المتوكل الساحلي: رمضان وعلاقته بأشهر العام

المتوكل الساحلي: رمضان وعلاقته بأشهر العام مصطفى المتوكل الساحلي

﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ... ﴾ سورة البقرة : 185

الإسلام بأركانه ومبادئه وأهدافه ومناهجه جاء للناس كافة من آمن به ومن آمن بالرسالات السماوية كلها، وكذا من اختار توجهات فكرية وعقدية أخرى، أو من ورث عن أجداده ما يروه هو عين الحقيقة وحكمة وعلة الوجود عندهم .

كما أن الاسلام ليس بدلة وهيئة يظهرها الشخص ليبرز مدى شكلانيته أو توسطه أو تطرفه في التشبث بالشاذ والمتروك من السنن والمتبع للفتاوى التي تغوص في التأويلات المزاجية وتتبع التوجيهات التي تتحكم فيها خلفيات سياسية خدمت و تخدم منذ فتن العهد الأول أجندات معينة قد تكون في فكرها وعقيدتها على النقيض من الاسلام الذي أنزل على النبي الذي جاء رحمة للعالمين حاملا لواء السلام والعدل والكرامة والعدالة التي لا تفرق بين عربي وأعجمي ولا أبيض وأسود إلا بالتقوى واحترام الانسان بتوقير قناعاته وخصوصياته وعاداته وتقاليده ومعتقداته وحرماته.

ومخطئ من يختزل الاسلام في أيام مثل الجمعة والأعياد، أو يحصرها بجهل وسوء فهم في الصدقة والزكاة أو يجسدها في الإمتناع عن الأكل والشرب في شهر رمضان أو أداء ركن الحج، أو بالاختباء وراء نصوص حديثية تجعله يفهم خطأ أو بنية تعسفية أن العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما. والحج المبرور ليس له من جزاء إلا الجنة ويحط كل الذنوب والخطايا السابقة، غافلا ومتناسيا أن شرط تحقق كل ذلك هو بـ: توقير واحترام حقوق الناس التي انتهك واعتدى عليها، وعدم ظلم واحتقار وابتزاز واستغلال الضعفاء والبسطاء والعامة، وتجاهل من اغتابهم ومس بأعراضهم وناصبهم العداء ونافقهم وأضلهم.

إن سلوك الانسان وبالأخص المسلم يمتد على مدار ثواني وأزمنة العمر ليلا ونهارا، مع النفس ومع الآخرين، وبالعمل الذي يخدم الأسرة والمجتمع والوطن والبشرية كافة.

إن شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ونزل منجما ومفرقا على أشهر وأعوام تلقي سيدنا محمد (صلعم) و للآيات الكريمات المحكمات المفصلة من لدن حكيم خبير، ومعها سنن وطرق أوضحها سيدنا محمد (صلعم) حتى يفهم الناس حقيقة التوحيد والايمان والاسلام وروح والقصد من الصلاة والصيام والحج والزكاة..و ..وعلاقتها وارتباطها الوثيق بالسلوك والاخلاق والمعاملات.

قال تعالى : "اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ" سورة العنكبوت

وسنعرض لبعض الآيات وبعض الاحاديث التي تساءلنا عن: حقيقة أحوال أمتنا؟ ومستوى صدقية أقوالنا وأفعالنا؟ وما مدى احترامنا لروح السلوك والمعاملات التي جاء الاسلام لإقرارها ليقطع مع الجاهلية والظلم والإستعباد والاستهتار بكرامة الانسان ؟

قالَ سيدنا محمد (صلعم): "ما ءامَنَ بِي مَنْ باتَ شَبْعانَ وجارُهُ جائِعٌ إِلى جَنْبِهِ وهُوَ يَعْلَمُ بِهِ"

قال رسول الله: «ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقر كبيرنا، ويأمر بالمعروف وينه عن المنكر"

وقال : "مَن لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ". رواه البخاري

عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: قال رسول الله: "أتدرون من المفلس؟"، قالوا: المُفْلِس فينا من لا دِرهَمَ له ولا مَتَاع، فقال: "إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شَتَمَ هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسَفَكَ دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يُقْضَى ما عليه، أخذ من خطاياهم فَطُرِحتْ عليه، ثم طُرِحَ في النار".

قال رسول الله : " لا تَحاسدُوا، وَلا تناجشُوا، وَلا تَباغَضُوا، وَلا تَدابرُوا، وَلا يبِعْ بعْضُكُمْ عَلَى بيْعِ بعْضٍ، وكُونُوا عِبادَ اللَّه إِخْوانًا، المُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِم: لا يَظلِمُه، وَلا يَحْقِرُهُ، وَلا يَخْذُلُهُ، التَّقْوَى هَاهُنا ." حديث

إن الرسالة الاسلامية فرقان بين الحق والباطل والهدى والضلال من أجل صلاح الأمور الدينية والدنيوية خدمة للإنسان الذي كرمه الله واستخلفه في الأرض، إنها تشمل كل ثواني وساعات وأيام وأشهر السنة مع أنفسنا والناس أجمعين وبمنع أي مساس بأحوال الناس أو أي إضرار بمصالحهم وحقوقهم وأعراضهم، ومنع أي إفساد في الأرض برها وبحرها وجوها ومخلوقاتها وخيراتها وثرواتها وبيئتها، رسالة شعارها وغايتها إخراج الناس من الظلمات إلى النور وهدايتهم وتبيان الحق والطريق المستقيم الذي خط معالمه وتوجهاته الانبياء والرسل.

فلننتبه أن نكون مثل الذين يقصدهم قوله تعالى: ﴿ الذين ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾ الكهف