ادريس المغلشي: "بقر علال"

ادريس المغلشي: "بقر علال" ادريس المغلشي
"بقرعلال "جملة بمجرد النطق بها توصلك لإيحاءات متعددة، لا نقصد من كلامنا تحديدا تلك القصة المعروفة التي كرست المقولة المشهورة "أبناءكم للرعي وأبناؤنا للعلم والدراسة والمسؤولية".
 
الأهم أن "بقر علال" لازمة تعارف عليها المجتمع في الدلالة و تقال عندما يتصرف الفرد ب" سلوك أرعن وبقلة الترابي"خارج الأخلاق ، وهو أمر يعيد للأذهان قولة أخنوش ذات مرة و لم نلق لها بالا بالقدر الكافي مادام استفزازها لم يفرز موقفا مبدئيا للتصدي لما بعدها، بل اكتفينا بالشجب واتجهنا بعدها لصناديق الاقتراع لنوليه رئاسة الحكومة. فنفذ فينا خطته .فعلا نحن "بقر علال" وبالعلامة الكاملة.لأننا بكل بساطة نرفع الشعار ونمارس نقيضه يستهوينا رؤية من فشل في أمورنا أن يعيد الكرة في مواقع المسؤولية  ببساطة لأنه غير فقط الخطاب وبعض المواقع . كم لدغنا من الجحر من مرات عديدة دون ان نستفيد من الخطأ..! وفي الأخير نحن من يؤدي فاتورته نيابة عمن سرقوا أحلامنا .ندعي اليقظة وفي الحقيقة نحن  منغمسون في الغفلة حتى القاع. لكل هذا لم يعد تستفزني كلمة "بقر علال " لأن من يقبل بهذا الوضع فهو يجسد المقولة حرفيا .
 
يحكى والعهدة على الراوي، أن بلدا اسمه المغرب وضع مخططا يحمل أحلاما وردية مشكلتها أنها غير مستحضرة لواقعها المعيش ولظروفه الصعبة وقد اختار له لونا اخضرا تيمنا بفصل الربيع بعدما رصدت له ميزانية ضخمة بارقام فلكية يحمل مشاريعا أغلبها لم تخضع لا للتقييم ولا للمحاسبة. الشعب يثوق في كل سنة لحصيلة تخفف من معاناة الفلاح وتكاليف العيش. لكن العكس الذي حصل ،أصبح قابعا في الهامش بعدما صدمته النتائج الكارثية دون تحسن ،فتضاعفت ازمته وتنامى عطشه وقلت موارده، متى كانت السنة جذباء ليرفع اكفه للسماء راجيا الغيث.وينعم الآخرون بالثروات.حرنا في معادلة طرفيها مناقضةللمنطق. وتطرح سؤالا عميقا يتكرر كلما اقفلت عقود من ازمنة التدبير حلقاتها لنعيد طرحه من جديد .
 
كيف تبنى استراتيجيات على الأماني والأحلام ؟ 
أصبحنا نستورد كل شيء من القمح إلى الماشية .لم نعد نصدر سوى الهجرة ومواد ذات كلفة غاليةونؤدي الفارق لخلق التوازن .لازلت أذكر المهرجانات الاحتفالية التي خدرت عقولنا لزمن طويل على أن المغرب بلد فلاحي من الدرجةالأولى ولا خوف عليه من حيث  تأمين غذائه وقوت يومه، وعزز هذا المنطق واجهة فولكلورية على سبيل المثال (مهرجان مكناس للفلاحة ) كل هذه الأحلام والآمال تبخرت ولم يبق منها  سوى الفراغ بعدما قدموا لنا أجوبة خارج منطق وحدود الوطن كأمثلة جاهزة  يظنون أنها ستغطي على الفشل من قبيل ( كورونا ..حرب روسيا واكرانيا، والجفاف وكلها عوامل لانملك معها سوى تفويض أمرنا لله...)استوردوا أبقارا محترفة من جنسيات مختلفة من الخارج بعدما فشلت بطولتنا المغربية  ولم تعد بضاعتها تفي  بالغرض . غاب عن الساحة "بقر علال " في الانتاج ودخل مباشرة للسياسة هزلت .