في جميع المجتمعات الأسرية يمثل تأخر الحمل أو عدم القدرة على الإنجاب هاجسا يؤرق الكثير من الأزواج، لكن مع التطور العلمي في هذا المجال، أعادت طرق المساعدة الطبية على الإنجاب السعادة للعديد من الأسر. وعن موضوع عدم القدرة على الإنجاب في المغرب والامكانات العلاجية الحديثة المتاحة، كان محور برنامج "ملتقى الصحة" الذي يقدمه الدكتور أنور الشرقاوي على قناة l'ODJ.TV الالكترونية، حيث استضاف خلاله كل من الدكتور هشام الفزاز الطبيب الرئيسي لأمراض الخصوبة وأمراض النساء والتوليد بمستشفى الشيخ زايد بالرباط، والمتخصص في المساعدة الطبية على الإنجاب و الدكتور عادل المريني أحيائي متخصص في بيولوجيا الإنجاب.
أسباب العسر على الإنجاب
تطرق في البداية الدكتور الفزاز لأسباب عدم القدرة أو العسر على الإنجاب سواء تعلق الأمر بالمرأة أو الرجل. منها ما يتعلق بالمرأة لوحدها ومنها ما يتعلق بالرجل، أو كلاهما معا.
من بين هذه الأسباب عند المرأة انسداد عنق الرحم، وهذا ما يحدث بسبب عدم إفراز المادة المخاطية التي من المفترض أن تساعد في حركة الحيوان المنوي حتى يصل إلى الرحم بصورة طبيعية وسليمة. وكذا مشكل في قناة فالوب، التي تعتبر الوسيط بين المبيضين المسؤولان عن إنتاج البويضات وبين الرحم الذي يستقبل البويضة بعد خروجها من المبيض.
ويعد انسداد مجرى هذه القناة، واحدة من أكبر مشكلات الخصوبة لدى النساء. أيضا من الأسباب، يضيف الفزازي، مشكلة في الرحم، بعض السيدات تعانين من مشكلات صحية تمنع الحيوان المنوي أن يصل إلى الرحم، وبالتالي يكون هناك مشكلة في خصوبة المرأة وعدم اكتمال الحمل نفسه.
أيضا نمو البويضة. وفي بعض الأحيان، قد لا تنمو البويضة داخل الرحم بشكل صحيح، فلا تكتمل ولا تصبح جاهزة لملاقاة الحيوان المنوي للرجل. مما يترتب عليه تقليل نسبة حدوث الحمل بطريقة طبيعية.
أيضا هناك عسر في الأباضة، لعدة أسباب منها ما هو ناجم عن اضطراب في الهرمونات، فزيادتها أو نقصانها، ينتج عنه عدم حدوث التغيرات الهرمونية المطلوبة من أجل اكتمال عملية التبويض، مما يسبب مشكلات في الإنجاب،
ثم هناك. أمراض السمنة، أو تكيس اارحم أو التعفنات...
أما بالنسبة للرجل، يضيف الدكتور الفزازي، أن العقم عند الرجال يرتبط بشكل عام، بمدى فعالية إنتاج الحيوانات المنوية، بحيث يكون عددها قليلا جدا، مما يقلل من إمكانية إخصاب الحيوانات المنوية للبويضة، أو لأن شكلها غير طبيعي، أو لأن هناك خلل يمنع وصول الحيوانات المنوية إلى البويضة.
وقد تكون الأمراض المنقولة جنسيا من الأسباب الشائعة لدى الرجل، أيضا انسداد الأنابيب الناقلة للحيوانات المنوية داخل الخصية أو في الأنابيب التي تفرغ الخصية، أو في قنوات القذف.
ويحدث هذا الانسداد نتيجة التليف الكيسي أو الأمراض الوراثية. وأيضا ضعف الخصيتين وانخفاض إنتاج الحيوانات المنوية وانخفاض جودتها.
وهناك مشاكل القذف والقذف المبكر وضعف الانتصاب، وهي مرتبطة بعدة أمراض نفسية وعضوية، منها مرض السكري، وارتفاع ضغط الدم، وارتفاع الكوليسترول، وأمراض القلب.
وهناك أيضا بعض الأمراض الوراثية المسببة للعقم لدى الرجال.
هشام الفيزاز
طرق العلاج على الإنجاب
أما بخصوص طريقة تحديد أسباب العقم أو عسر الإنجاب لكلا الزوجين، فيوضح الدكتور عادل المريني، هناك ثلاث تحليلات مخبرية بيولوجية أساسية، يجب القيام بها، منها القيام بالتحليلات للسائل المنوي المنوي، بهدف فحص الحيوانات المنوية ومعرفة عددها وسرعتها وجودتها، وهل يوجد أي التهاب يؤثر علي جودة السائل المنوي أم لا، وفي حالة وجود مشكلة يكون العلاج بسيط.
وأيضا القيام بالتحليلات للأمراض المنقولة جنسيا، سواء للمرأة أو الرجل، للكشف عن أي تعفن.
بالنسبة للمرأة هناك تحليلات مهمة تتعلق بالهرمونات، فضلا عن فحص الخصيتين وهرمونات الرجل.
أما على بخصوص التكلفة المتعلقة بهذه التحاليل ومدى استفاذتها من التغطية الصحية، يؤكد الدكتور الفزازي، أنه تماشيا مع ما جاء به القانون الجديد لتغطية الصحية الشاملة ببلادنا، أصبحت تشمل مثل هذه العلاجات.
أيضا يشير إلى دور بعض جمعيات المجتمع المدني في توعية المواطنين بهذا الموضوع المتعلق بالإنجاب والأسرة.
وتشمل مجموع الخدمات الصحية المرتبطة باستعمال تقنيات المساعدة الطبية على الإنجاب والتعويض على جميع التحاليل المخبرية والفحوصات الإشعاعية والعمليات الجراحية التي توصف طبيا، لأجل علاج ضعف الخصوبة أوالعقم.
وللدخول في مراحل العلاج المناسب لكل حالة فذلك يتطلب، حسب الدكتور الفزازي، تشخيصا شاملا بدءا من نتائج التحليلات إلى الأشعة.
وفي إشارة إلى بعض الجرثومات المسببة لعسر الإنجاب، يوصي الفزازي على الوقاية عندما يتعلق الأمر بالعلاقة الجنسية خارج إطار الزواج.
الدكتور عادل المريني
أهمية المساعدة الطبية على الإنجاب
أما بخصوص طب النساء والتوليد والخصوبة بالمغرب، ولمستواه المتقدم مقارنة بالدول الرائدة في هذا المجال، يشير الفزازي الى أهمية المساعدة الطبية على الإنجاب، المتوفرة داخل العديد من مراكز المساعدة الطبية على الإنجاب، رغم كونها مازالت متمركزة ما بين الرباط والدار البيضاء ومراكش.
المهم يجب التركيز على التشخيص قبل التفكير في العلاج.
وهنا يكمن دور الطبيب المتخصص في بيولوجيا الإنجاب، كما يوضح الدكتور عادل المريني، إذا كان الحمل العادي يحتاج لحوالي 100,000 حيوان منوي لإخصاب وبويضة واحدة من المرأة.
والتلقيح المجهري في المختبر يحتاج فقط لحيوان منوي واحد يتم حقنه مباشرة في البويضة، المحصل عليها من المرأة وذلك تحت مراقبة الطبيب البيولوجي المتخصص، بعدها بمدة زمنية، يتم حقن البويضة في رحم المرأة. وتبقى المرأة تحت مراقبة طبيب النساء والتوليد، هو من يراقب تطور الجنين، و تشكل نسبة النجاح 25في المائة.
لهذا يحتاج الأخصائيون في الكثير من الاحيان لتكرار المحاولة، إلى حين الوصول للنتيجة المتوخاة. وتخضع هذه العملية لمصطلح " في المختبر in vitro" ، لأن التجارب الأولى التي تتضمن زراعة الأنسجة الحية تكون خارج الكائن الحي التي أخذت منه. وتعد هذه المساعدة الطبية على الإنجاب علاجا رئيسيا للعقم.
وهناك تقنية أخرى تسمى بin vivo وهي تقنية أو طريقة التلقيح داخل الرحم التي تختار الحيوانات المنوية الأكثر نشاطًا فقط، حيث تُوضَع بعدَ ذلك في الرحم مباشرة يجري اختيار أكثر الحيوانات المنوية نشاطًا. لكن التلقيحُ داخل الرحم يكون أقل فعالية بكثير من الإخصاب في المختبر.
وعن كيفية الحصول على الحيوانات المنوية من خصية مصابة بهدف الاحتفاظ بها للانجاب، يؤكد الدكتور المريني أن هذه العملية أصبحت متاحة مع تقدم العلم، ويمكن للرجل الحامل لخصية مصابة أو مصاب بمرض في جهازه التناسلي أن يتوجه للطبيب المتخصص، ويسمح له بتجميد الحيوانات المنوية والحفاظ عليها في مختبر متخصص لاستخدامها في المستقبل. وقد يكون ذلك ضرورياً لعلاج الخصوبة لأسباب صحية أو لأسباب شخصية، وقد يظل السائل المنوي مجمدا لمدة طويلة.
أيضا يمكن تجميد البويضة والاحتفاظ بها، لظروف تتعلق بصحة المرأة.
الدكتور أنور الشرقاوي
"يعاني 12 في المائة من المغاربة مشكلا في الإنجاب، أي بمعدل مليون و700 ألف مغربي، وهو ما يؤثر سلبا على العلاقات بين الأزواج، ويؤدي إلى مشاكل نفسية واجتماعية خطيرة، مثل الاكتئاب والطلاق. كما يهدد تراجع نسبة السكان النشيطين في البلد، وشيخوخة هرمها السكاني، على المدى البعيد.
وحسب دراسة أن حوالي 13 إلى 15في المائة من الأزواج المغاربة يعانون من انخفاض الخصوبة، وهذا ناتج إلى التغيرات المناخية وتغير الأنماط الغذائية وتأخر سن الزواج.
أما بخصوص قرار إدماج عدد من أدوية ضعف الخصوبة ضمن لائحة الأدوية التي يمكن تعويضها في إطار نظام التأمين الإجباري عن المرض، فقد صدر أخيرا في الجريدة الرسمية عدد 6946."