أقدم الاتحاد الإفريقي على تعيين جواكيم شيساني، الرئيس السابق لدولة الموزمبيق، كممثل خاص لملف الصحراء بإيعاز من الدول الحليفة للجزائر كجنوب أفريقيا ونجيريا. هذا القرار مهدت له الجزائر قبل مدة قليلة بإعلانها عن تنازلها عن ديونها لبعض الدول الإفريقية. القرار شجبه المغرب، وسارع إلى دعوة كل من الأمم المتحدة وأعضاء مجلس الأمن إلى تجاهله، كما اعتبره بلاغ وزارة الخارجية والتعاون الصادر في هذا الشأن، بأنه قرار أحادي مرفوض وأن موقف الاتحاد الإفريقي متجاوز لانحيازه المطلق وغير المبرر.
وفي اتصال لـ "أنفاس بريس"، ببعض الفعاليات المغربية للتعليق على الحدث، أوضح إدريس لكريني، أستاذ العلاقات الدولية، بأن القرار المذكور يعتبر تشويشا على المفاوضات الجارية بين الطرفين، والتي تشرف عليها الأمم المتحدة. وأضاف أن هذا القرار هو إجراء أحادي الجانب من قبل منظمة لا يعترف بها المغرب بعد انسحابه منها منذ الثمانينات من القرن الماضي بعد قبولها لعضوية وانضمام جمهورية البوليساريو رغم عدم توفر هذه الأخيرة على مقومات الدولة حسب القانون الدولي. هذا التوجه الجديد للاتحاد الإفريقي، يضيف الكريني، هو تشويش كذلك للعلاقات التي بدأ ينسجها المغرب مع مجموعة من الدول الإفريقية والتي تعززت بالزيارة الأخيرة للملك لعدد منها. وأبرز أن موقف الاتحاد الإفريقي يتناقض مع الفصل 33 من الميثاق الأممي الذي ينص على إمكانية تدخل المنظمات الإقليمية لفض النزاعات شريطة موافقة أطراف النزاع أو بوجود توجيه من مجلس الأمن في هذا الصدد، وحيث أن المغرب لا تربطه أية صلة بهذه المنظمة لاعتبارات السالف ذكرها، فدخول هذه الأخيرة على خط تدبير الأزمة القائمة لا يمكنه إلا أن يعرقل سير المفاوضات الجارية بسبب انتفاء وجود حسن النية الذي هو شرط أساسي لإنجاح أية مفاوضات. وذكر الكرينى بقرارات مجلس الأمن الأخيرة في شأن النزاع حول الصحراء التي أكدت على مواصلة المفاوضات بين الطرفين، منوهة بجهود المغرب المبذولة نحو إيجاد الحل وخاصة بعد طرحه لمشروع الحكم الذاتي ولم يتحدث مجلس الأمن قط عن أي دور للاتحاد الإفريقي في هذا الصدد. وبالتالي يخلص الكريني إلى أن رفض المغرب لقرار الاتحاد الإفريقي له ما يدعمه واقعيا وقانونيا.
وعلى النقيض من ذلك اعتبر المصطفى ابراهمة، رئيس حزب النهج الديمقراطي المعارض، أن التطور الجديد المتمثل في قرار الاتحاد الإفريقي الأخير هو نتيجة تدبير سابق للملف من طرف المغرب، مشيرا في البداية بأن الجزائر من خلال علاقتها مع العديد من حركات التحرير الوطني في أفريقيا خلال السبعينات والثمانينات من القرن الماضي استطاعت أن تنسج علاقات مع الدول التي نجحت فيها حركات التحرير هذه وربطت معها علاقات متميزة سمحت لها بإدماج الجمهورية الصحراوية كعضو في منظمة الوحدة الإفريقية (الاتحاد الإفريقي حاليا) مستغلة في ذلك انسحاب المغرب من هذه المنظمة. "وفي نظرنا، والكلام لقيادي النهج، فإن المغرب كان من المفروض عليه أن يستمر ويظل حضوره قائما في هذه المنظمة الإقليمية، خصوصا وأن هنالك دعوة من الأمم المتحدة لإيجاد حل سياسي متفاوض عليه يتم تحت إشرافها عن طريق تنظيمها لحوار مباشر بين الأطراف، وبالتالي فوجود المغرب داخل الاتحاد الأفريقي والذي كنا ننادي به دائما كان سيمكن المغرب على الأقل من المتابعة والتفاوض على الشخص المقترح كممثل أو مندوب لهذا الاتحاد في إطار الحل السياسي المتفاوض عليه والحوار المباشر بين الأطراف الذي تشرف عليه الأمم المتحدة كما ذكرت". و"أعتقد، يضيف رئيس النهج الديموقراطي، بأن على المغرب اليوم أن يتحمل تبعات خروجه الخاطئ من المنظمة الأفريقية".