفاء والاعتراف".
هي دورة تنظمها الجمعية الإقليمية للشؤون الثقافية تحت إشراف عمالة الجديدة والراعي المؤسس المجمع الشريف للفوسفاط ، وبتعاون مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل وجماعة أزمور والمجلس الإقليمي للجديدة وجهة الدارالبيضاء سطات.
ونسخة 2023 إذ تعد استمرارية لذلك التألق الكبير الذي حققه مهرجان "ملحونيات" خلال الدورات العشر السابقة، عندما حجز لنفسه موعدا سنويا بارزا في أجندة المهرجانات والملتقيات الكبرى ببلادنا ، تأتي في سياق ترسيخ قيم "ثقافة الاعتراف" بالفضل لرواد فن الملحون الذين يشهد لهم بالفضل والسبق والنجاح، ويستحقون منا جميعا الثناء والتقدير .
ومن هؤلاء الذين يتوقف التاريخ من أجلهم لحظة هنا بأزمور وبمناسبة هذه الدورة 11 ، شيخ الملحون المرحوم "عبدالمجيد رحيمي" الذي اخطفته يد المنون دون سابق إشعار ، يتوقف التاريخ لنأخذ منه لحظة وفاء لفنان متميز واستثنائي ومرب من طراز رفيع ، كان وبكل صدق هرما من أهرامات الملحون ليس فقط بمدينة مولاي بوشعيب الرداد ، ولكن بكل ربوع الوطن الحبيب.
حتما هو اليوم لا يشاركنا هذه الدورة ، ولكن يكفيه كل الفخر أن تلامذته شيماء الرداف وهاجر الزهوري ، حاضرون بقوة لينشدوا أجمل الكلمات إهداء ل "روح الأستاذ الكبير" وكأننا به في قبره يتجاوب معهم بما قاله الشاعر :
" تلك آثارنا تدل علينا ...فانظروا بعدنا إلى الآثار ".
وتغتنم الجمعية الإقليمية للشؤون الثقافية بالجديدة ، المناسبة وهي شرط في هذه الدورة ، لتستحضر جهود من وضعوا اللبنة الأولى لهذا المهرجان المتميز قبل 11 سنة ، حتى أضحى شامخا برجع صدى قوي على ضفتي نهر أم الربيع ، وبساحة "إبراهام مول نيس" ، التي تكتسي رمزية كبيرة في تاريخ المغرب المنفتح والمتعايش مع كل الديانات ، والمكرس لثقافة التسامح والقيم الإنسانية النبيلة ، هي من دون شك مناسبة فضلى لتكريم من تحملوا صعوبات البداية وأسسوا "المهرجان الدولي ملحونيات" عسانا جميعا نكون أرجعنا لهم بعضا من ذاك الجميل.
وتنعقد الدورة 11 من مهرجان ملحونيات في غمرة احتفالات الشعب المغربي بالذكرى 24 لعيد العرش، كما أنها تتيمن بذكرى عيد الشباب واحتفالات الشعب المغربي بذكرى ثورة الملك والشعب.
وهي دورة تستحضر مقتطفا من الخطاب الملكي الأخير بمناسبة عيدالعرش: " ... والمغاربة معروفون والحمد لله بخصال الصدق والتفاؤل والتسامح والانفتاح، والاعتزاز بتقاليدهم العريقة والهوية الوطنية الموحدة ".
تأسيسا على هذه الفقرة من خطاب الملك تعد هذه الدورة ، ترسيخا لمقومات "الذاكرة الوطنية المشتركة" ، إذ تم الحرص أن تكون فقراتها الفنية منفتحة على مكونات الثقافة المغربية في تنوعها وتكاملها ، ذلك يجسده حضور الطرب الحساني في شخص المنشد "مصطفى الكمراني"، وإبداعات يهود مغاربة في فن "الشكوري" بمناسبة الحضور الرائع للفنان "ميشال أبيطن" في منصة إبراهام مول نيس ، وكل الأمل معقود مستقبلا على الانفتاح أكثر على كل روافد الثقافة المغربية في فسيفسائها التي تستمد وحدتها من تنوعها العجيب.
وراعى مهرجان "ملحونيات" أن يكون مسايرا للأشواط المتقدمة والمتميزة، التي قطعتها بلادنا مع الجوار في حوض البحر الأبيض المتوسط ، وذلك من قناعة أساسية ومتجذرة "إن المغرب شجرة جذورها في إفريقيا وأغصانها في أوروبا" ، وعلى خلفية ذلك تحضر في هذه الدورة الفنانة الإسبانية المتميزة "مارتا لالونيس" ، ذلك يجسد بصورة واضحة أن الفن وخاصة " الملحون" من القنوات الضرورية للتقارب بين الحضارات والشعوب.
وفي الختام فإن عشاق الملحون والمولعين بهذا الفن الأصيل ، على موعد ليس كبقية المواعد مع ليالي وفاء الشيوخ وسماع وحضرة الملحون وبهجت لسرار ، للاستمتاع بأحلى الكلمات وأعذب الإنشاد مع نجوم بصموا على حضور رائع ، اتفقوا جميعا على اللقاء بأزمور في "دورة الوفاء والاعتراف " ، ولاشك أنهم على كلمة واحدة "الملحون ... فراجتو في كلامو" ... كونوا إذن في الموعد .