قالت السعدية البوعزاوي، وهي باحثة في القانون الدولي والعلاقات الدولية، "إن إيران والجزائر تربطهما علاقات قوية ومميزة منذ الثورة الخمينية والتنسيق السياسي والتعاون الإقتصادي عبر سنوات مضت. وقد توقفت خلال الأحداث المأساوية التي عرفتها الجزائر في فترة العشرية السوداء، ثم استأنفت في عهد الرئيس بوتفليقة، بل تطورت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة".
وأوضحت الباحثة البوعزاوي، في تصريح لأسبوعية "الوطن الآن"، "أن الجزائر صارت هدفا جيوستراتيجيا لإيران لتحقيق التوسع في شمال إفريقيا والساحل. ففي إطار مخططات إيران الطامحة للتمدد وتقوية نفوذها في القارة السمراء، خاصة بعد تراجع النفوذ الفرنسي في إفريقيا، تسارع إيران الخطى في الآونة الأخيرة من أجل البحث عن موطئ قدم لها بمنطقة شمال غرب إفريقيا، إذ تحاول إيران كسر الحصار الذي فرضته عليها دول الغرب منذ سنوات، على الرغم من الطابع التجاري للتحركات الإيرانية في المنطقة، إلا أن الهاجس الأمني هو مرتكز هذه التحركات. وبالتالي تعتبر الجزائر نقطة ارتكاز الحضور الإيراني في المنطقة".
وشدّدت البوعزاوي، في إفاداتها، على أن إيران "تحاول التوغل في المجال المغاربي، من خلال التحالف مع الجزائر، ودعم عدد من الجماعات المسلحة في منطقة الساحل، والهدف من ذلك هو فرض أجندتها الأمنية ونشر التشيع بالمنطقة، فضلا عن خلق نواة لحزب الله فوق الأراضي الجزائرية، وقد شملت تحركاتها كل من تونس وموريتانيا، بهدف عزل المغرب عن عمقه المغاربي بعد التطورات التي شهدتها العلاقات المغربية الإسرائيلية".
وبخصوص قراءتها للتمدّد السياسي والعسكري والديني الإيراني في المنطقة، أكدت الباحثة البوعزاوي إلى أن "إيران تسعى للعب دور جيوستراتيجي في شمال إفريقيا والساحل، حيث توجد أهداف إيرانية للهيمنة على مناطق استراتيجية بإفريقيا والتحكم في سياسات بلدانها ونشر الإسلام الشيعي بها، تجلى ذلك من خلال حضورها المكثف والقوي في عدد من الدول الإفريقية لإقامة تحالفات إقليمية جديدة تقوم على أسس سياسية واقتصادية وثقافية ودينية".
ونبهت الباحثة البوعزاوي إلى أن من "ينظر إلى التحرك الإيراني من خلال نقطتين: الأولى، مرتبطة بالظرفية الدولية الحالية، والتي يحاول فيها النظام الإيراني فك الحصار السياسي والاقتصادي المفروض عليه من طرف المجتمع الدولي، حيث ينظر المجتمع الدولي إلى إيران على أنها دولة مصدرة للإرهاب وتسهم في نشر عدم الاستقرار في العالم بصفة عامة وفي جوارها بصفة خاصة .أما النقطة الثانية، فهي إيديولوجية، ذلك أن النظام الإيراني يحاول نشر مشروع التشيع في المنطقة المغاربية، وبالتالي تحاول التحركات الإيرانية المساس بإمارة المؤمنين بالمغرب".
وتقترح البوعزاوي، لمواجهة هاته التحركات الإيرانية والتهديدات القادمة من شرق البلاد ضد المغرب، "أن يوطّد هذا الأخير علاقاته مع عمقه الإفريقي أكثر، وبناء تحالفات جديدة لتعزيز قدراته داخل القارة خاصة الأمنية من أجل الحفاظ على أمنه القومي، والحدّ من التهديدات الخارجية".