اتقوا الله في وزان.. قبل فوات الأوان !

اتقوا الله في وزان.. قبل فوات الأوان ! لماذا لا يتم اطلاق مبادرة مدنية كبرى للترافع من أجل وزان التي يحلم بها أبناؤها؟
مدخل بلمسة ملكية ودستورية
" إذا كان هناك البعض لا يفهم توجه عدد من المواطنين إلى ملكهم من أجل حل مشاكل وقضايا بسيطة، فهذا يعني أن هناك خللا في مكان ما ..." وأضاف جلالته في نفس الخطاب " الهدف الذي يجب أن تسعى إليه كل المؤسسات هو خدمة المواطن، وبدون قيامها بهذه المهمة فإنها تبقى عديمة الجدوى، بل لا مبرر لوجودها أصلا ..."
بالعودة إلى دستور 2011 الذي يعي الجميع سياق اعتماده فقد جاء بأول فقرة في تصديره الذي يشكل جزءا من بنائه " إن المملكة المغربية، وفاء لاختيارها الذي لا رجعة فيه في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون، تواصل بعزم مسيرة توطيد وتقوية مؤسسات دولة حديثة، مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة، وارساء دعائم مجتمع متضامن، يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة، وتكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية، ومقومات العيش الكريم، في نطاق التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة " .

حفيد محمد الخامس بوزان
نهاية 2006  والمغرب في بداية انتقاله الديمقراطي، حيث المصالحة الحقوقية والتنموية (الانصاف والمصالحة، جبر الضرر الفردي والجماعي ...) التي أسس لها الملك محمد السادس في بداية عهده، والتي دعمتها وانخرطت فيها القوى الحية بالبلاد، سيزور حفيد محمد الخامس دار الضمانة، زيارة تاريخية بدون منازع، لأنها فتحت آمالا عريضة في وجه أهل وزان التي عانت (وزان) عزلة واقصاء قارب  الأربعة عقود انتهى بها جثة هامدة ، تستقر تحت صفر روح العصر، بعد أن كانت من أرقى المدن المغربية، وثاني بلدية بالمغرب، ومن المدن العشرة الأوائل بالمملكة المغربية من حيث عدد السكان .....!

بعودة الملك محمد السادس أسابيع معدودة بعد ذلك للإشراف على اطلاق برنامج تأهيل وزان، يكون جلالته قد حسم موضوع جبر ضرر وزان وانصافها، وبالتالي على الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية استثمار الزيارتين بتعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة من حزمة الحقوق التي ترسي قواعد ومرتكزات نموذج تنموي يصالح وزان مع تاريخها المضيء، ويمد أمامها جسور القفزة التنموية فتقطعها بأقل العثرات والأعطاب، لتلتحق بركب محيطها بشمال المملكة الذي عرف اقلاعا ضخما رغم كل ما يمكن أن يقال عنه.

دار الضمانة اليوم
هناك شبه اجماع اليوم بأن المدينة قد دخلت مرحلة الاحتضار بعد أن كانت الزيارة الملكية قد ضخت بمفاصل دار الضمانة حقنا من الآمال العريضة،جعلت الحياة تدب فيها من جديد، وعاد ثلة من أبنائها لزيارتها بعد مقاطعتهم/ن لها !خلال فترة الجمر والرصاص ، كما هو وارد في القاموس السياسي المغربي.

عديدة هي المشاريع التي تم التوقيع عليها تحت أنظار جلالة الملك نهاية سنة 2006 لا زال انجازها عالقا ،رغم مرور ثلاثة عمال على رأس عمالة وزان المحدثة نهاية 2009 . وفي هذا الإطار وجبت الاشارة إلى مرفق المحطة الطرقية التي عمر بناؤها أزيد من 14 سنة، وبعد بزوغ فجر فتح أبوابها مطلع السنة الجارية ، يعود عقرب الأمل لنقطة الصفر بعد أن تنصلت الشركة الوطنية للنقل واللوجيستك من مسؤولية شراكتها في تدبير شؤون المرفق، كما جاء ذلك في تصريح مصدر مقرب لموقع " أنفاس بريس" . نفس الأعطاب والاختلالات يعرفها مشروع تأهيل المدينة العتيقة، علما بأن كل حديث عن الاقلاع التنموي لدار الضمانة، سيظل ضربا من العبث، لأن المدينة العتيقة تعتبر رقما أساسيا  في المعادلة التنموية لوزان . أما المركب الثقافي الذي تم عرض تفاصيله أمام جلالة الملك في زيارته نهاية 2006، فهو كذلك يراوح مكانه. هذا دون الحديث عن الطريق التي تخترق قمة جبل بوهلال، رابطة حي العدير بمدخل وزان من جهة الرباط، مرورا بالموقع التاريخي الذي زاره جد الملك محمد السادس، التي توقف كل حديث عن اتمام انجاز الشطر الثاني منه، رغم أن الطريق المذكور سيخفف من حركة المرور وسط شوارع المدينة الضيقة أصلا ، كما أنه سيخلق حركة سياحية على طوله.

من بين المشاريع المعطلة لأسباب مجهولة، يقول مصدر من مجلس الجماعة عدم مصادقة وزارة الداخلية لليوم على الغلاف المالي الذي رصدته الجماعة ( حوالي 600 مليون سنتيم) لمصالحة وزان مع هويتها البصرية الأصلية، التي شوهها التدبير بمقاربة الفساد للمجالس والادارة الترابية المتعاقبة على مواقع المسؤوليات.

مشروع آخر كل تباطء في انجاز، سيعطل الحركة السياحية بدار الضمانة، ويتعلق الأمر بتثنية الطريق الرابط بين وزان واتجاهي طنجة والرباط. وبالمناسبة وجب التعجيل بفتح تحقيق في مشروع تهيئة الطريق المذكور في الشهور الأخيرة ، الذي يجمع كل من استعمله بأن اختلالات كبرى عرفتها عمليه انجازه!
مقطع من شارع المسيرة الخضراء الذي يخترق وسط المدينة يعتبر مشروع تأهيله اليوم ضربا من العبث ، واهدارا للمال العام، بكلمة واحدة الحكامة الجيدة تتبرأ مما يتم تنزيله . وقد ارتفعت عشرات الأصوات مطالبة بحماية المال العام من التبديد، لأن الحل الوحيد لهذا الجزء من شارع المسيرة نجده في توسيعه من جهة ثانوية مولاي عبد الله الشريف، وأن مشروع توسيعه تداول فيه مجلس جماعة وزان في نسخته الجديدة بدورة من دوارته الأخيرة. فأين الالتقائية في تنزيل المشاريع بهذه الجماعة الترابية أو تلك ؟.

أما مشروع النواة الجامعية الذي احتضنته بالإجماع ساكنة الإقليم بعد أن أعدت عنها ( النواة) في نسختها الأولى، هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع لجماعة وزان، رأيا استشاريا ،وترافع عنه ممثلات وممثلي الإقليم بالمؤسسة التشريعية، وفعاليات وزانية تشتغل بعيدا عن الأضواء، وبعد قطعه أخطر الأشواط ، سرعان ما سيعود لنقطة الصفر ويتم إجهاض هذا الحلم الذي راود ساكنة الإقليم وأقاليم مجاورة .

وبالمناسبة فالطريقة التي اشتغلت بها آلية الديمقراطية التشاركية لجماعة وزان خلال الولاية الجماعية السابقة، في اعداد الآراء الاستشارية (النواة الجامعية، الولوجيات، مركز طب الادمان، احداث مجلس الطفل ... ) جعلت منها مرجعا يتم الرجوع اليه والاستئناس به في الكثير من اللقاءات التي ينصب فيها التفكير في تفعيل هيئات المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع بالجماعات الترابية على امتداد التراب الوطني.   

هذا قليل من كثير الأعطاب التي تشغل بال الرأي العام بوزان الذي لا ينكر بأن دار الضمانة باعتبارها عاصمة اقليم وزان قد استفادت من حفنة صغيرة من المشاريع، لكنها مشاريع غير مهيكلة، ولا ترقى إلى مستوى جعل المدينة قاطرة لتنمية الإقليم، كما أن ما تم تنزيله، بالاختلالات الكارثية التي صاحبته، لا تجيب عن انتظارات الساكنة التي تغرق في الهشاشة، وشبابها تقتله مآسي العطالة، ولم يعد يجد أمامه من مخرج غير ارتمائه في الادمان . ولعل أخطر ما يردده الكثير من أهل وزان وهم يتحدثون عن اقصاء مدينتهم هو " هل على الساكنة أن تخرج للشوارع بنظام ومسؤولية وبروح وطنية عالية لتطالب بإنصاف دار الضمانة، وبحقها الدستوري في جني ثمار العدالة المجالية التي غرس شتلاتها جلالة الملك محمد السادس في زيارته التاريخية للمدينة ، لكن جيوب مقاومة الاصلاح التي يجسدها المركب المصالحي الاستغلالي عطل نموها؟

في علاقة بمدخل اللمسة الملكية والدستورية
إذا كان ما دبجنا به هذا المقال عن وزان بمرجعيتين أساسيتين، مرجعية الخطاب الملكي الذي دعا فيه جلالته السلطات العمومية والجماعات المنتخبة، بالانخراط في ورش بناء المغرب الذي يحلم به أبناؤه ... واذا كان المرجع الدستوري تصديرا وأحكاما ينتصر للحق في المساواة وتكافؤ الفرص والعدالة المجالية، ويحظر التمييز بكل أشكاله، فهل الواقع المرير الذي تعيشه المدينة، وتعطيل زمنها التنموي، لا تتحمل مسؤوليته جهات محلية وإقليمية وجهوية ومركزية تقبض على سلطة القرار؟

إذا كان حاضر وزان تؤثثه المآسي، فإن مستقبلها إن سارت الأمور على هذا المنحى محفوف بكل المخاطر ، لذلك بروح وطنية عالية، وبوعي وادراك لدقة المرحلة، فإن الواجب يستدعي ضخ نفس قوي في النموذج التنموي لوزان المختنقة قنواته. مبتدأ ذلك التعجيل بإخراج المشاريع المعلقة للوجود، وتنزيل مشاريع استراتيجية، ورفع الفيتو الحكومي عن بعضها!

من أجل كل ذلك لماذا لا يتم اطلاق مبادرة مدنية كبرى للترافع من أجل وزان التي يحلم بها أبناؤها ؟ دعوة للتفكير.