طارق جداد: المغاربة ينتظرهم غلاء أكثر حدة بعد رمضان

طارق جداد: المغاربة ينتظرهم غلاء أكثر حدة بعد رمضان طارق جداد
التزمت الحكومة بتخفيض الأسعار قبل حلول شهر رمضان الكريم، لكن رمضان على الأبواب ولم تنخفض الأسعار التي مازالت ملتهبة .. إلا الطماطم التي كان انخفاضها نسبيا .. فهل المغاربة لا يعيشون إلا بالطماطم وحدها؟
"أنفاس بريس" اتصلت في هذا الشأن بالفاعل الجمعوي، طارق جداد الذي أعد هذه الورقة:
 
نعيش في المغرب منذ مدة على إيقاع ارتفاع غير مسبوق في معظم السلع والمنتوجات، ولو أن ما أثار الانتباه هو أسعار الخضر واللحوم نتيجة لارتباطها بالاستهلاك اليومي لكل طبقات المجتمع المغربي. فمقارنة بسيطة بين أثمنة مختلف السلع والخدمات في المغرب ودول مجاورة في ضفتي المتوسط، تؤكد تربع المغرب على عرش الغلاء منذ مدة. فالمقارنة لا يجب أن تكون مبنية على مؤشر الأثمنة فقط بشكل مطلق، ولكن يجب ربط هذا المحدد (ثمن السلع والخدمات) مع الأجر (الحد الأدنى للأجر) والجودة!!!
حكومة عزيز اخنو، التزمت بتخفيض الأسعار، دون ذكر الآليات التي ستعتمدها لتنفيذ هذا الالتزام؟
وهل التزام الحكومة يهم شهر رمضان فقط، أي أنه بعد رمضان ستعود الأمور إلى نصابها وتتأقلم مكونات الشعب مع الغلاء وربما مع موجة أكثر حدة منه!؟
فالبنك الدولي في تقريره الصادر في 16 فبراير 2023، أكد أن التضخم في المغرب سيتجاوز 8%، أي أنه سيزداد عما كان عليه في يناير بنقطتين إضافيتين. بلغة أكثر وضوحا ينتظرنا غلاء أكثر حدة في الربع الأخير من هذه السنة بزيادة في الأسعار تناهز الثلث عن الثمن الحالي؟
فالتدخل الحكومي الظرفي وغير المعروفة تكلفته، اقتصر على تصريح لأحد مكونات الحكومة لاتفاق مع مصنعي الزيوت النباتية يهم تخفيض أثمنتها، والوعد بتقليص أسعار الخضر واللحوم؟ لكننا نعلم أن ارتفاع الأثمنة هو مرتبط أساسا بارتفاع المواد الأولية (كالعلف بالنسبة للحوم، والأسمدة بالنسبة للخضروات)، بالإضافَة لارتفاع أثمنة الطاقة. والمغرب يعرف ارتفاعا مهولا في أثمنة المحروقات وما لها من تأثير مباشر على ارتفاع السلع. والغريب أن الحكومة لم تصرح لنا باتفاق مع أصحاب المحروقات لتخفيض أثمنتها. كما لو أن الحكومة تقول لنا أن عزيز أخنوش، رئيس الحكومة لم يستطع إقناع (عزيز اخنوش) صاحب شركة "أكوا" بتسقيف الأثمنة والسماح في جزء من الأرباح ولو مرحليا! وحتى اتفاقها مع أرباب الزيوت فإنه لم يلمسه بعد المستهلك!!
الحكومة الحالية عجزت بشكل جلي عن تقديم حلول عملية وآنية للحد من هذا الارتفاع، بل وحتى عن كيفية التصدي لهذا المشكل الذي سيتفاقم انطلاقا من غشت المقبل 2023 حسب تقرير البنك الدولي.
للأسف حديثها عن الأسعار في رمضان هو إهانة للمغاربة، بمعنى أننا لا نستهلك إلا في رمضان، وباقي السنة نصوم عن الاستهلاك!؟
مشكل ارتفاع الأسعار مشكل بنيوي يرتبط أساسا بغياب المنافسة، ولعل قطاع المحروقات والزيوت وحاليا مواد التنظيف امثلة صارخة!!! فمن غير المعقول أن نجد مثلا الماء المعدني الإسباني أقل ثمنا بكثير من نظيره المغربي. مع العلم ان العامل الإسباني له حد أدنى للأجر الشهري لا يقل عن 9000 درهم بالإضافَة لخدمات التمدرس والتطبيب بجودة عالية "ومجانا"، أمام نظيره المغربي فلكم التصور!!!
دون الحديث عن مخطط المغرب الأخضر والإنجازات التي قدمها للفلاحة المغربية والعالم القروي والأمن الغذائي. وهل للحكومة كامل الجرأة لمناقشة تقييم شامل وموضوعي لهذا البرنامج الضخم؟
إن ارتفاع الأسعار أجهز وقضى على الطبقة المتوسطة ببلادنا، وهو ما ينذر بالكارثة أمام انعدام وجود آليات حقيقية وفعالة للتدخل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. فالطبقة المتوسطة المشكلة حاليا من الأطر الموظفة فقط ليست مكونا أساسيا في الاستهلاك، ولكن صمام أمان للدولة والمجتمع يجب حمايته وتقويته.