الحريشي: قرار البرلمان الأوروبي تقف خلفه بعض اللوبيات التي تتقاطع مصالحها مع الدور المحوري الذي يلعبه المغرب

الحريشي: قرار البرلمان الأوروبي تقف خلفه بعض اللوبيات  التي تتقاطع مصالحها مع الدور المحوري الذي يلعبه المغرب د.علي الحريشي، عميد معهد العلوم السياسية بجامعة مونديابوليس بالدار البيضاء
يرى د. علي الحريشي، عميد معهد العلوم السياسية بجامعة مونديابوليس بالدار البيضاء أن قرار البرلمان الأوروبي، بشأن الوضع الحقوقي في المغرب  يدخل في إطار حملة ممنهجة من بعض الجهات المعادية للمغرب، كما أنه يأتي في سياق الأزمة العالمية والتي تعاني منها أوروبا بسبب مشكل التزود بالطاقة، كما أن القرار يأتي في سياق ما يجري من تحولات بالقارة الإفريقية جراء دخول أطراف دولية في تنافس وصراع مع أوروبا، مؤكدا بأن المغرب غير معني بقرار البرلمان الأوروبي، فالمغرب بلد مستقل وله سيادة على ترابه الوطني، داعيا اللجنة المشتركة التي تجمع البرلمان المغربي بالبرلمان الأوروبي الى العمل على تفعيل الشراكة المتقدمة التي تجمع المغرب بالاتحاد الأوروبي بمنطق رابح / رابح، الى جانب تفعيل دورها الدبلوماسي بالاعتماد على كفاءات المغاربة من مفكرين وباحثين وأساتذة وإعلاميين من أجل قطع الطريق على اللوبيات التي تتقاطع مصالحها مع الدور المحوري الذي يلعبه المغرب في القارة الإفريقية وفي المنطقة الأورومتوسطية. 

كيف‭ ‬تقرأ‭ ‬سياق‭ ‬صدور‭ ‬قرار‭ ‬البرلمان‭ ‬الأوروبي‭ ‬بشأن‭ ‬مجال‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬وماذا‭ ‬عن‭ ‬خلفياته‭ ‬الحقيقية؟‭ ‬
أعتقد‭ ‬أن‭ ‬القرار‭ ‬يدخل‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬حملة‭ ‬ممنهجة‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الجهات‭ ‬المعادية‭ ‬للمغرب‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التضييق‭ ‬على‭ ‬بلد‭ ‬يسير‭ ‬في‭ ‬خطى‭ ‬وثيقة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تكريس‭ ‬الديمقراطية‭ ‬ومبادئ‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والحريات‭ ‬الفردية‭ ‬والجماعية،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬يأتي‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬الأزمة‭ ‬العالمية‭ ‬والتي‭ ‬تعاني‭ ‬منها‭ ‬أوروبا‭ ‬بسبب‭ ‬مشكل‭ ‬التزود‭ ‬بالطاقة،‭ ‬واتخاذ‭ ‬قرارات‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬يدخل‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬استرضاء‭ ‬الحلفاء،‭ ‬حيث‭ ‬تسير‭ ‬بنا‭ ‬الرؤية‭ ‬مباشرة‭ ‬الى‭ ‬البلد‭ ‬الجار،‭ ‬فأوروبا‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬أزمة‭ ‬خانقة،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬معاناتها‭ ‬من‭ ‬الهشاشة‭ ‬نتيجة‭ ‬تداعيات‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬القرار‭ ‬يأتي‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬من‭ ‬تحولات‭ ‬بالقارة‭ ‬الإفريقية‭ ‬جراء‭ ‬دخول‭ ‬أطراف‭ ‬دولية‭ ‬في‭ ‬تنافس‭ ‬وصراع‭ ‬مع‭ ‬أوروبا،‭ ‬وفي‭ ‬رأيي‭ ‬فإن‭ ‬المغرب‭ ‬غير‭ ‬معني‭ ‬بقرار‭ ‬البرلمان‭ ‬الأوروبي،‭ ‬فالمغرب‭ ‬بلد‭ ‬مستقل‭ ‬وله‭ ‬سيادة‭ ‬على‭ ‬ترابه‭ ‬الوطني‭ ‬وهو‭ ‬مستقل‭ ‬في‭ ‬قراراته‭ ‬واختصاصاته‭ ‬وليس‭ ‬تحت‭ ‬حماية‭ ‬أو‭ ‬وصاية‭ ‬أي‭ ‬بلد‭ ‬أو‭ ‬مؤسسة‭ ‬خارجية،‭ ‬ثانيا‭ ‬المغرب‭ ‬ليس‭ ‬عضو‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬ولم‭ ‬يسبق‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬نقل‭ ‬صلاحياته‭ ‬واختصاصاته‭ ‬للاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬وفقا‭ ‬لما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬معاهدة‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ .‬

فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمجال‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬الذي‭ ‬يتحدث‭ ‬عنه‭ ‬القرار،‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬التذكير‭ ‬بأن‭ ‬المغرب‭ ‬انخرط‭  ‬ضمن‭ ‬مسار‭ ‬ديمقراطي‭ ‬منذ‭ ‬تأسيس‭ ‬هيئة‭ ‬الإنصاف‭ ‬والمصالحة‭ ‬عام‭ ‬2004‭ ‬والتي‭ ‬تبنت‭ ‬مفهوم‭ ‬العدالة‭ ‬الانتقالية‭ ‬والتي‭ ‬لم‭ ‬تقم‭ ‬بها‭ ‬سوى‭ ‬بلدان‭ ‬قليلة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التصالح‭ ‬مع‭ ‬الذات،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬مضامين‭ ‬دستور‭ ‬2011‭ ‬تصب‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬تكريس‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬حيث‭ ‬تضمن‭ ‬الباب‭ ‬الثالث‭ ‬من‭ ‬الدستور‭ ‬الذي‭ ‬يتطرق‭ ‬للحقوق‭ ‬والحريات‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الفصول‭ ‬التي‭ ‬تتعلق‭ ‬بحماية‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬الى‭ ‬جانب‭ ‬التصدير‭ ‬الذي‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬منظومة‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والقانون‭ ‬الدولي‭ ‬الإنساني‭ ‬ويؤكد‭ ‬على‭ ‬تشبت‭ ‬المملكة‭ ‬بمنظومة‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬متعارف‭ ‬عليها‭ ‬عالميا،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الفصول‭ ‬107 – 109- 113‭ ‬من‭ ‬الدستور‭ ‬تؤكد‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬القضاء‭ ‬سلطة‭  ‬مستقلة‭ ‬عن‭ ‬السلطة‭ ‬التشريعية‭ ‬والسلطة‭ ‬التنفيذية،‭ ‬اذا‭ ‬المغرب‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬الى‭ ‬تلقي‭ ‬املاءات‭ ‬أو‭ ‬دروس‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬جهة‭ ‬خارجية،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬البرلمان‭ ‬الأوروبي‭ ‬غير‭ ‬مخول‭ ‬بإعطاء‭ ‬املاءات‭ ‬ودروس‭ ‬في‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬لبلد‭ ‬غير‭ ‬عضو‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ .‬
 
ومن‭ ‬يقف‭ ‬في‭ ‬نظرك‭ ‬خلف‭ ‬هذا‭ ‬القرار،‭ ‬هل‭ ‬يمكن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬وجود‭ ‬لوبيات‭ ‬معينة‭ ‬؟‭ ‬
صحيح‭..‬هناك‭ ‬عدة‭ ‬لوبيات‭ ‬تخشى‭ ‬من‭ ‬تضرر‭ ‬مصالحها‭ ‬مع‭ ‬التقدم‭ ‬والنمو‭ ‬الذي‭ ‬يعرفه‭ ‬المغرب،‭ ‬والدور‭ ‬الذي‭ ‬يلعبه‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬مجالات‭ ‬وعدة‭ ‬تحديات‭ ‬سواء‭ ‬تعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بالهجرة،‭ ‬السلم‭ ‬والسلام،‭ ‬التحديات‭ ‬الاقتصادية‭.. ‬القرار‭ ‬يقف‭ ‬خلفه‭ ‬اليسار‭ ‬المتطرف‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬الى‭ ‬جانب‭ ‬بعض‭ ‬لوبيات‭ ‬المصالح‭ ‬التي‭ ‬تتقاطع‭ ‬مصالحها‭ ‬مع‭ ‬مصالح‭ ‬المغرب،‭ ‬والتي‭ ‬تحاول‭ ‬التماهي‭ ‬مع‭ ‬دور‭ ‬اللوبي‭ ‬الجزائري‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بقضية‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية،‭ ‬مع‭ ‬العلم‭ ‬أن‭ ‬اليسار‭ ‬الإسباني‭ ‬صوت‭ ‬ضد‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭.‬
 
ماذا‭ ‬عن‭ ‬ازدواجية‭ ‬الخطاب‭ ‬التي‭ ‬تطبع‭ ‬علاقات‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬بالمغرب،‭ ‬فالجهاز‭ ‬التنفيذي‭ ‬يشيد‭ ‬بما‭ ‬يحصل‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬من‭ ‬إصلاحات‭ ‬بينما‭ ‬الجهاز‭ ‬التشريعي‭ ‬يصب‭ ‬الزيت‭ ‬في‭ ‬النار‭ ‬ويصدر‭ ‬قرارات‭ ‬مناوئة‭ ‬للمغرب،‭ ‬بل‭ ‬وخارج‭ ‬السياق؟‭ ‬
لابد‭ ‬من‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬مؤسسات‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬فالأمر‭ ‬يتعلق‭ ‬بثلاث‭ ‬مؤسسات‭ ‬لها‭ ‬دور‭ ‬فعال:‭ ‬مجلس‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬المفوضية‭ ‬الأوروبية،‭ ‬البرلمان‭ ‬الأوروبي‭ ‬الى‭ ‬جانب‭ ‬المجلس‭ ‬الأوروبي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬الأجهزة‭ ‬الإدارية‭ ‬والمحكمة‭ ‬الأوروبية‭ ‬وباقي‭ ‬المؤسسات‭ ‬الأخرى‭. ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمجلس‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬والمفوضية‭ ‬الأوروبية‭ ‬فهما‭ ‬يمثلان‭ ‬حكوماتهم،‭ ‬والمغرب‭ ‬يربطه‭ ‬الوضع‭ ‬المتقدم‭ ‬مع‭ ‬المؤسسات‭ ‬التنفيذية‭ ‬للاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2008،‭ ‬مع‭ ‬العلم‭ ‬أن‭ ‬الممثل‭ ‬السامي‭ ‬للاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬للشؤون‭ ‬الخارجية‭ ‬والسياسة‭ ‬الأمنية‭ ‬ونائب‭ ‬رئيس‭ ‬المفوضية‭ ‬الأوروبية‭ ‬يشيد‭ ‬بالشراكة‭ ‬المتميزة‭ ‬التي‭ ‬تجمع‭ ‬المغرب‭ ‬بالاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬عبر‭ ‬عنه‭ ‬خلال‭ ‬زيارته‭ ‬للمغرب‭ ‬يومي‭ ‬5‭ ‬و6‭ ‬يناير‭ ‬2023،‭ ‬والأمر‭ ‬هنا‭ ‬يتعلق‭ ‬بجهاز‭ ‬تنفيذي‭ ‬له‭ ‬صلاحيات‭ ‬تفوق‭ ‬صلاحيات‭ ‬البرلمان‭ ‬الأوروبي‭ ‬علما‭ ‬أن‭ ‬البرلمان‭ ‬الأوروبي‭ ‬لها‭ ‬صلاحيات‭ ‬في‭ ‬الجانب‭ ‬التشريعي‭ ‬يتقاسمها‭ ‬مع‭ ‬المجلس‭ ‬الأوروبي‭ ‬ومع‭ ‬المفوضية‭ ‬الأوروبية،‭ ‬فمقترحات‭ ‬القوانين‭ ‬تصدر‭ ‬عن‭ ‬المفوضية‭ ‬الأوروبية‭ ‬بينما‭ ‬يكتفي‭ ‬البرلمان‭ ‬بالتصويت،‭ ‬واذا‭ ‬استحضرنا‭ ‬معطى‭ ‬تصويت‭ ‬الأوروبيين‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬فإن‭ ‬البرلمان‭ ‬الأوروبي‭ ‬لا‭ ‬يحصل‭ ‬على‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأصوات،‭ ‬لأنه‭ ‬بالنسبة‭ ‬لهم‭ ‬مجرد‭ ‬مؤسسة‭ ‬تلهف‭ ‬أموال‭ ‬الأوروبيين،‭ ‬وهو‭ ‬يضم‭ ‬705‭ ‬برلمانيا‭ ‬صوت‭ ‬منهم‭ ‬400‭ ‬فقط‭ ‬لصالح‭ ‬القرار‭ ‬المناوئ‭ ‬للمغرب،‭ ‬فالحزب‭ ‬الشعبي‭ ‬الأوروبي‭ ‬مثلا‭ ‬رفض‭ ‬التصويت‭ ‬بشكل‭ ‬نهائي،‭ ‬بالمقابل‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬الجهاز‭ ‬التنفيذي‭ ‬للاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬تربطه‭ ‬شراكات‭ ‬مع‭ ‬المغرب‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالفلاحة‭ ‬والصيد‭ ‬البحري،‭ ‬وإنتاج‭ ‬الهيدروجين‭ ‬الأخضر،‭ ‬يعني‭ ‬هناك‭ ‬مصالح‭ ‬مشتركة‭ ‬مع‭ ‬المغرب‭ ‬ولا‭ ‬خلاف‭ ‬حولها‭.‬
 
هناك‭ ‬من‭ ‬يقول‭ ‬إن‭ ‬الوضع‭ ‬المتقدم‭ ‬الذي‭ ‬يجمع‭ ‬المغرب‭ ‬بالاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬يخول‭ ‬له‭ ‬توجيه‭ ‬انتقادات‭ ‬ضد‭ ‬المغرب،‭ ‬مع‭ ‬العلم‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬للبرلمان‭ ‬الأوروبي‭ ‬أن‭ ‬أصدر‭ ‬قرارات‭ ‬مماثلة‭ ‬ضد‭ ‬الجزائر‭ ‬أو‭ ‬تونس‭ ‬مثلا،‭ ‬مارأيك‭ ‬؟
كما‭ ‬قلت‭ ‬لك‭ ‬فالقرار‭ ‬تحركه‭ ‬لوبيات‭ ‬مناوئة‭ ‬للمغرب،‭ ‬صحيح‭ ‬المغرب‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬المشاكل‭ ‬والتعثرات‭ ‬والتي‭ ‬يمكن‭ ‬انتقادها‭ ‬داخليا،‭ ‬لكنه‭ ‬يسير‭ ‬ضمن‭ ‬مسار‭ ‬إرساء‭ ‬الديمقراطية‭ ‬وتكريسها،‭ ‬والمغرب‭ ‬كما‭ ‬أشرت‭ ‬سابقا‭ ‬قطع‭ ‬شوطا‭ ‬كبيرا‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2000‭ ‬مرورا‭ ‬بهيئة‭ ‬الإنصاف‭ ‬والمصالحة‭ ‬ودستور‭ ‬2011‭ ‬الذي‭ ‬رسخ‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬الحقوق‭ ‬والحريات‭ ‬الفردية‭ ‬والجماعية،‭ ‬وكما‭ ‬قلت‭ ‬لك‭ ‬فالدور‭ ‬المحوري‭ ‬للمغرب‭ ‬يتقاطع‭ ‬مع‭ ‬مصالح‭ ‬بعض‭ ‬اللوبيات‭ ‬المنتمية‭ ‬لبعض‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬والموجودة‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭ ‬الأوروبي،‭ ‬مع‭ ‬العلم‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬فرق‭ ‬كبير‭ ‬بين‭ ‬الوضع‭ ‬الحقوقي‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬ونظيره‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭ ‬وما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬من‭ ‬اعتقالات‭ ‬بسبب‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬رأي‭ ‬مخالف‭ ‬للسلطة‭ ‬الحاكمة‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬نرى‭ ‬أية‭ ‬إدانة،‭ ‬ونفس‭ ‬الأمر‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬وما‭ ‬حصل‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬تجاوزات‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬الرئيس‭ ‬الحالي‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬بعد‭ ‬تعديل‭ ‬الدستور‭ ‬وإجراء‭ ‬الانتخابات‭ ‬وما‭ ‬خلفته‭ ‬هذه‭ ‬الأحداث‭ ‬من‭ ‬أحداث‭ ‬وتداعيات‭ ‬داخلية‭..‬دون‭ ‬أن‭ ‬نرى‭ ‬أية‭ ‬قرارات‭ ‬مماثلة‭ ‬تصدر‭ ‬عن‭ ‬البرلمان‭ ‬الأوروبي‭.‬
 
ماذا‭ ‬عن‭ ‬دور‭ ‬لجان‭ ‬الصداقة‭  ‬التي‭ ‬تجمع‭ ‬البرلمان‭ ‬المغربي‭ ‬ببرلمانات‭ ‬أوروبا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الباب،‭ ‬والى‭ ‬أي‭ ‬حد‭ ‬استطاعت‭ ‬مواجهة‭ ‬ونسف‭ ‬ما‭ ‬يحاك‭ ‬ضد‭ ‬المغرب‭ ‬داخل‭ ‬بلدان‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي؟‭ ‬
صحيح‭.. ‬هناك‭ ‬لجنة‭ ‬مشتركة‭ ‬تجمع‭ ‬البرلمان‭ ‬المغربي‭ ‬بالبرلمان‭ ‬الأوروبي،‭ ‬وينبغي‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬اللجنة‭ ‬أن‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬تفعيل‭ ‬الشراكة‭ ‬المتقدمة‭ ‬التي‭ ‬تجمع‭ ‬المغرب‭ ‬بالاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬بمنطق‭ ‬رابح‭ ‬/‭ ‬رابح‭ ‬ولابد‭ ‬أن‭ ‬يمر‭ ‬ذلك‭ ‬عبر‭ ‬المفوضية‭ ‬الأوروبية‭ ‬وهنا‭ ‬نتذكر‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الأخيرة‭ ‬سبق‭ ‬لها‭ ‬ان‭ ‬ترافعت‭ ‬ضد‭ ‬قرار‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الأوروبية‭ ‬القاضي‭ ‬بإلغاء‭ ‬اتفاقيتين‭ ‬تجاريتين‭ ‬تجمعان‭ ‬المغرب‭ ‬بالاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬في‭ ‬شتنبر‭ ‬2021،‭ ‬اذا‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬اللجنة‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬بدورها‭ ‬في‭ ‬تفعيل‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الناعمة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬عليها‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬حاضرة‭ ‬بقوة‭ ‬في‭ ‬أوروبا،‭ ‬مع‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬كفاءات‭ ‬المغاربة‭ ‬من‭ ‬مفكرين‭ ‬وباحثين‭ ‬وأساتذة‭ ‬وإعلاميين‭ ‬والذين‭ ‬لهم‭ ‬إلمام‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬موضوع‭ ‬الوحدة‭ ‬الترابية‭ ‬المغربية،‭ ‬وكل‭ ‬هذا‭ ‬طبعا‭ ‬الى‭ ‬جانب‭ ‬العمل‭ ‬الذي‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬باقي‭ ‬اللجان‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬تجمعنا‭ ‬مع‭ ‬المجلس‭ ‬الأوروبي‭ ‬والمفوضية‭ ‬الأوروبية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬حقيقة‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬باعتباره‭ ‬بلد‭ ‬يسير‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬النمو‭ ‬وفي‭ ‬طريق‭ ‬ترسيخ‭ ‬الديمقراطية‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬بلد‭ ‬يعمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ضمان‭ ‬السلم‭ ‬والسلام‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬الأورو‭ ‬متوسطية،‭ ‬وأنه‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬باعتباره‭ ‬هو‭ ‬المدخل‭ ‬الأساسي‭ ‬لتحقيق‭ ‬السلم‭ ‬والسلام‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وأنه‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬التصدي‭ ‬لمخلفات‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬مجسدة‭ ‬في‭ ‬جبهة‭ ‬البوليساريو‭ ‬المدعومة‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الجزائر‭ ‬والتي‭ ‬تعيق‭ ‬النمو‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يضر‭ ‬بمصالح‭ ‬الجانبين‭ ‬معا،‭ ‬المغرب‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬الى‭ ‬جانب‭ ‬أهمية‭ ‬مواجهة‭ ‬تحدي‭ ‬التطرف‭ ‬والإرهاب‭ ‬والجماعات‭ ‬الجهادية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الساحل‭ ‬والصحراء‭ ‬الإفريقية‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬التحديات‭.‬
 
صدر‭ ‬بيان‭ ‬شديد‭ ‬اللهجة‭ ‬من‭ ‬البرلمان‭ ‬المغربي‭ ‬يدين‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الداخلية‭ ‬للمغرب‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬البرلمان‭ ‬الأوروبي‭ ‬،‭ ‬فكيف‭ ‬تنظر‭ ‬الى‭ ‬ذلك‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬المطلوب‭ ‬من‭ ‬قرارات‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إعادة‭ ‬الأمور‭ ‬الى‭ ‬نصابها؟
ما‭ ‬حصل‭ ‬يوم‭ ‬الاثنين‭ ‬23‭ ‬يناير‭ ‬2023‭ ‬داخل‭ ‬البرلمان‭ ‬المغربي‭ ‬بغرفتيه‭ ‬شيء‭ ‬مهم‭ ‬جدا،‭ ‬حيث‭ ‬عبرت‭ ‬جميع‭ ‬الفرق‭ ‬البرلمانية‭ ‬المنتمية‭ ‬للأغلبية‭ ‬والمعارضة‭ ‬عن‭ ‬رفضها‭ ‬للإملاءات‭ ‬والتدخلات‭ ‬ومنطق‭ ‬الوصاية‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬البرلمان‭ ‬الأوروبي،‭ ‬وعلى‭ ‬اللجنة‭ ‬البرلمانية‭ ‬المشتركة‭ ‬أن‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬إيصال‭ ‬هذا‭ ‬الصوت‭ ‬الى‭ ‬رؤساء‭ ‬الفرق‭ ‬البرلمانية‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭ ‬الأوروبي،‭ ‬مع‭ ‬استثمار‭ ‬علاقاتنا‭ ‬مع‭ ‬أحزاب‭ ‬أوروبية‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬الحزب‭ ‬الشعبي‭ ‬الأوروبي،‭ ‬حيث‭ ‬سبق‭ ‬لمقرر‭  ‬المغرب‭ ‬عن‭ ‬مجموعة‭ ‬الحزب‭ ‬الشعبي‭ ‬الأوروبي‭ ‬بالبرلمان‭ ‬الأوروبي‭ ‬أندري‭ ‬كوفاتشيف‭ ‬أن‭ ‬قام‭ ‬بزيارة‭ ‬عمل‭ ‬للمملكة‭ ‬المغربية‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬الممتدة‭ ‬من‭ ‬29‭ ‬نونبر‭ ‬إلى‭ ‬الفاتح‭ ‬من‭ ‬دجنبر‭ ‬2022،‭ ‬وأعتقد‭ ‬أن‭ ‬البيان‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬البرلمان‭ ‬المغربي‭ ‬والقاضي‭ ‬بتقييم‭ ‬شامل‭ ‬لعلاقته‭ ‬مع‭ ‬البرلمان‭ ‬الأوروبي‭ ‬مهم‭ ‬جدا‭ ‬وينبغي‭ ‬تسويقه‭ ‬على‭ ‬أوسع‭ ‬نطاق‭ ‬لكي‭ ‬يدرك‭ ‬الأوروبيون‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬بلد‭ ‬ذو‭ ‬سيادة،‭ ‬علما‭ ‬أن‭ ‬قرار‭ ‬البرلمان‭ ‬الأوروبي‭ ‬ليس‭ ‬له‭ ‬أي‭ ‬تأثير‭ ‬على‭ ‬علاقات‭ ‬المغرب‭ ‬مع‭ ‬المفوضية‭ ‬الأوروبية‭ ‬حيث‭ ‬تجمعنا‭ ‬معها‭  ‬الشراكة‭ ‬المتقدمة‭ ‬وعدة‭ ‬مصالح‭ ‬مشتركة،‭ ‬إنسانية‭ ‬واقتصادية‭ ‬وأمنية‭..‬الى‭ ‬جانب‭ ‬وجود‭ ‬شركاء‭ ‬آخرين‭ ‬مهمين،‭ ‬وتربطه‭ ‬علاقات‭ ‬مع‭ ‬إفريقيا‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬علاقات‭ ‬جنوب‭ ‬–‭ ‬جنوب‭ ‬والتي‭ ‬يسعى‭ ‬الى‭ ‬تطويرها‭. ‬