بالنظر للتحولات العالمية إثر خروجنا من أزمة كوفيد19 بمزيد من العاهات النفسية، تنضاف لما نعيشه جراء سياسات عمومية فاشلة وعلى كافة المستويات؛ بحيث لم نعمل على تهييء أنفسنا قبل الخروج من الحجر.. فإن الأرقام الرسمية التي قد تحتمل الصواب و الخطا على حد سواء، وبالتالي يحق لنا أن نرتاب من صدقيتها، في ظل انكماش الأبحاث العلمية الموازية والمحاسبة..
خطير أن نعرف أننا لا نتوفر إلا على 343 طبيبا نفسانيا و214 عالم نفس لأكثر من 40 مليون مغربي ،والأخطر من ذلك أن منهم 200 منهم بالقطاع الخاص و1335 ممرضا، بينما الطفولة ليس بها إلا 16 طبيب نفساني كما جاء في تقارير المجالس الدستورية ومنها المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمجلس الإقتصادي والإجتماعي والبيئي، وهي أرقام وإحصائيات معروفة، الشيء الذي دفع ادريس الموساوي رئيس الفدرالية الدولية للعلاج النفسي لدق ناقوس الخطر بالحديث عن "ضعف الإمكانيات رغم أن الطب النفسي يعتبر من منظور عالمي، ثالث" الأولويات الضرورية للمجتمع" بينما ذهبت أكثر من ذلك إيمان بوخير وهي خبيرة في المجال، إلى أن الفوضى التي يعرفها مجال الطب النفسي، يعود لتطاول "الكوتشينغ"على هذا الإختصاص.
واعتقد أن من بين البدائل والتوصيات العاجلة، هو إعادة النظر في نظام التكوين بالوزارة الوصية، وذلك بتشجيع الشباب على ولوج هذا التخصص، إذ لا يعقل أن يتخرج سبعة أطباء فقط من تخصص الطب النفسي سنة2022 الأمر إذن يتطلب أولا إدراج مصاريف علاج هذا المرض ضمن منظومة التعاضديات، للحد من تمثل الإصطرابات النفسية والذهنية في مخيال الشعب المغربي نحو الحشومة ،الذي يذهب مباشرة إلى "التسطية"ونعوت أخرى أكثر احتقارا، عندما يسمعون بمصاب بعاهة مماثلة، وقد يخفونها عن الناس،خوفا من "الشوهة"لأن أحدا من أفراد الأسرة "هبيل مسكين" .
وإمعانا في ذات الإحصائيات الرسمية، أخشى أن أقول بأننا قد نصبح في "بويا عمر"كبير رغم أنه أقفل، فإن مدننا بل وقرانا أصبحت تعج بالأمراض النفسية والمرضى النفسانيين، ولن تستجيب أعداد الأطباء النفسانيين لواقع الحال، إذ هناك خلل في توزيعها على مستوى الجهات لأن الشباب لا يستطيعون فتح عيادات خاصة خارج محور المغرب النافع، فإذا تفحصنا وحاولنا التعامل مع 64 معالج إدمان بمختلف درجاته، و197 معالجا للنطق و36 إخصائي حركي نفساني، وإسقاطها على الجهات 12 للمغرب لكم أن تتصوروا حجم معاناة الأسر مع ذويها، خاصة الأطفال والشيوخ، أو الفئات الهشة من زاوية منظمة الصحة العالمية في دليلها العالمي الموجه لكل دول المعمور، وارتباطا بنفس الأرقام، ولأننا كلنا نحتاج لجلسات الطب النفسي بمدارسنا واعدادياتنا وثانوياتنا وأنديتنا الرياضية وغيرها، وقبل ذلك كله، في النواة واللبنة الأساسية وهي الأسرة، فإننا نمثل 26% الذين يعانون الاكتئاب وتسعة % تعيش إضطرابات القلق، المسمى بمصطلح (ستريس)، وقد لانعي حمولة المصطلح العلمي، ثم 5,6 % تعيش إضطرابات ذهنية، على أن العنوان المستهلك كثيرا، ويتطلب تحليلا علميا أيضا، لتقريبه منا وهو الفصام فإننا ولله الحمد نمثل نسبة 1% بحسب مسح وطني جرى سنة 2005؟؟؟
إلى أنتبلور وزارة الصحة والحماية الإجتماعية، للدكتور ايت الطالب "استراتيجيات"في الصحة النفسية.
محمد جرو/ فاعل جمعوي وإطار تربوي