إدريس الأندلسي: العيون وأوراش الوحدة والشموخ 

إدريس الأندلسي: العيون وأوراش الوحدة والشموخ  إدريس الأندلسي
ليس من رأى كمن سمع، كلام قيل منذ زمن بعيد للتأكيد على حقيقة أو صدق عن خبر منقول. نعم رأيت العيون بعيوني التي تركز على الكل وعلى التفاصيل. العيون مدينة كبيرة وعاصمة جهوية تضاهي الكثير من المدن ذات المرافق العصرية من طرق و بنايات ومنتزهات وفضاءات ثقافية ومجالات رياضية وعمارات سكنية وتجهيزات في قطاعات الماء والكهرباء والاتصالات وغيرها. خلال حضوري لتظاهرة عالمية للتعاضد نظمتها التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية بالتعاون مع الإتحاد العالمي للتعاضد، قررت أن أمشي كثيرا من أجل التعرف عن كثب على أيقونة الصحراء عيون المغرب الموحد والحامي لوحدته الترابية بعزم وإرادة.  
ذكرني أحد أصدقائي الذي عرفته منذ الفترة التي تلت مباشرة المسيرة الخضراء. هذا الصديق كان من الأوائل الذي التحق بصفوف الحركة الكشفية وشارك في الأنشطة الوطنية ابتداءً من سنة 1976. ذكرني خلال زيارتي للأيقونة العيون  بلحظات تأسيس أول جمعية للكشافة بالمدينة المحررة. إنه الأخ أحمد لمرابط، القائد الكشفي الذي شارك رفقة العديد من أبناء الصحراء المغربية في كل التظاهرات الوطنية وكان من ضمن من تم استقبالهم من طرف ولي العهد آنذاك الملك محمد السادس في سنة 1977. أتذكر أننا، أي المسؤولين على الكشفية المغربية، نظمنا استعراضا كشفيا بشارع محمد الخامس. وكانت لحظةإحتفال ولي العهد، آنذاك، بكشافة منظمة الكشافة المغربية الإسلامية المسجلين بمحلية العيون لحظة تاريخية بكل المقاييس. شاءت الأقدار أن ألتقي بالقائد الكشفي الحاج سالم الذي تسلم مقاليد التدبير الكشفي بمدينته العيون قبل  حوالي خمسة عقود. زرته أخيرا واندهشت لقوة ذاكرته ووصفه لكل ما عشناه بغابة المعمورة وباقي مخيمات المغرب. حكى لي صديقي لمرابط عن لحظات هجوم المرحوم القائد الكشفي لمعلم إدريس على مقر الكشافة الإسبانية وتسليمه للطلائع الكشفية الصحراوية والمساهمة في تكوينهم. كل هذا تم في ظل العدوان الذي كانت تدعمه الجزائر وعسكرها ناكر الجميل الذي قدمه الشعب المغربي وملك البلاد من أجل انعتاقهم من قبضة الإستعمار. ولا أدل على إجرامهم  غير عدد المعتقلين المغاربة لديهم في سجون تندوف لسنوات. أخلاق المغاربة لم تسمح لهم بعدم الإفراج عن الجزائريين من الضباط وغيرهم وخصوصا بعد معركة أمكالا التاريخية التي أظهرت الوجه الحقيقي لكراغلة العسكر الذي تربى في أحضان فرنسا. نعم أفرجنا عن ضباطهم  وكان من بينهم الحقود الأول والذي يجعل الله كيده في نحره سيء الذكر المدعو شنقريحة. 
من يؤمن بالنضال من أجل وحدة الوطن ودور النفس الوطني في توطيد أواصر العروة الوثقى بين أبنائه، لا يمكن أن يكون مجرد زائر عابر. الدخول إلى العيون بعد عقود لا يمكن أن لا نراها بغير عيون الرضا والأمل والنفس التواقة إلى غد أفضل بكثير مما تراه العيون في حاضرنا. العيون ورش كبير كباقي الأقاليم الجنوبية، وستسجل صفحات التاريخ تلك المساحات الفارغة التي تركها المستعمر والتي تم ملؤها بالكثير من البناء  والتشييد. نعم ليس من سمع كمن رأى لأن للعيون قوة النظر إلى قوة الإنجاز. الآن ينجز في العيون أكبر مركز للتكوين المهني وثاني مركب طبي يجمع كلية للطب ومستشفى جامعي وثاني أكبر مكتبة بالمملكة وغيرها من المشاريع. بنيات أساسية تشهدها نهضة العيون مع أمل كبير في أن تشهد الأقاليم الجنوبية مركزا لخلق الآلاف من مناصب الشغل لشباب المنطقة.  
مارأيته بعيوني ذات القراءة النقدية  على العموم، يدل على أن النموذج التنموي الخاص بالأقاليم الجنوبية ليس شعارا. إنه برنامج تنموي بخطة تمويلية واقعية وببرنامج محدد زمانيا ومكانيا وبتتبع ملكي لكل مراحل التنفيذ. رأيت العيون اليوم وتأكدت بأن الإرادة السياسية والعزم الوطني هما الدعامة الأساسية  للدود عن حمى الوطن. كانت مناسبة مقامي بالعيون احتضانها لأكبر نشاط تعاضدي عالمي بحضور عشرات من ممثلي 47 دولة. 
قال الأفريقي والأمريكي الجنوبي والأوروبي أن ما شاهدوه في العيون كبير جدا وشهدوا أن دفاع المغرب عن وحدته الترابية هو بناء وعمل ووفاء وإلتزام وليس خطابا كذلك الذي تحمله الدولة الجارة المدعمة للإرهاب بملايير الدولارات والتي تحرم شعبها من الولوج إلى كيس حليب وسميد وخدمة تعليمية وصحية. هم يمولون إرهابيي البوليساريو والمملكة المغربية تمول برامج التنمية على مدى الوطن.