منذ سنوات وأنا أحرص على زيارة جماعة أوكايمدن (70 كلم عن مراكش). وكل عام كنت أوهم نفسي بأن المسؤولين "سيهديهم الله" للتدخل لتحسين البنية التحتية بهذه المنطقة الأكثر شهرة بالمغرب، و لكنها للأسف من بين المناطق الأكثر إهمالا وفقرا.
فكلما زرت أوكايمدن، إلا ويؤلمني حال المنطقة التي مازال مغضوب عليها من طرف الحكومة والولاية والجهة والعمالة والمصالح الخارجية وتخلى عنها ممثلو الأحزاب والمنتخبين.
فالمغاربة يحجون إلى أوكيمدن في كل الفصول لجمال الطبيعة وللهرب من توتر العيش بالمدينة، وهو الحج الذي يرتفع صبيبه كلما حل موسم الثلج، أو فصل الربيع. لكن بدل أن تقوم السلطة العمومية بتوفير بنيات الاستقبال نراها تتعامل مع الزوار بمنطق "الحكرة". فالطريق الوحيدة الرابطة بين أوريكة وأوكايمدن كارثية ومتآكلة وغير مدمجة في رادار وزارة التجهيز. والباركينات قليلة جدا لا تستوعب الأعداد الهائلة من السيارات. والتهيئة المحلية غير موجودة أصلا بأوكايمدن لتسهيل تحرك وتنقل الناس (مثلا غياب مدارات وتشوير يساعد السائقين ورجال الدرك على تنظيم السير). والمراحيض العمومية منعدمة، اللهم مرحاضين(واحد للنساء والاخر للرجال) إذا دخل المرء إليه عليه وضع "السكافاندري" لكي لا يصاب بالغثيان، ماعدا إذا رغب في قضاء حاجته بشكل حيواني وبهيمي أمام خلق الله. والمطاعم الموجودة التي تقدم الطواجن تنتمي للعصر الطباشيري، إذ لا يعرف معظمها ما معنى الوقاية والنظافة ولو في حدودها الدنيا لغياب تأطير وإرشاد من طرف المصالح البيطرية ومصالح حفظ الصحة بالجماعة وإقليم الحوز وولاية مراكش، لارشادهم لطرق يحافظون بها على المواصفات الدنيا دون أن يكلفهم ذلك مالا كثيرا.
والمؤسف أن أوكايمدن تابعة لولاية مراكش التي تعد من أنشط المدن بالمغرب من حيث إنتاج الثروة. هذه الثروة لم تنعكس إطلاقا على ضواحي مراكش بأوكايمدن وستي فاظمة وشيشاوة وأمزميز وأومليل وتامنصورت وغيرها.
هنا يحق التساؤل: أين فائض الثروة بمراكش؟ من يقوم بتهريب الثروة من عاصمة البهجة ويحرم محيط مراكش من الاستفادة من بعض العوائد بما يحقق العدالة الاجتماعية ويرفع مستوى العيش ويحسن جودة العيش بهذه المناطق المنكوبة.
إن مدن الشمال كانت مثل "أوكايمدن" و"أكدز" و"تيشكا" و"ستي فاضمة" و"تيزينتاست"، من حيث الحرمان والاحتقار والافتقار للبنى التحتية. لكن لما توفرت الإرادة السياسية ظهر المال و"لبلان": فتم إنجاز المدار المتوسطي الذي فك العزلة عن الشمال وبرزت مشاريع أخرى كبرى مكملة ناهضة ومهيكلة بتراب المضيق والفنيدق وطنجة ومدن الريف.
فهل سكان الحوز صهاينة لا يستحقون ولو عشر ما صرف في مدن الشمال؟ وما جدوى هذه الحكومة والبرلمان وكثرة الأحزاب والمنتخبين والعمال والولاة وممثلي المصالح الخارجية بجهة مراكش، إن لم يعملوا على تمتيع إقليم الحوز بطرق آمنة وواسعة وتحترم مواصفات الجودة.وهذا أضعف الايمان؟