تطوان: الشيخ يوسف احنانة يستعرض معالم الوسطية في العقيدة الأشعرية

تطوان: الشيخ يوسف احنانة يستعرض معالم الوسطية في العقيدة الأشعرية مشهد من اللقاء وفي الإطار الدكتور يوسف احنانة عضو المجلس العلمي، وخطيب مسجد بدر بتطوان
احتضن  المجلس العلمي المحلي بتطوان، يوم الأربعاء 12يوليوز 2023، محاضرة للدكتور يوسف احنانة عضو المجلس العلمي، وخطيب مسجد بدر بتطوان، تحت عنوان:"معالم الوسطية في العقيدة الأشعرية".

فقد استهل شيخ الأشعرية محاضرته بتحديد مفهوم الوسطية الذي هو شعار هذه الأمة، بأن ميز في إطارها بين الوسطية باعتبارها موقفا، والوسطية باعتبارها منهجا. وهو ما مثلته العقيدة الأشعرية، ومثله الأشاعرة على مستوى الاعتقاد والأخلاق.

وبعدها أكد على مجموعة من المنطلقات التي تصدر عنها العقيدة الأشعرية، من قبيل الانطلاق من رحمة الله وفضله، بجعل فضل الله مقدماة على عدله، ورحمته  مقدمة على وعيده،وإحسانه مقدما على ميزانه. أما المنطلق الثاني، فهو أن الله هو الفاعل الأوحد في الكون، فلا يشاركه في ذلك أحد. أما المنطلق الٱخر فهو أنهم يرون أن تأسيس مفهوم التوحيد، يقوم على تنزيه الذات الإلهية عن كل أشكال التعدد والتشبيه.  

ثم انتقل للحديث عن مظاهر الوسطية في المذهب الأشعري فركز على مجموعة من هذه المظاهر منها: 
الوسطية في تمثل مفهوم الإيمان. ذلك أن الأشاعرة أمام موقف الخوارج الذي يكفر كل مرتكب الكبيرة ويحل دمه. وأمام موقف المرجئة الذي يعتبر الإيمان مجرد اعتقاد قلبي وأن الذنوب والمعاصي لا تؤثر فيه، انبرى الأشاعرة إلى اتخاذ موقف وسطي يعتبر أن العمل هو شرط كمال في الإيمان. فالذنوب لا تكفر صاحبها ولكنها تنقص من إيمانه، وتجعله مؤمنا عاصيا أو فاسقا.

ثم انتقل المحاضر إلى مسألة كلام الله، هل هو قديم أو محدث؟ فلما كان المعتزلة يقولون بأن الكلام الإلهي هو صفة فعل، وأن الله إذا أراد الكلام فعله وخلقه. وبذلك يكون القرٱن مخلوقا. في حين يرى الحشوية أن كلام الله أو القران معاني وألفاظا وكتابة وأوراقا وتسفيرا، قديم بقدم الله، يأتي الأشاعرة ليميزوا في هذا الصدد بين المدلول والدال. فالكلام النفسي أو المعنى أو المراد الإلهي من القرٱن أو المدلول قديم، في حين تبقى الكلمات والعبارات المترجمة له محدثة ومخلوقة لله. وهذه وسطية مبررة بالعديد من الٱي القرٱني.

وبصدد الحديث عن إمكانية رؤية الله في الدنيا والٱخرة، تطرق شيخ الأشعرية إلى المواقف المتباينة في هذا الموضوع، بين المعتزلة الذين ينفون هذه الإمكانية في الدنيا والٱخرة انطلاقا من تنزيههم المطلق الذات الإلهية، وبين الإشراقيين والصوفية الذين يقولون بإمكانية رؤية الله دنيا وٱخرة، يظهر الأشاعرة بموقف وسطي مؤسس يرى أن إمكانية رؤية الله في الدنيا محالة، لكنها في الٱخرة ممكنة على اعتبار أننا في الٱخرة سيمنحنا الله قدرة على رؤيته. هاته القدرة غير متاحة في الدنيا.

 وفي مسألة خلق الأفعال، يرى الشيخ، أن الأشاعرة وقفوا منها موقفا وسطا بين المعتزلة القائلين بحرية الإرادة البشرية وبأن الإنسان يخلق أفعاله وهو مسؤول عن ما يأتي منها. في حين يرى الجبرية ومن سار في دربهم أن الإنسان كالريشة في مهب الرياح تفعل به الأقدار ما تشاء. لكن الأشاعرة اختاروا نظرية الكسب باعتبارها وسطا بين المعتزلة والجبرية. ذلك أنهم ميزوا بين أفعال العباد التي لا يكسبها وإنما هي خارجة عن إرادته وكسبه، وبين الأفعال التي يريدها ويعقد العزم على فعلها، والتي يخلق الله له القدرة على فعلها، فيكون كسب القلوب مؤشرا على تسهيل الله الفعل لصاحبه. فيكون الفعل خلقا لله وكسبا للإنسان.

وفي الختام تلت المحاضرة مناقشة فاعلة وجدية أثرت الموضوع، وأزاحت بعض غوامضه، وفصلت القول في بعض جزئياته.