قال الدكتور نبيل الأندلوسي، رئيس المركز المغاربي للأبحاث والدراسات الإستراتيجية، أن الخطاب الملكي في الذكرى الرابعة والعشرين لعيد العرش خطاب حصيلة ورسائل استشراف.
وعدد الاندلوسي في تصريح ل" أنفاس بريس "، ذلك في ثلاثة:
أولا : الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 24 لتربع الملك على العرش، وكما جرت العادة بالنسبة لخطابات عيد العرش، كان خطاب حصيلة واستشراف في نفس الوقت، حيث قدم حصيلة الإنجازات التي حققها المغرب خلال السنة المنصرمة، مع تشخيص التحديات واستشراف الأهداف المرتقبة خلال السنة المقبلة. فهو إذن خطاب حصيلة واستشراف، عنوانه "الجدية"، حيث استعمل الملك في خطابه مصطلح "الجدية" بشكل مكثف، وكرره لأربعة عشر مرة، تكثيفا لدلالة الإستعمال واستحضارا لهذه الخصلة التي يتحلى بها المغاربة، بالإضافة إلى خصال أخرى كالصدق والتفاؤل والتسامح والانفتاح والإعتزاز بالتقاليد والهوية، والتفاني في العمل،وغيرها من الخصال التي أوردها الخطاب، وهذا التأكيد وتكرار مصطلح أو كلمة بعينها ليس اعتباطيا في خطابات الملوك، وإنما تحمل رسالة. واستعمال هذه الكلمة في سياق خطاب العرش كان بهدف التأكيد على مركزية مفهوم "الجدية" بالنسبة للمغرب داخليا وخارجيا على حد سواء، وإن اختلفت الغاية والرسالة والهدف مابين الداخل والخارج. فالجدية داخليا، بهدف تكريس الهوية الوطنية الموحدة وخدمة الوطن والمساهمة في الإنجازات والأوراش المفتوحة، وهي رسالة للمسؤولين والمنتخبين والفاعلين السياسيين بالدرجة الأولى، كما أنها رسالة للمواطن كذلك للقيام بواجبه تجاه وطنه من أي موقع هو فيه. أما خارجيا فلتأكيد أن خطوات المغرب، ومبادراته، تتسم بالجدية وأنها ذات عمق استراتيجي أصيل ومؤسس.
ثانيا: في سياق الجدية التي وردت في الخطاب، لم يغفل الملك الحديث عن القضية الفلسطينية، والتي كانت حاضرة في سياق التأكيد على مواقف المملكة المغربية الثابتة بخصوص عدالة القضية، والدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، في "إقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، بما يضمن الأمن والاستقرار لجميع شعوب المنطقة". وهذا بمثابة رسالة وتأكيد على مركزية فلسطين لدى المغاربة، ولدى القصر الملكي المغربي، وأنها لا تخضع للمزايدات.
ثالثا: الخطاب الملكي لم يخلو من رسالة واضحة وجهها إلى الجزائر، حيث تطرق لها في سياق الحديث عن الدول الشقيقة والصديقة، وخاصة دول الجوار، وخص الخطاب الحديث في هذا السياق على الجزائر وحدها دون غيرها، حيث استمر الملك محمد السادس، في سياسة اليد الممدودة، والترحيب بفتح الحدود بين البلدين، والتأكيد أن المغرب لن يكون مصدرا لأي شر أو سوء، لجيرانه، مع وصف العلاقات المغربية الجزائرية بأنها مستقرة وأن المغرب يتطلع لتحسينها نحو الأفضل. وقد يستغرب المتتبعون، لهذا الحِلم المغربي، تجاه الأشقاء الجزائريين، رغم استهدافهم العلني للمملكة ودعمهم المفضوح لجبهة البوليساريو، ولكنه الجواب الصحيح، والمقاربة الصحيحة لمن ينظر إلى الأمور ببعد استراتيجي، فالمغرب والجزائر، مصالحهما مشتركة، وقادة البلدين يجب عليهما التفكير في هذه المصالح بما يخدم شعبيهما، وكل الأمل أن تفهم القيادة الجزائرية الرسالة، لأنها رسالة خير.