يقدم الدكتور حكيم التوزاني، أستاذ القانون الدولي العام والعلوم السياسية بكلية الحقوق بأيت ملول/جامعة ابن زهر بأكادير، مقترحاته حول المرتكزات القانونية لطرد الجمهورية الصحراوية الوهمية من الاتحاد الإفريقي، وتنسف دعامات هذا الكيان المصطنع الذي "اخترعه" الخيال المريض للعسكر الجزائري. عارضا ما يمكن إثباته من الناحية القانونية كأحد المداخل الأساسية لإعادة ترتيب البيت الداخلي للاتحاد الإفريقي بما ينسجم والقواعد الآمرة الضابطة للتفاعلات الدولية:
مؤدى مفهوم الشخصية القانونية التي يمنحها القانون الدولي للدولة، أن هذه الأخيرة تكون مؤهلة لاكتساب الحقوق «حق البقاء، حق الدولة في الاستقلال، حق المساواة» وتحمل الالتزامات «واجب عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، واجب حل المنازعات الدولية بالطرق السلمية، واجب الدولة في التعاون مع الأمم المتحدة في تنفيذ نظام الأمن الجماعي، واجب الدولة في معاملة جميع الأشخاص الخاضعين لسيادتها على أساس المساواة» في علاقاتها بأطراف المجتمع الدولي.
ذلك أنه في مستواه الدولي تعتبر بمثابة أهلية الدولة لاكتساب الحقوق وتحمّل الالتزامات الدوليّة بإرادتها، مع امتلاكها للأهليّة الشارعة، أي قدرتها على الإسهام في إرساء قواعد القانون الدولي؛ عبر إبرام المعاهدات الدولية أو الاشتراك في خلق الأعراف الدوليّة.
ذلك أن نطاق الشخصية القانونية الدولية يمكن تحديده بأمرين أساسيين:
أولا: القدرة على التعبير عن إرادة ذاتية خاصة في ميدان العلاقات الدولية.
ثانيا: القدرة على ممارسة بعض الحقوق أو الاختصاصات الدولية وفقا لأحكام القانون الدولي العام.
ويترتب عن تمتع الدولة بالشخصية القانونية الدولية النتائج التالية:
• مسؤولية الدولة عن أعمال ممثليها الذين تم تفويضهم قانونيا للتصرف باسمها: فالأفراد المفوضون «الدبلوماسيون» العسكريون...) بمجرد قيامهم بوظائفهم في إطار التفويض المذكور تنعكس أثار أعمالهم على مسؤولية الدولة، سواء تعلق الأمر بأعمال إيجابية كإبرام الاتفاقيات أو تمثيل بلدانهم في الهيئات الدبلوماسية أو القنصلية أو في المؤتمرات الدولية، وبذلك تلتزم الدول بتنفيذ المقتضيات الواردة في متن الاتفاقيات أو القرارات المتخذة عن المؤتمرات. أو إذا تعلق الأمر بأعمال سلبية، كتدخل دبلوماسي في شؤون دولة أخرى أو انتهاك سيادة الدول من طرف عسكريين... فإن الدولة تتحمل مسؤولية الأضرار سواء بالتعويض أو بتقديم الاعتذار أو بالتعهد بعدم تكرار مثل هذه الممارسات.
• استمرارية وبقاء الدولة: قد تتعرض الدولة لعملية انفصال لجزء من أجزاء إقليمها، أو لاقتطاع جزء من ترابها من طرف دولة أخرى بعملية ضم أو احتلال، غير أن شخصية الدولة تبقى قائمة سواء من خلال استمرار علاقاتها الدبلوماسية مع الدول الأخرى أو من خلال دوام عضويتها في المنظمات الدولية التي هي عضو بها.
• وعلى مستوى السلطة السياسية: قد يتعرض نظام الحكم لتغييرات سواء بشكل ديمقراطي سلمي أو بانقلاب عسكري، ورغم ذلك تستمر شخصية الدولة ولا تتأثر التزاماتها الدولية ولا حقوقها المعترف بها من وجهة نظر القانون الدولي.
وفي هذا الإطار، يمكن تعداد الحقوق الدولية الثابتة لشخص القانون الدولي العام كالآتي:
• حق إبرام المعاهدة.
• حق المشاركة في خلق وتكوين القواعد القانونية الدولية الاتفاقية والعرفية، وذلك بالتعاون مع غيره من الأشخاص الأخرى.
• حق التمثيل الدبلوماسي، أي إرسال واستقبال الوفود والبعثات الدبلوماسية والدولية.
• حق تقديم المطالبات الدولية، بمعنى أن يكون مدعيا أو مدعى عليه أمام المحاكم الدولية.
• التمتع بالمزايا والحصانات الدولية والدبلوماسية.
أما الالتزامات الدولية التي تكون على عاتق الشخص القانوني الدولي فهي:
• ضرورة احترام قواعد القانون الدولي العام؛
• تنفيذ الالتزامات الدولية بحسن نية؛
• عدم استعمال القوّة أو التهديد باستعمالها في العلاقات الدولية إلا في الحدود التي يقرها القانون الدولي؛
• تسوية المنازعات الدولية بالوسائل السلمية؛
• الالتزام بعدم التدخل في شؤون الأشخاص الدولية الأخرى؛
• الالتزام باحترام حقوق الأشخاص الدولية الأخرى...
وبحكم أن جمهورية الوهم الصحراوية لا تمارس حقوقها الدولية إذ أنها لا تبرم اتفاقيات دولية يمكن تسجيلها بمقتضى المادة 102 من ميثاق الأمم المتحدة لدى أمانتها، كما أن ليس لها بمقتضى مبدأ المعاملة بالمثل اعتماد بعثات دبلوماسية، كما لا تمارس حق التقاضي الدولي لدى المحاكم الدولية... كما لا تنضبط للواجبات المفروض على كل من تقلد بوصف الشخص القانوني الدولي، إذ أنها لا تجنح للسلم في علاقاتها البينية، ولا تفوت فرصة لنقض مبادئ الأمم المتحدة في التهديد واستعمال القوة... مما يجعلها تستجمع مختلف مقومات نسف الشخصية القانونية عن شبح كيانها، خاصة أن هذا الركن يتواجد وينعدم بتواجد وانعدام الأركان السالفة الذكر، وهو ما يجعل الجمهورية الوهمية بدون شخصية قانونية تخول لها إمكانية تحمل الالتزامات الدولية أو المطالبة بحقوقها أو إنشاء قواعد قانونية من خلال المعاهدات والتصرفات الدولية.