فؤاد زويريق: مسلسل "كاينة ظروف" يستحق المتابعة

فؤاد زويريق: مسلسل "كاينة ظروف" يستحق المتابعة مسلسل "كاينة ظروف" يحتل صدارة الطوندونس
إحقاقا للحق وإن كان لابد لي من اختيار عمل درامي من بين ما يعرض هذه السنة من انتاجات وطنية فسأختار بدون تردد مسلسل ''كاينة ظروف''/ القناة الأولى. كل موسم درامي يظهر على السطح عمل أو عملين نستطيع بالكاد ان نتابعه/هما، دون تشنج ولا ضغط يؤدي بمرارتنا في الأخير الى الإنفجار، أظن ان ''كاينة ظروف'' سيستمر معنا الى آخر الموسم إذا بقي وفيا لخطه الدرامي كما هو... الى حد الآن نحن في الحلقة الخامسة وقدرته على الاستمرار والصمود تظهر في ارتفاع ايقاعه وتصاعده خلافا للإيقاع البطيء الذي انطلق به، وأتمنى صادقا ألا يخيِّب آملنا، نحن بكل تأكيد سنكون سعداء إذا ما ظهرت لنا بؤرة ضوء ولو خافتة داخل هذا السواد الذي نعيشه، ففي الأخير نحن نسعى الى عمل فني وطني يمثلنا كمغاربة، صحيح أن فكرة المسلسل مكررة في السينما والدراما الغربيتين والعربيتين، لكن لا بأس من مغربتها، هذا لا يعني أن العمل متكامل فله هفواته حتما، لكن على الأقل نحن قادرون على إيجاد مساحة ايجابية كافية فيه للتحدث عنها، بل وقادر كرقم تنافسي على إقناعنا بالإستمرار في مشاهدته واستكشاف تفاصيله.
 
 ادريس الروخ ركز على الأحداث ''ناشفة'' دون تلك البهارات البصرية التي تعطي للعمل حلاوته وبعده الجمالي، ورغم ذلك وكما قلت لن أتوقف على مثل هذه النقط، بل سأعبر لأقول بكل أمانة وصدق بأنه كمخرج أدى الى حد الآن واجبه الفني في رسم ونحت الحدث كما يجب دون أخطاء تقنية وفنية ساذجة مازلنا نشهدها عند كثير من مخرجينا للأسف.
 
العنصر الأهم والأقوى في هذا العمل هو احترافية الطاقم الفني وأتكلم هنا عن الممثلين الذن اختيروا -أظن- بعناية، لأن هناك تكامل وانسجام بين اغلبهم، واختيار كل واحد في الدور الذي يناسبه خدم المسلسل بكل تأكيد، والمفاجأة بالنسبة لي في هذه النقطة بالذات هي الفنانة ابتسام العروسي الذي برهنت على أنها موهبة متكاملة الأركان فالمساحة التي مُنحت لها جعلتها قادرة على التحكم والتلاعب بالشخصية كما أُريد لها بكل تعابيرها الجسدية، وحمولتها الإجتماعية، وأزماتها النفسية المتتالية، ودون تردد سأقول ابتسام العروسي هي مكسب لهذا العمل.  
 
أما راوية/ فاطمة هراندي فهي مشخصة من الطراز الأول وشهادتي فيها مجروحة لأنها من الممثلات اللواتي أحترمهن بشدة وأحترم نضالهن، هي فنانة بإبداعها واجتهادها، ومشاركتها في أي عمل من الأعمال هو إضافة له ولطاقمه، وكالعادة تتألق في هذا العمل أيضا بأناقتها الفنية المعهودة، وتشكل المشاهد التي تجمعها بابتسام العروسي تحديدا متعة في التمثيل والتشخيص المتوازن.   
 
عبد النبي البنيوي له حضور استثنائي في كل عمل يشتغل به، هو مبدع متميز، منحناه تصاعدي باستمرار، دوره في هذا العمل مختلف وقد تفوق في إعطائه نكهة وروح تتناسب والشخصية التي يؤديها وتحقق ايضا التوازن المطلوب مع باقي الشخصيات.
 
عبد الرحيم المنياري كما قلت يوما هو مشخص حقيقي ومبدع محترف آثر الكفاح والنضال بالفن من أجل الفن، ممثل من درجة محارب يسخِّر كل أسلحته لتفكيك الشخصية وبنائها من جديد، عبد الرحيم المنياري من الممثلين الذين لا يعتمدون على شكلهم لشد المتلقي والاستحواذ على تركيزه، فيكفي أن يتحدث ويتحاور في الخلفية دون أن يظهر، حتى تتبين مدى تمكنه من أبجديات التمثيل ولو كان سمعا، كما أن مجرد تحركه في صمت داخل فضاء معين يكشف لك النقاب عن مُشخص قوي معتدّ بنفسه، تعبيره الجسدي لا ينفصل تماما عن تعبيره اللفظي، فهناك تلاق وتناغم جميل يساوي بينهما، هكذا هو المنياري كمعادلة صعبة في التشخيص في بلادنا وفي هذا العمل الدرامي أيضا رغم أنهم حصروه مجددا في دور الشرير.

أما الفنانة سامية أقريو رغم اختلافي الكبير معها في الكثير من الأشياء إلا أن لا اختلاف على موهبتها وإبداعها في التشخيص، ومشاركتها في هذا العمل ساعد على تحقيق التكامل والانسجام بين الشخصيات المحيطة بها... 
 
على العموم وحتى لا أطيل يبقى مسلسل ''كاينة ظروف'' عمل يستحق المشاهدة والمتابعة إذا ما استمر تطور مستواه حلقة بعد حلقة على أمل ألاّ يتراجع ويخيب آمالنا كما يحدث لنا في الأغلب الأعم.   
 
ولنا عودة للحديث عنه مباشرة بعد اكتمال حلقاته واكتمال الصورة لدينا بكل تفاصيلها.