محلل جيوسياسي ايطالي يبرز وجاهة مبادرة الحكم الذاتي للصحراء ويتساءل عن رفض إحصاء ساكنة مخيمات تندوف

محلل جيوسياسي ايطالي يبرز وجاهة مبادرة الحكم الذاتي للصحراء ويتساءل عن رفض إحصاء ساكنة مخيمات تندوف المحلل الجيوسياسي الايطالي إنريكو أولياري
نظمت جمعية الصحراء بتعاون مع غرفة التجارة والصناعة والخدمات بمدينة أكادير ندوة دولية في موضوع "الترافع عن مغربية الصحراء في ظل التحولات الدولية الراهنة" وذلك يوم الثلاثاء 14 مارس 2023. 
 
وشهدت هذه الندوة العلمية مشاركة خبراء وأساتذة جامعيين وباحثين أكاديميين في مجال العلاقات الدولية والقانون الدولي والسياسية والإعلام قصد إغناء النقاش والحوار الجاد وتبادل المعلومات القيمة والمفيدة حول كل ما يخدم موضوع الترافع عن مغربية الصحراء والنزاع المفتعل حولها على المستوى العالمي. 
وتجدر الإشارة إلى أن قضية الوحدة الترابية للمملكة تعرف مجموعة من المستجدات تخدم القضية الوطنية، وتم تسليط الضوء عليها في هذه المناسبة. وفي هذا الإطار ندرج مقتطفات من مداخلة إنريكو أولياري، الصحفي الإيطالي، مدير جريدة نوتيتسيي جيوبوليتيكي والخبير في الشؤون الجيوسياسة. 
قدم الصحفي الإيطالي والخبير في الشؤون الجيوسياسة عرضا مطولا تطرق فيه إلى التجربة الإيطالية في تدبير نزاع معقد في شمال بلاده بما سماه ب "التدبير الذكي" لنزاع "ألطو آديجي"، المنطقة التي ينحدر منها الصحفي، وذلك عبر الحكم الذاتي، في إطار الوحدة والسيادة الإيطاليتين، الذي نتجت عنه "الرفاهية والسلم الاجتماعي"، بين العرقيات الثلاث الناطقة باللغات الايطالية والألمانية واللاندينية. "من بين المبادئ التي تعلمتها في الجغرافيا السياسية هو أنه لا يمكن حل النزاعات بل على العكس، يمكن تدبيرها، وهنا تكمن قدرة القادة السياسيين والاجتماعيين على معرفة تأطير الواقع واتخاذ الإجراءات اللازمة لتدبيره". 
وعند تطرقه لقضية الصحراء المغربية فضل الخبير الإيطالي عدم تناولها "من الأعلى، أي انطلاقا من قرارات الأمم المتحدة أو القانون الدولي، أو من خلال دعم الولايات المتحدة الأمريكية لمغربية الصحراء وما يحدث أيضا في أوروبا من طرف دول مثل بلجيكا وإسبانيا والنمسا"، التي عبرت عن دعمها للمبادرة المغربية، يضيف، "ولكن أود النظر إليها من الأسفل، أي من خلال عامة الناس والعائلات وآفاقهم"، متسائلا "عن جدوى تصميم نواة انفصالية، تجاوزها التاريخ، لخلق كيانات ضعيفة ولا معنى لها في السياق الإقليمي، واستمرارها في صراع فاشل ولم يؤدي إلى أية نتيجة منذ قرابة نصف قرن". وتساءل أيضا عن استمرار قيادة جماعة البوليساريو الانفصالية في "تحكم قبضتها على آلاف الأشخاص والعائلات في الصحراء الجزائرية وحرمانهم من أي إمكانية للتنمية والأفق"، وفي هذا الإطار تساءل كذلك: "أليس من الأفضل، بدلا من العيش لعقود من المساعدات الإنسانية الدولية المزمنة، تغيير المنظور والمساهمة في الاستثمار في تنمية إقليم يفتح الشهية لصناعة الفوسفاط والصيد البحري؟"، مثيرا قضية الإعلانات الإنسانية الدولية الأوروبية إلى المخيمات: "أتساءل، لماذا يتعين علي أنا الأوروبي، الاستيقاظ في الصباح والذهاب إلى العمل لدفع الصدقات من ضرائبي الخاصة للذين يعيشون في مخيمات تندوف، في حين يجب على الاتحاد الأوروبي أن يعمل على تمويل، بالاتفاق مع المملكة المغربية، مشاريع البنية التحتية والتنمية الاقتصادية في الصحراء من أجل تعزيز الاستيعاب الفيزيولوجي والاندماج الحقيقي للصحراويين". 

 
                                         
 
 
وحول "مصير أموال الأوروبيين عند وصولها إلى تندوف"، أشار أولياري أنه طرحت "عدة أسئلة في البرلمان الأوروبي لكن لم تتوصل إلى توضيحات كاملة حول مصيرها"، كاشفا: "من ناحية أخرى، لا نعرف عدد الصحراويين في المخيمات حيث استحالة إجراء الإحصاء"، وأن "تخصيص 10 ملايين يورو لمائة ألف شخص شيء، وتخصيصها لعشرة آلاف شخص شيء آخر طبعا". 
وأشاد الخبير الإيطالي بمبادرة الحكم الذاتي للصحراء المغربية تحت العلم المغربي التي، بتعبيره، "تسير في الاتجاه الصحيح" للتدبير الذكي للنزاع المفتعل، حيث لا غالب ولا مغلوب، وذلك من شأنه أن يعود بالفائدة "على الجميع بما في ذلك الجزائر التي تكون قد وجدت" الفرصة، "بغض النظر عن النوايا الحسنة والتمويلات العديدة لما يقارب نصف قرن من الزمن"، لعودة "أصدقائها إلى ديارهم"، يلاحظ أولياري. 
و "من أجل استقرار النزاع، فإن الوعي على المستوى الدولي بحل الحكم الذاتي يعتبر ضروريا، وقد أحرز المغرب بالفعل تقدما جيدا في هذا الاتجاه، يكفي أن نرى افتتاح  قنصليات مختلف الدول الإفريقية في الصحراء" يقول إينريكو أولياري. وتجدر الإشارة أنه تم تدشين ثلاثين قنصلية إفريقية وعربية ومن أمريكا اللاتينية في مدينتي العيون والداخلة بالصحراء المغربية.