عبد المجيد طعام: سيدنا ذكر

عبد المجيد طعام: سيدنا ذكر عبد المجيد طعام
إلى كل الذين يناضلون من أجل نهاية الكليشهات الجاهزة القاتلة ..
منذ أن كان ذكرا ، أحاطه أبوه بهالة من القداسة، لأنه الذكر الوحيد بين أخواته الثمانية .... وهو يكبر كان يتضخم فيه الأنا إلى أن أضحى محور الكون، يتمدد معه  في الفضاء اللامحدود  لتتمدد شجرة العائلة وتلامس الثريا ... أدرك المعطي أنه صاحب رسالة في هذه الحياة، عليه أن يكبر بسرعة ، ليتزوج بسرعة، وينجب الكثير من الذكور بسرعة  .
أحس ابوه وجده بقلق كبير وهو يدخل لأول مرة على عروسته ، كان الانتظار قاسيا ومرعبا ، لكن بعد أن ألقى  لهما من نافذة الغرفة قطعة قماش،  مخضبة بدماء الصفاء والأصل الكريم ، أحسا بشيء من الارتياح ، وقال الأب بصوت خافت : " الحمد لله، سيدنا ذكر لم يخذل ولدي سيدي المعطي، البطل المغوار. " 
حملت البتول وسرى الخبر بين كل أفراد  العائلة ، لكن الجد والأب عاودهما القلق والترقب ، كانا ينتظران خروج ذكر جديد من بطن الأنثى يرفع رأس العائلة بين عائلات القبيلة  .
كان الوضع ، لكن الهموم جثمت على كل العائلة ، بكى الأب كثيرا  وشعر المعطي بالحرج ، رفض الأنثى التي أنجبتها زوجته ، وبدأت العائلة تخطط لإنجاب جديد  مع امرأة أخرى عرف عن عائلتها إنجاب الذكور فقط .
أجمعوا أمرهم ليلا ،وانطلقوا  في الصباح الباكر ،فجأة و قبل الوصول إلى منزل العروسة الجديدة ، خرجت دراجة نارية بسرعة فائقة  من الزقاق المجاور ،دهست المعطي  ، فأصيب بجروح  بليغة على مستوى أسفل البطن ، تم نقله على وجه السرعة إلى مستشفى القرية ومنه إلى مستشفى المدينة .
بعد أن تجاوز المعطي حالة الحرج ،عزم  أبوه وجده على زيارته ، لكن بمجرد وصولهما إلى المستشفى ، أخبرتهما الممرضة بان الطبيب الرئيسي يطلبهما  ... بكثير من القلق اقتحما المكتب أجلسهما الطبيب، ثم قال لهما : "الحمد لله  ،  تجاوز ابنكم المعطي حالة الخطر وهو الآن يتعافى،ولكن علي أن أخبركما بأمر محرج "  ليضع حدا لحالة القلق والترقب البادية على وجهيهما أردف قائلا  :" الحادث كان خطيرا ، أصيب  المعطي  بأضرار جسيمة في عضو جد حساس،  كان بين الموت والحياة ، لكن الحمد لله، تجاوز حالة الخطر بفضل  اللجنة الطبية ، التي قررت أن تبتر ذكره.....  بترنا ذكر المعطي لنحافظ على حياته !! "
 لم يهتم الجد بما كان يقول الطبيب ،  كان  منشغلا بتتبع حركات  الممرضات والنظر في قوامهن وجمالهن   ، بينما وقف الأب وهو يضرب رأسه بكفيه، استجمع كل ما بقي له من جرأة  وقال بصوت خافت : " يعني سيدنا ذكر تم بتره ... !!" وفي ما يشبه الهلوسة بدأ يردد :" أويلي !!!!!  سيدنا ذكر انتهى ،والقي به في المزبلة لتأكله القطط  !!  تاريخ العائلة والشجرة ... كل تاريخنا المجيد ستأكله القطط ؟ المعطي لم يعد ذكرا !! تاريخ العائلة سيتوقف فجأة بهذا الشكل المذل !! " 
حاول الطبيب أن يختار كلماته  ليهدئ من روع الأب فقال له :" احمد الله أن ابنك حي يرزق !! " خرج الأب من هلوسته ، نظر إلى الطبيب  والغضب ينفجر بركانا من عينيه :" ابني! المبتور الذكر! حي يرزق ؟ يا فرحتي !!  وبماذا سيفيدني ، وهو بدون ذكر ؟  المعطي  لم يعد نافعا ، لم يعد يصلح لأي شيء ....خذوه أنتم !! كان عليكم أن تبتروا رأسه  ، وليس ذكره .... لقد بترتم تاريخ و شرف العائلة ، حسبي الله ونعم الوكيل  "