هل تحولت الهجرة من حـل لمشاكـل اقتصادية واجتماعية الى ظــرف تعـقـيد في موضوع الزواج؟ وهل تأخر زواج المهاجرين حالة اختيــار أم اضطـرار؟ وهل أصبح الزواج بمهاجر/ة استثمار أكثر منه رباط مُـقـدس؟ أم هو صراع بين تـياري: لـن ألـبس جلـباب أمـي.. ومن يقبل الــزواج بفتاة لها ماض..!!؟
التنائج الأخيرة لدراسة ظاهرة تأخير الزواج في الوطن العربي كانت مُـتوقعة، وبالتالي أخـذت موقـع التأكيد والإخبار أكثر منه طابع الاكتشاف.. وانتهت الدراسة إلى أن الظروف الاقتصادية لها الـيـد الأولى في الموضوع.. ورغم كل ما قيل ما زال يسكننا إحساس بالحاجة إلى المزيد من الدراسة عسى تنفع للتنبيه إلى خطورة الأمر وأن الشباب لا يغريه لقب "سينغيل" كما أن العنوسة ليست "لقب فخري"... بل الموضوع أكثر من جدي وكلما حاولنا الإمساك ببعض خيوطه نتيه في تفاصيل مهمة لها علاقة بالتقاليد والصور النمطية عن الرباط المقدس وأحوال الشباب وتغير نمط العيش ورغبات الحياة العصرية، وأيضا ما تتطلبه الدراسة من سنوات طوال.. في موضوع بطله الصراع ينتهي دائما إما لفائدة التـقالـيد أو الهروب إلى الأمام أي تأجيل الموضوع إلى أجل غير مسمى..
وتبقى الفتاة واقفة على النافذة تنتظر عريسا يدق بابها..!! ونقف نحن على حقيقة واحدة، هل حقا نعرف ماذا نــريد..!!؟ فالشاب يمكنه مرافقة من يشاء.. ولكن في موضوع الزواج ليس له كامل الحرية فيمن يشاء لأنه مؤسسة قائمة على قواعد لا تتآكل بمرور الزمان..
أما الشابة فتجدها تغدق كل ألقاب التحضر والتفاهم على الرجل الغربي.. لكن حينما يطلب منها تأدية نصيبها في مأدبة غداء مثلا فإنها تنحصر على مروءة الرجل الشرقي ... حقيقة لا نعرف ماذا نريد..!
سألنا فاطمة ومريم وأخريات وطارق وياسين وآخرون، مهاجرون تجاوزوا بكثير عتبة الثلاثين لهم قواسم مشتركة، في الموضوع، أي رغبة واحدة في البحث عن شريك الحياة.. لكن كل طرف يلوم الآخر... ما بْـقى مْعا منْ.. فين الناس دْيال زمان..!!! رددها الطرفان معا.
دعُونا نبحث في دفاترهـم الشخصية:
هي مهاجرة:
الكل يتعامل معها على أنها بصلاحية مُحددة.. آسـف ولكن هذه حقيقة، وأسفنا يكبرعندما تدافعت الحقوقيات للوقوف ضد التعدد والذي لا يشكل قي حقيقة الأمر مأساة بالنظر إلى الرقم الصغير الذي يمثله في مجتمعنا، ورغم ذلك فقد أخد مساحة إعلامية وحقوقية لا تتماشى مع حجمه.. علق أحد الظرفاء بانه دفاع عن المواقع..!! وتحققت نتائج مهمة في التقليل من نسبة الزواج المبكـر، لكن سقطن في تأخيرالزواج وتتوج بالعنوسة.. وهي مواضيع كان يجب أن تستاثر بكل الجهود لأن من حق كل امرأة ان تكون أما أيضا...!
حـكيمـة مهاجرة (34 سنة): تعيل عائلة بالمغرب، قالت إن الزواج سيُشكل عائقا أمام مشروعها الشخصي، أي مساعدة العائلة.. ويسكنها خوف برفض الزوج في استمرارها بتقديم المساعدة لعائلتها الفقيرة.. أو التخوف من فشل الزواج خاصة وأنه تحقق فقط لأنها مهاجرة..!!
مع ملاحظة أن نسبة ارتباط مهاجرين فيما بينهم تبقي قليلة جدا..!! ومهما عـلا شأن المشروع الشخصي لحكيمة أو لغيرها من المهاجرات، فإن الرغبة في الاستقرار وسماع كلمة "ماما" لا يعلو عليها شيء أخر.. ولذلك فإن الكثيرات الآن مُضطرات لدخول المغامرة، ولكن بشروط أهمها أن يكون الزوج أقل جاذبية أو أرمل أو مطلق أو شاب عاطل... وهي شروط قد تضمن لهن بعض الـوفاء والـولاء..وأشيــاء أخـرى..
هو مهاجر:
بداية، هـو أقـل ظُلما اجتماعيا من المهاجرة لأن مدة صلاحيته بدون أجل... عوامل كثيرة تجعله يفكر أكثر من مرة في دخول القفص الذهبي من عدمه.. ورغم كل ذلك تبقى رغبته في الارتباط بـ "بنت البلاد" لا تقاوم.. سألنا العديدين من المهاجرين على مشارف الأربعينات، يونس (39 سنة) وبوشعيب (42 سنة).. ظروف العائلة.. وأيضا عدم الاستقرار في العمل.. والكرم الجنسي.. تجعلهم يتراجعون بخطوتين إلى الوراء.. ويرفضون أن يكونوا كأزواج قناطر للعبور إلى الضفة الأخرى فقط.. ولذلك فهم يفضلون الزواج التقليدي.. لعيشهم في مجتمعات وصلت فيها درجة الحياء إلى الحد الأدنى.. وباسم الحرية الفردية يدوسون على كل غالي وعزيز..!
أيضا لدخول المغامرة فقد حددوا شروطا معقـدة.. أن تكون الزوجة صغيرة السن، متدينة (تعرف بينها وبين الله..) و" بنت دارهم".. وبصفة عامة شروط تضمن لهم الاستقرار والنفوذ الأدبي للرجل الشرقي ولو في الغرب..!
بعملية بسيطة بين أعداد المقيمين في بلاد معينة من جهة وعدد ملفات طلب الالتحاق العائلي وتسجيل عقود الزواج بالمحاكم المغربية أو طلبات التصديق عليها لدى القنصليات من جهة ثانية.. نصل إلى رقم يُخيف كل المتفائلين ويجعلنا أمام إشكالية مجتمعية يجب التنبيه إليها وإعادة قراءة العديد من المفاهيم المرتبطة بها.. فمن الذي يمنع شباب مهاجرين ناضجين فوق الأربعين وليس لديهم صعوبات مادية، من الزواج..!!؟ هذا دون الحديث عن مشاكل أخرى لها علاقة بهذا الموضوع، كالمطلقات من المهاجرين لمدة تقل عن سنة من الزواج أو حتى قبل البناء..!!!
وهل يمكن اعتباره رسالة تحد من شباب يعيشون في الغرب ويحنون إلى حياة الشرق..!؟ أم هو صراع بين أصحاب: لن أعيش في جلباب أمي، من جهة وأصحاب: هل يقبل الشاب المهاجرون الارتباط بفتـاة لها ماض..!!؟؟
صراع يُتوج بانتصار العنوسة في نهاية المطاف.. لكن الأكيد أن كل هؤلاء المهاجرين المتأخرين عن الزواج أو المضربين عنه يعرفون أكثر من غيرهم أن: من لم يتزوج من مغربية، فـقـد مات أعزب...