أحمد أزيرار: لا للعنصرية ولا للهجرة اللاشرعية المتنامية

أحمد أزيرار: لا للعنصرية ولا للهجرة اللاشرعية المتنامية أحمد أزيرار
إن الهجوم العنصري الذي قام به الرئيس التونسي على ما أسماها "جحافل دول جنوب الصحراء التي تهدد نقاء واستقرار بلاده"، كان خروجا صادما. بل إنه غير مقبول تماما، لنقول ذلك بوضوح. خصوصاً وأن هذا التصريح صادر من زعيم احتكر كل السلط في بلاده، وأكد ميولاته المتطرفة، لهدف وحيد هو محاولة صرف أنظار مواطنيه عن عدم كفاءته وإخفاقاته السياسية والاقتصادية التي قد تقود البلاد إلى الخراب. تمامًا كما يفعل جيرانه وشركاؤه العسكريون الذين لا يسيئون معاملة المهاجرين فحسب، بل يطردونهم خارج البلاد بعنف، حيث يجدون أيضًا في ما يدعونها تهديدات خارجية الوسيلة الأنسب لهم لحجب الأنظار عن مشاكلهم الداخلية الخطيرة التي هم المسببون الحقيقيون الوحيدون لها. 
 
لكن ومع ذلك هل ينبغي قبول كل مضمون البيان الصحفي الذي أصدره الاتحاد الإفريقي ردا على الرئيس؟
بالتأكيد لا. لأن الهجرة غير الشرعية المتزايدة من جنوب الصحراء لها مسبباتها الداخلية التي يجب على القادة الأفارقة المعنيون أخذها بجدية في حساباتهم بل وايجاد الحلول الناجعة لها. لا يمكنهم التمادي في الهروب من مسؤولياتهم في خلق فرص عمل لشبابهم والاحتفاظ بهم ببلدانهم قصد تنميتها، خصوصا وهي، وكما يعلم الجميع، تتمتع بموارد هائلة يستغلها أجانب. لا يمكن للمسؤولين الأفارقة جنوب الصحراء الاستمرار في تصدير مشاكلهم للآخرين.

إن المغرب معني إلى أقصى درجة بهته المعضلة. إذ تحاول السلطات قدر المستطاع إدارة هاته المشكلة بطريقة هادئة وواقعية، كما تحاول تعبئة الأطراف المعنية بالهجرة. رغم كل ذلك، يتزايد عدد المهاجرين من جنوب الصحراء يومًا بعد يوم، بحيث لم يعودوا مجرد عابرين بل أصبحوا مستقرين، نظرا لعدم قدرتهم على عبور البحر الأبيض المتوسط، الذي يخضع لمراقبة صارمة. لذا فإن المشكلة في تفاقم  وحدتها في تزايد كما أضحت المضايقات بل والاشتباكات الحضرية ظواهر في تنامي.

مشكل الهجرة غمر قاري وجهوي يتطلب تعبئة أوروبية وإفريقية جادة وسريعة. من مصلحة الجميع تنظيم الهجرة أولا، وثانيا، الحد من تصاعد الكراهية والرفض المتبادل الذي قد يتخذ أبعادا  قد لايمكن السيطرة عليها، وثالثا عدم السماح للطغاة صب الزيت على النار وللشعبوية استغلال المآسي الإنسانية لأغراض سياسوية.