ماء العينين: هل تغير نتائج انتخابات إسبانيا قرار بيدرو سانشيز بشأن مغربية الصحراء؟

ماء العينين: هل تغير نتائج انتخابات إسبانيا قرار بيدرو سانشيز بشأن مغربية الصحراء؟ رئيس الحكومة، بيدرو سانشيز وفي الإطار مصطفى ماء العينين، عضو الحزب الشعبي الإسباني
قال مصطفى ماء العينين، عضو الحزب الشعبي الإسباني، أن الانتخابات العامة التي ستجرى يوم 23 يوليوز 2023 في إسبانيا، ستغير المشهد السياسي بشكل كبير، حيث أعطت الاستطلاعات الأخيرة نسبة 33 في المائة للحزب الشعبي، يليه حزب العمال الاشتراكي بنسبة 25 في المائة وحزب فوكس اليميني المتطرف بنسبة 14 في المائة.

واستطرد الخبير في العلاقات المغربية الإسبانية بالقول أنه من المهم التأكيد أن استطلاعات الرأي قد تكون غير دقيقة وأن نتائج الانتخابات النهائية قد تمنح الحزب الشعبي نسبة أكبر بكثير. في حين إن الشيء الوحيد الذي يمكن أن ينقذ الحزب الاشتراكي من هزيمة مدوية هو الموعد الذي حدده رئيس الحكومة، بيدرو سانشيز، للانتخابات، وهو التاريخ الذي يمكن أن تؤثر فيه الإجازات والعطل سلبًا على الحضور وتحرم المواطنين من المشاركة الواسعة في التصويت.

وأضاف ماء العينين قائلا: "من ناحية أخرى، وحتى إذا شكل حزب العمال الاشتراكي تحالفًا مع أحزاب يسارية أخرى، فمن غير المرجح أن يتمكن التحالف من الفوز في الانتخابات، بل من المستبعد حتى تشكيل حكومة.
أما بالنسبة لبوكس، فمن المرجح أن يحقق المزيد من الأصوات، التي ستخوله أن يصبح صانع ملوك بامتياز في الحكومة الإسبانية المقبلة.

كما هو معروف، حزب بوكس هو حزب يميني شعبوي، متشكك في جدوى الانتماء الإسباني للجمع الأوروبي ومنتقدا بشدة الاتحاد الأوروبي، هذا الحزب اكتسب شعبية في السنوات الأخيرة ونجح في تسخير غضب الناخبين بشأن قضايا مثل الهجرة، الجريمة والتآكل الملحوظ للهوية الوطنية الإسبانية، وتسخير كل هذا ليخدم مصالح الحزب وصورته بين قطاعات واسعة من الشعب الإسباني.

منذ نشأته، كان بوكس حزبًا مثيرًا للجدل، إما بسبب أفكاره المتطرفة أو تصرفات قادته، وهو ما أمسى واضحًا عندما أعلن زعيم الحزب، سانتياغو أباسكال، إطلاق حملته الانتخابية من كوبادونجا التي تعد من الأماكن ذات أهمية تاريخية كبيرة لإسبانيا؛ فقد كانت مسرحًا لمعركة اعتُبرت منذ قرون بداية حروب “الاسترداد”.

من خلال زيارة كوبادونجا، يشير أباسكال إلى أتباعه بأنه الوطني الحقيقي الملتزم بالدفاع عن التراث المسيحي والقومي لإسبانيا، ويشير إلى المغرب بأنه العدو الرئيسي، وأن واجبه كقائد هو حماية مصالح الوطن ومواجهة هذا “العدو الجنوبي” كما فعل بيلايو ضد جيوش الأندلسيين عام 722 في بلدة كوبادونجا المذكورة.

لكن دعونا نضع جانبًا المشاعر التي يريد حزب بوكس استغلالها سياسيًا.. دعونا نركز على الجوانب العملية التي يمكن أن تنتج إذا حصل الحزب على المركز الثاني في الانتخابات أو المركز الثالث على أبعد تقدير. 

وتساءل الخبير في الشأن الإسباني، هل تستطيع حكومة الحزب الشعبي- بوكس تغيير قرار بيدرو سانشيز بشأن الصحراء المغربية؟
ليجيب، انتقد حزب الشعب قرار سانشيز ووصفه بأنه “خيانة للموقف الإسباني التقليدي”. ومع ذلك، فمن غير المرجح أن تغير الحكومة المقبلة قرار سانشيز.

توجد أسباب عديدة لهذا الأمر، أولاً وقبل كل شيء، حزب الشعب ليس موحدًا في رؤيته لقضية الصحراء المغربية؛ فبعض أعضاء الحزب يؤيدون قرار سانشيز، بينما يعتقد آخرون أن إسبانيا يجب أن تتمسك بموقفها التقليدي.

ثانيًا، يدرك كل من الحزب الشعبي وبوكس العواقب الاقتصادية والدبلوماسية المحتملة لتغيير قرار سانشيز. فالمغرب يعتبر شريكًا تجاريًا مهمًا لإسبانيا، ويتمتع البلدان بعلاقات أمنية وثيقة. إذا تم تغيير قرار سانشيز، فقد يؤدي ذلك إلى خطر تعريض هذه العلاقات للضرر. 

ثالثًا، ستتجنب حكومة الحزب الشعبي- بوكس ردود فعل المجتمع الدولي تجاه أي تغيير في السياسة الإسبانية بشأن الصحراء المغربية. فقد أعربت الولايات المتحدة وألمانيا، بالإضافة إلى العديد من البلدان الأخرى، عن دعمها لخطة الحكم الذاتي المغربية. إذا قامت الحكومة الجديدة بتغيير قرار سانشيز، فإنها ستخاطر بتعكير العلاقات مع هذه الدول. 

رابعًا، تعتبر العلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي معقدة للغاية. يعتبر المغرب شريكًا رئيسيًا للاتحاد الأوروبي في مجالات عدة، بما في ذلك الأمن والتجارة والهجرة، حيث ساعد في منع آلاف المهاجرين من عبور البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا. وبالتالي، فإن الاتحاد الأوروبي لا يرغب في المخاطرة بتلك العلاقات من خلال دعم أي تغيير في موقف إسبانيا بشأن الصحراء المغربية. 

خامساً، يُعَتَبَرُ المغرب عضوا في برنامج “الشراكة المتقدمة” التابع للاتحاد الأوروبي وشريكًا أمنيًا حيويًا، حيث ساهم في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، سواء التي تنشط على المستوى الإقليمي أو تلك العابرة للقارات، وبالأخص من أمريكا اللاتينية التي تعتبر المورد الرئيسي لجميع أصناف المخدرات لدول الاتحاد الأوروبي. وبالتالي، فإن تغيير موقف إسبانيا بشأن الصحراء الغربية قد يؤدي إلى تهديد تلك الجهود المشتركة في مجال الأمن وتعاون البلدين في هذا الصدد. 

هذه مجرد أمثلة قليلة على العلاقات الوثيقة بين المغرب وإسبانيا من جهة، وبين المغرب والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى. 

ليخلص ماء العينين إلى أنه، من المتوقع أن تتخذ الحكومة اليمينية الجديدة بعض الإجراءات أو الخطوات المعادية للمغرب. وقد تكون إحدى هذه الخطوات إعادة النظر في حالة بعض الاتفاقات الثنائية أو كسر تقليد الرحلة الرسمية الأولى لرئيس الوزراء الإسباني التي كانت دائما في اتجاه المغرب، غير أن هذه الإجراءات ستكون فقط للاستهلاك الداخلي الموجه لقطاع من الناخبين لديه رغبة شديدة في رؤية مواقف “قوية” و”حازمة” أكثر من أي شيء آخر لرعاية وإشباع الشعور المتنامي بالقومية؛ قومية لا يجب أن تتجاوز بأي حال من الأحوال المصالح العليا التي توحد الدولتين: المغرب وإسبانيا.