يرى د.علي الحريشي، عميد معهد العلوم السياسية بجامعة مونديابوليس بالدار البيضاء أن الموقف البرتغالي الداعم لخطة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية يتناغم مع مواقف معظم الدول الأوروبية والمجتمع الدولي ككل، مضيفا بأن ما حصل يأتي كنتيجة للجهود المبذولة من طرف الدبلوماسية المغربية بتوجيه من الملك محمد السادس، كما يتطرق الى الموقف النشار لفرنسا، موضحا بأن فرنسا قررت اعتبار الجزائر حليف استراتيجي على حساب المغرب، وهو اختيار خاطئ حكم على فرنسا بالعزلة سواء بأوروبا أو إفريقيا، مؤكدا بأن الفكر السياسي الفرنسي لا يسير في نفس الاتجاه الذي يسير فيه ماكرون والمناوئ لمصالح المغرب الذي يعد بوابة الأمن والأمان في إفريقيا، كما يعد الجسر الرابط بين إفريقيا وأوروبا، وهذا ما يفسر – بحسب الحريشي - دعم اسبانيا وألمانيا وهولندا وبلجيكا والبرتغال للطرح المغربي.
كيف تلقيت الموقف البرتغالي الأخير والقاضي بدعم خطة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية ؟
الموقف البرتغالي الداعم لخطة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية يتناغم مع مواقف معظم الدول الأوروبية والمجتمع الدولي ككل، فبعد اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء تابعنا الاعتراف الإسباني وبعد ذلك الاعتراف الألماني والهولندي، الى جانب اعتراف بعض بلدان أوروبا الشرقية، فضلا عن الموقف البلجيكي وكل هؤلاء يثمنون مخطط الحكم الذاتي الذي يطرحه المغرب كحل للنزاع المفتعل في قضية الصحراء المغربية، وهو حل سياسي وبراغماتي يتناغم مع المعطيات التاريخية والقانونية المتعلقة بهذه القضية. اليوم البرتغال تؤكد هذا السياق العالمي الذي يؤيد الطرح المغربي . كما أن ما حصل يأتي كنتيجة للجهود المبذولة من طرف الدبلوماسية المغربية بتوجيه من الملك محمد السادس، حيث انفتح المغرب على العديد من البلدان، كما أن قضية الصحراء المغربية تعد وكما جاء في خطاب الملك محمد السادس المنظار الذي يحدد من خلاله المغرب علاقاته الخارجية.
اذا المغرب يعد فاعلا قويا في منطقة البحر الأبيض المتوسط وفي منطقة شمال إفريقيا وفي إفريقيا ككل، وهو فاعل قوي أيضا في العالم العربي، كما يعد فاعلا مهما وموثوقا به في المجتمع الدولي سواء فيما يتعلق بعلاقاته الاقتصادية والتجارية أو فيما يتعلق بانخراطه في دعم الأمن والاستقرار في المنطقة، وأعتقد أن كل هذه المعطيات دفعت البرتغال الى تبني موقف داعم لمخطط الحكم الذاتي في الصحراء المغربية ، دون إغفال علاقاتها الاقتصادية مع المغرب ، ولا ننسى أن المغرب يقوم بدور جيو استراتيجي مهم في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط وشمال إفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء، ويواجه نفس التحديات التي توجهها أوروبا ومختلف بلدان العالم وعلى رأسها الهجرة، تحديات الماء، الطاقة الخضراء، تحديات الأمن، في منطقة الساحل وفي بعض الدول المجاورة للمغرب، فضلا عن الثقة والدور المحوري الذي يلعبه المغرب، وفوق كل هذا وذاك فالصحراء قانونيا وتاريخيا هي جزء لا يتجزأ من التراب المغربي، وهي قضية مفتعلة، واليوم المجتمع الدولي يدعم مخطط الحكم الذاتي في الصحراء باعتباره حلا واقعيا لهذا النزاع المفتعل، والى جانب دعم البرتغال لمخطط الحكم الذاتي في الصحراء فهي تربطها شراكات اقتصادية وتجارية على غرار عدد من البلدان الأوروبية .
ماهي المكاسب التي يمكن أن يجنيها المغرب من دعم البرتغال لمخطط الحكم الذاتي في الصحراء المغربية ؟
البرتغال هي دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، وهو ما يعني تقوية العلاقات مع الدول الصديقة والحليفة للمغرب مع الاتحاد الأوروبي، كما أن المغرب تربطه شراكة جد متقدمة مع الاتحاد الأوروبي منذ 2007، وقد لاحظنا أن البرتغال بعد الاجتماع المشترك مع المغرب أكدت أن المغرب يعد حليفا استراتيجيا للاتحاد الأوروبي في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط ، حيث تربطه علاقات في المجال الفلاحي والصيد البحري مع الاتحاد الأوروبي، والدول الأوروبية تنظر الى المغرب باعتباره شريكا موثوقا به، كما أن صوت البرتغال يعد مهما داخل الاتحاد الأوروبي، خاصة أن عدد من البلدان الأوروبية تربطها علاقات متينة مع المغرب، وكلما ازداد عدد البلدان الحليفة للمغرب كلما ازدادت قوته داخل الاتحاد الأوروبي، واذا كانت فرنسا قد حاولت عزل المغرب فهي اليوم تبدو معزولة وسط البلدان الأوروبية.
ماذا عن آثار الموقف البرتغالي على الموقف النشاز لفرنسا فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية ؟
لابد من الإشارة أولا الى أن فرنسا صوتت لصالح مخطط الحكم الذاتي في الصحراء المغربية منذ 2007 بمجلس الأمن، كما صوتت لصالح قرار مجلس الأمن الأخير 26.54 ، ولكنها مع ذلك فإن فرنسا تعد منحازة لصالح الجزائر، فموقفها ينقصه الوضوح فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية، حيث فضلت تطوير علاقاتها مع الجزائر، ونحن نعلم الدور الذي تقوم به هذه الأخيرة فيما يتعلق بهذه القضية المفتعلة، وحقيقة فالخصم الحقيقي هي الجزائر، فهي التي خلقت هذا النزاع المفتعل إبان الحرب الباردة واليوم هي تعاني من مشاكل داخلية وتحاول تصديرها من خلال هذا النزاع، وأعتقد أن فرنسا لم تقم بالدور المنوط بها فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية خاصة في عهد ماكرون، حيث فضلت إرضاء الجزائر حماية لمصالحها الاقتصادية والتجارية، وخاصة التزود بالغاز والبترول، واذا كانت أغلبية بلدان الساحل قد انتفضت ضد فرنسا، فإن هذه الأخيرة بحاجة الى " فرنسا الثانية " أي الجزائر في علاقتها مع البلدان الإفريقية وخاصة بلدان الساحل، علما أن لفرنسا مصالح مع هذه البلدان وأيضا مع الجزائر، ولكن لها أيضا مصالح مهمة واستراتيجية مع المغرب، لكنها للأسف قررت تغليب مصالحها مع الجزائر وهو الأمر الذي جعلها في عزلة، علما أن المجتمع الدولي اليوم يبحث عن الأمن والاستقرار مع التحديات الجديدة ( تحديات الهجرة، الماء، الطاقة..) وهي التحديات التي تقتسمها أوروبا مع إفريقيا، والمغرب يلعب دور تحقيق الأمان والاستقرار بينما الجزائر تسعى دائما الى إثارة القلاقل والفتن في هذه المنطقة، وأعتقد أن الفكر السياسي الفرنسي لا يسير في نفس الاتجاه الذي يسير فيه ماكرون والمناوئ لمصالح المغرب، وفي رأيي فإن اختيار الجزائر كحليف استراتيجي لفرنسا على حساب المغرب هو اختيار خاطئ، علما أن المغرب يعد بوابة الأمن والأمان في إفريقيا، كما يعد الجسر الرابط بين إفريقيا وأوروبا، وهذا ما يفسر دعم اسبانيا وألمانيا وهولندا وبلجيكا والبرتغال للطرح المغربي.