سليمان مواطن سوري وبالضبط من دير الزور، اضطرته ظروف الحرب والاقتتال إلى الهجرة نحو ليبيا، ونظرا لنفس الظروف الحربية، عبر منها إلى العاصمة الجزائر، ليبحث له عن لقمة عيش، وقبل ذلك لم يطل به المقام في وهران، حيث نسبة الإجرام مرتفعة، حسب التسجيل الصوتي الذي تتوفر جريدة "أنفاس بريس" على نسخة منه، وهو بمثابة شهادة للتاريخ، "كانت الأوضاع غير مستقرة بوهران، كل يوم مشاكل سرقة، مخدرات، إجرام، جوع.. وزاد من ذلك البطالة المرتفعة، شعرت بأني في ورطة لاتقل عن الأوضاع في سوريا أو ليبيا"، يقول سليمان السوري، مضيفا "جل الجزائريين الذين التقيتهم لهم حلم المغادرة من بلدهم نحو أوربا، والباقي من الكل إما مع الجنرالات أو يقتاتون من الفساد، الجزائر بلد متهالك وغير صالح للعيش بالمرة، بل حتى أبسط مقومات العيش غير متوفرة، بل حتى الوازع الديني عند الجزائريين ضعيف، أستغفر الله، يسبون الدين والذات الإلهية بشكل كثير.. ومن الآخر، كانت معاملة الجزائريين لنا كلاجئين، وقحة.. انتقلت بعدها للعاصمة الجزائر، وعشت مآسي كثيرة اجتماعيا، اضطريت للعمل في الصحراء بشركة غاز "أدواك"، لتسعة أشهر، لكن ضيعوني في حقوقي، ونظمنا مظاهرة في العاصمة ضد النظام السوري وحليفه الإيراني، وجاءت العناصر الأمنية وسجلت أسماءنا في سجل خاص، وبعد فترة جاءتني عناصر الدرك الوطني، وقاموا بتفتيش دقيق للبيت الذي أقطن فيه، وتم تكسير أغراضي الشخصية، وتم ترحيلي ليلا إلى الحدود الصحراوية مع المغرب، وهناك وجدت عائلات فلسطينية، وكنا 11 عائلة سورية وفلسطينية، ولم يخبرونا قبل ذلك بالإجلاء، بل تم ترحيلنا دون موافقتنا أو حتى إخبارنا، كان معنا أطفال ونساء، وقد تم تصفيدنا في الرحلة الطويلة مع وضع غطاء العينين، واحد من مخيم اليرموك، كان بجنبي، طلب شرب الماء فتم التعامل معه بغلظة ونال حقه من الضرب من قبل العناصر الدركية، تم التعامل معنا بلؤم وحقارة، والآن عدد من المرحلين يعيشون حالة متذمرة نفسيا لا تقل تأثيرها عن ما عشناه في بلداننا من حروب، والاعتداء طال النساء أيضا فلسطينيات وسوريات. بقينا في الصحراء مجهولي المصير حوالي 50 يوما، في درجة حرارة مرتفعة، وكنا نتلقى تهديدات عبر مكبرات الصوت من الدرك الجزائري، بأنه إذا فكرنا بالعودة للجزائر سيتم إطلاق الرصاص علينا وكنا نعيش بمساعدات مغربية تسرب لنا عبر الحدود من مدينة فكيك المغربية، وفي تاسع يوم أنجبت إحدى النساء وليدها، وشعرنا بخجل كبير لأننا لم نستطع مد المساعدة لها، في ظل الظروف الاجتماعية القاسية، بعد ذلك جاءتنا منظمة إنسانية من هذه المدينة، وقد تم إكرامنا أشد الكرم، وتم توزيعنا على الأسر المغربية الذين كانوا يتنافسون من أجل استضافتنا، وأصدقك القول أننا خشينا أن يكون مصيرنا كما في الجزائر، لكن بالعكس، أكرمونا أشد الكرم، تم حملنا عبر سيارات الأمن المغربي الذين وجدناهم في استقبالنا، ونرفع للمغرب القبعة صراحة في تعامله الراقي معنا ومع قضيتنا.. والفضل لشخص اسمه مولاي محمد العماري، هو ناشط مدني ترافع لصالح قضيتنا في عدد من المنابر، واستطاع أن يضمن لنا المقام والغذاء، لحم، جبنة، تمر، ماء، واستقبلنا كما قلت في فكيك، بالورد والحليب والتمور.."
نفس الشهادة ترددت على لسان عدد من اللاجئين السوريين والفلسطينيين، فضحوا ممارسات الجزائر معهم، وكيف أكرم المغرب وفادتهم.