يونس التايب: حديث في قضية تهز عالم كرة القدم الإسبانية 

يونس التايب: حديث في قضية تهز عالم كرة القدم الإسبانية  يونس التايب
 مثير حماس بعض "نماذج" الجمهور المحلي للفريق الكبير ريال مدريد، الذين انخرطوا في الحملة الجارية ضد البارصا، بحديث قطعي وثقة لا مثيل لها، و كأنهم يتوفرون على دليل إدانة موثق، بينما خافيير تيباس، رئيس الليجا نفسه قال أنه لا يتوفر على ما يدين البارصا بتهمة إرشاء الحكام، وإلا لكانت القصة انتهت بمحاكمة أربعة رؤساء سابقين للفريق وإيداعهم السجن و سالات الهضرة. 
 
في اعتقادي، هذه الهجمة التي ينشطها رئيس الاتحاد الإسباني لكرة القدم ضد فريق كبير كفريق البارصا، تتحكم فيها الرغبة في تصفية حسابات مع فريق لازال يمثل شيئا مزعجا بالنسبة للعقل الباطن في مدريد. طبعا، أقصد مدريد الفكرة والتاريخ السياسي و ليس فريق كرة القدم ..!! و من دون شك، ستنتهي القضية بدون تحقيق أي شيء ملموس على مستوى المضمون. و ستكون النتيجة الوحيدة هي ضرر كبير على صورة الفريق الكاطلوني، سيكون موجعا له اقتصاديا. وربما هذا ما يريده من حركوا الموضوع، و ما يبحث عنه أصحاب السكاكين الذين هبوا للانتقام من الثور الجامح الذي يراد إسقاطه أرضا والإجهاز عليه. 
 
في هذه القضية، تمنيت لو أن الرئيس فلورينتينو بيريز، الذي أحترمه كثيرا و أعتبره رجلا كبير القدر من الناحية الإنسانية و مسؤولا حكيم على مستوى التدبير، صمد أمام ضغط العناصر المتطرفة من جمهور فريقه، ولم ينسق وراء الحملة التي يعلم يقينا أنها لن تحقق أي شيء، اللهم الإساءة إلى صورة غريمه في الليجا، و التأثير سلبا على مشروعه الاقتصادي والتجاري. وبيننا الأشهر القادمة التي ستجري فيها التحقيقات ليظهر، في النهاية، أن قضية "نيجريرا" لا تشمل عمليات إرشاء لحكام مباريات الليجا، لأنه لن يتم إثبات أي شيء من ذلك، تماما كما لم تثبت يوما الاتهامات التي وجهت، في مراحل معينة و بأساليب أخرى، لفريق الرئيس فلورينتينو بيريز بأنه استفاد من محاباة عدد من الحكام في لحظات مفصلية و مبارايات محددة لمستقبل بطولات الفريق.
 
لذلك، ونحن جالسون نستمتع بمجريات بطولات راقية كالبطولة الإسبانية و الإنجليزية و الألمانية والإيطالية، التي تمنحنا ما لا نجده في بطولتنا الوطنية الاحترافية للأسف، علينا أن نستحضر أن عالم كرة البطولات الكبرى لكرة القدم قد أصبح مجالا تنافسيا يختلط فيه الرأسمال بمصالح شركات عالمية كبرى تتاجر في حقوق البث التلفزي و الإشهارات و الترويج لعلامات تجارية معينة، و أن المهم هو الربح و لا شيء آخر. وما يجري حاليا من تجاذبات في البطولة الأنجليزية بشأن مفاوضات لشراء نوادي مانشيستر يونايتد و ليفربول، يؤكد أن سطوة المال على كل شيء، تجري بلا سقف و لا حدود. بل، إن الفيفا نفسها، كما عدد من الجامعات الرياضية، أصبحت تتحرك كشركات متعددة الجنسيات و الهويات، تدبر كرة القدم في العالم كقطاع اقتصادي كبير أكثر مما تدبره كمجال رياضي تنافسي. 
 
وتكفي الإشارة إلى ما يجري من خلق لبطولات جديدة و منافسات إضافية تدل على أن منطق التسويق و خلق منتجات جديدة، هو الغالب و الخوف عو أن ينتهي يوما بتمييع رياضة يعشقها الملايين، بسبب كثرة مباريات كرة القدم المتتالية، وعدم توقف النقل التلفزي الذي يجري بالناس من هذا الملعب إلى ذاك.
 
بالعودة إلى القضية التي تشغل بال الرأي العام الإسباني، أكيد أن تعاقد البارصا مع شركة "نيجريرا" لم يكن ضروريا، على الأقل بالصيغة التي تم بها و التي تطرح عدة تساؤلات. و أكيد أن هنالك شبهة استغلال نفوذ تدين السيد خوسيه ماريا إنريكي نيجريرا نفسه لأنه كان نائب رئيس هيئة الحكام و كان عليه أن يحافظ على نفس المسافة من جميع فرق الليجا. كما أن القضية تسيء للبارصا لأن إدارتها تواطئت مع نيجريرا بشكل لا يمكن الدفاع عنه أخلاقيا. 
 
لكن هل وصل الأمر إلى حد مغامرة إدارة البارصا بإرشاء الحكام؟ في رأيي، لا لسببين على الأقل: من جهة، لأن الأمر صعب و محفوف بالمخاطر؛ و من جهة ثانية، لأنه لم يكن ضروريا بالنسبة للفريق في فترة كانت البارصا هي الأفضل على الإطلاق، و لا حاجة لكي تدعم بشكل استثنائي من طرف أي حكم. ويكفي القول أنه لا توجد، منذ 2002 ، أية مباراة ظهر فيها تحيز كبير واستثنائي من حكم ما لصالح البارصا، يحيل على وجود حالة رشوة. و لو حصل ذلك لتقدمت فرق إسبانية، خلال 20 سنة الماضية، بملفات في الموضوع لدى المحاكم أو لدى هيأة التأديب في الليجا. وكل ما حدث هو ما يحدث بشكل عادي من جدال حول مستويات تحكيم بعض المباريات هنا أو هنالك، ليس إلا!!
 
هذا المساء، سيكون لكلاسيكو البارصا و الريال في النوكامب، طعم خاص جدا، مشحون و مثير وصدامي بشكل غير مسبوق منذ سنوات. و ستكون شعارات الجمهور الكطلاني قوية تجاه القادمين من مدريد العاصمة، وستعيش المنصة الشرفية حالة من الجفاء والتوتر الملحوظ بين الرئيسين لابورطا و بيريز، سيظهر لنا على شاشات التلفزيون. وللأسف، كان ممكنا تفادي كل ذلك، لو أن حكمة الرئيس فلورينتينو بيريز غلبت تهافت المتعصبين و الحالمين برؤية الليجا تستمر بدون البارصا الذي لازالوا يعيبون عليه، في أعماقهم، أنه "أكبر من مجرد نادي". 
 
كل كلاسيكو و أنتم بخير، بعيدا عن التعصب والتهافت، و قريبا من جمال كرة القدم حين تسودها الروح الرياضية و يكون الانتصار لمن يلعب بشكل أفضل. 
#سالات_الهضرة