أحزرير: لهذه الأسباب يتجنب أخنوش حشر وزرائه في الزاوية الضيقة رغم تناسل فضائحهم

أحزرير: لهذه الأسباب يتجنب أخنوش حشر وزرائه في الزاوية الضيقة رغم تناسل فضائحهم عبد المالك احزرير، أستاذ القانون العام بجامعة مولاي اسماعيل بمكناس
في سياق الفضائح والسقطات التي تورط فيها وزراء حكومة أخنوش بشكل ملفت في ظرف وجيز ، طرحت أسبوعية "الوطن الآن" وموقع "أنفاس بريس"، سؤالا حول أسباب تناسل هذه الفضائح الوزارية وأسباب صمت أخنوش.
فيما يلي إضاءة عبد المالك احزرير، أستاذ القانون العام بجامعة مولاي اسماعيل بمكناس
 

لابد من إعطاء المشروعية لمؤسساتنا الدستورية من خلال الاستعانة بشخصيات بعيدة عن الشبهات وتتمتع بالمصداقية والكفاءة 
‭ ‬ظاهرة‭ ‬سقطات‭ ‬الوزراء‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نضيفها‭ ‬الى‭ ‬ظاهرة‭ ‬الشعبوية،‭ ‬وأعتقد‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬تندرج‭ ‬ضمن‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بالفرنسية‭ ‬Pantouflage‭ ‬أي‭ ‬انتقال‭ ‬بعض‭ ‬الأشخاص‭ ‬من‭ ‬قطاعات‭ ‬مهنية‭ ‬حرة‭ ‬الى‭ ‬العمل‭ ‬السياسي،‭ ‬وينسون‭ ‬أن‭ ‬للعمل‭ ‬السياسي‭ ‬أخلاقيات،‭ ‬أخلاقيات‭ ‬في‭ ‬السلوك،‭ ‬أخلاقيات‭ ‬في‭ ‬الحوار،‭ ‬أخلاقيات‭ ‬في‭ ‬الخطاب،‭ ‬أخلاقيات‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬اللباس،‭ ‬ورجل‭ ‬السياسة‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬يتحلى‭ ‬بالحكمة،‭ ‬وربما‭ ‬خاصيات‭ ‬السياسي‭ ‬تراجعت‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬لذلك‭ ‬لما‭ ‬كون‭ ‬بصدد‭ ‬شخص‭ ‬لا‭ ‬ينتمي‭ ‬للعالم‭ ‬السياسي‭ ‬بل‭ ‬ينتمي‭ ‬الى‭ ‬عالم‭ ‬المال‭ ‬والأعمال‭ ‬وغيرها،‭ ‬فهذا‭ ‬يجعله‭ ‬يسقط‭ ‬في‭ ‬شطحات‭ ‬بلغة‭ ‬المتصوفة‭ ‬وفي‭ ‬بعض‭ ‬السقطات‭ ‬غير‭ ‬المقبولة،‭ ‬كما‭ ‬وقع‭ ‬لوزير‭ ‬العدل‭ ‬عبد‭ ‬اللطيف‭ ‬وهبي،‭ ‬وهذا‭ ‬الأمر‭ ‬لايعود‭ ‬الى‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬تدخل‭ ‬ضمن‭ ‬التركيبة‭ ‬الهيكلية‭ ‬للنخبة‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬حزبية‭ ‬أو‭ ‬حكومية‭.‬
ثانيا،‭ ‬بعض‭ ‬السقطات‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬الى‭ ‬الاستقالة‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الديمقراطيات‭ ‬نجدها‭ ‬مفقودة‭ ‬لدينا‭ ‬في‭ ‬المغرب،‭ ‬بسبب‭ ‬العامل‭ ‬السيكولوجي،‭ ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬للوزير‭ ‬أن‭ ‬يقدم‭ ‬استقالته‭ ‬دون‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الضوء‭ ‬الأخضر‭ ‬من‭ ‬القصر،‭ ‬وأعتقد‭ ‬أن‭ ‬السقطات‭ ‬التي‭ ‬عرف‭ ‬بها‭ ‬الوزير‭ ‬وهبي‭ ‬لا‭ ‬تهمه‭ ‬كشخص‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬قضية‭ ‬حزب،‭ ‬وبالتالي‭ ‬اذا‭ ‬أراد‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬تغيير‭ ‬التركيبة‭ ‬الحكومية‭ ‬فعليه‭ ‬أن‭ ‬يدخل‭ ‬في‭ ‬حسابه‭ ‬مغادرة‭ ‬حزب‭ ‬بكامله‭ ‬للأغلبية‭ ‬ويتطلب‭ ‬مفاوضات،‭ ‬وهذا‭ ‬الأمر‭ ‬يتطلب‭ ‬تدخل‭ ‬الملك‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الباب‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬يعطى‭ ‬ضوء‭ ‬أخضر‭ ‬من‭ ‬الملك‭ ‬بإعادة‭ ‬تشكيل‭ ‬الحكومة‭ ‬باعتباره‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يعيين‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة،‭ ‬وباعتباره‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يعيين‭ ‬الوزراء‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إعفاء‭ ‬وهبي‭ ‬وإعفاء‭ ‬حزبه‭ ‬من‭ ‬الأغلبية‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭ ‬وهي‭ ‬عملية‭ ‬مترابطة‭.‬
أعتقد‭ ‬أن‭ ‬أخنوش‭ ‬ليست‭ ‬له‭ ‬رغبة‭ ‬في‭ ‬حشر‭ ‬بعض‭ ‬الوزراء‭ ‬في‭ ‬الدائرة‭ ‬الضيقة،‭ ‬فهذا‭ ‬لن‭ ‬يفيد‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬الحكومة‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬لن‭ ‬يفيد‭ ‬شخص‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة،‭ ‬بل‭ ‬الأمر‭ ‬يتطلب‭ ‬وجود‭ ‬رجال‭ ‬لهم‭ ‬من‭ ‬الحنكة‭ ‬والتجربة‭ ‬ويتوفرون‭ ‬على‭ ‬أسلوب‭ ‬للعمل‭ ‬السياسي‭ ‬ويمتلكون‭ ‬توازنا‭ ‬في‭ ‬خطابهم‭ ‬ولهم‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬احترام‭ ‬بعض‭ ‬الأخلاقيات‭ ‬في‭ ‬البيان‭ ‬السياسي،‭ ‬ولا‭ ‬يخلطون‭ ‬بين‭ ‬العمل‭ ‬السياسي‭ ‬والعمل‭ ‬مع‭ ‬الإعلام‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الدستورية‭ ‬أو‭ ‬الأحزاب‭ ‬والنقابات‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬مع‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني،‭ ‬رجل‭ ‬السياسة‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يحظى‭ ‬ببعض‭ ‬المميزات‭ ‬التي‭ ‬تجعله‭ ‬يتميز‭ ‬كرجل‭ ‬سياسة،‭ ‬وأن‭ ‬يتجنب‭ ‬أي‭ ‬خطاب‭ ‬غير‭ ‬مقبول‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬السياسية‭ ‬تكون‭ ‬له‭ ‬آثار‭ ‬على‭ ‬حزبه‭ ‬وعلى‭ ‬الحكومة،‭ ‬لأنه‭ ‬من‭ ‬المعلوم‭ ‬أن‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬يقيس‭ ‬الكلمات‭ ‬ويزنها،‭ ‬ولذلك‭ ‬فعضو‭ ‬الحكومة‭ ‬ليس‭ ‬شخصا‭ ‬عاديا‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬شخص‭ ‬يحسب‭ ‬له‭ ‬حسابه‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الداخل‭ ‬أو‭ ‬الخارج،‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬تصريح‭ ‬وهبي‭ ‬ستكون‭ ‬له‭ ‬آثار‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الخارجي،‭ ‬إذ‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تستغله‭ ‬منظمات‭ ‬غير‭ ‬حكومية‭ ‬ومنظمات‭ ‬دولية،‭ ‬وهو‭ ‬سلوك‭ ‬غير‭ ‬مقبول‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬السياسية،‭ ‬فبدل‭ ‬الاعتذار‭ ‬دخل‭ ‬في‭ ‬جدل‭ ‬سياسي‭ ‬يحمل‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الإساءة‭ ‬لأخلاقيات‭ ‬العمل‭ ‬السياسي‭.‬
لابد‭ ‬لجميع‭ ‬المؤسسات‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬من‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬مسألة‭ ‬بناء‭ ‬نخبة‭ ‬قوية،‭ ‬صالحة‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬الشبهات‭ ‬وبعيدة‭ ‬عن‭ ‬الفساد،‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬اقتضى‭ ‬الحال‭ ‬جلب‭ ‬هذه‭ ‬الكفاءات‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬الأحزاب‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬ما‭ ‬أقدم‭ ‬عليه‭ ‬الجنرال‭ ‬ديغول‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬معينة‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬فرنسا،‭ ‬والذين‭ ‬انتموا‭ ‬للأحزاب‭ ‬بعد‭ ‬ذلك،‭ ‬فيمكن‭ ‬اذا‭ ‬جلب‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬تسميتهم‭ ‬politocrates les‭ ‬أو‭ ‬تقنوقراطيين‭ ‬وإدخالهم‭ ‬للعمل‭ ‬السياسي،‭ ‬دون‭ ‬إغفال‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬هي‭ ‬الأخرى‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬ضعف‭ ‬التراكمات‭ ‬والتجارب‭ ‬وينقصهم‭ ‬الحس‭ ‬السياسي‭ ‬والممارسة‭ ‬السياسية‭ ‬والأخلاقيات‭ ‬السياسية،‭ ‬وهذا‭ ‬مشكل‭ ‬كبير،‭ ‬ولذلك‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬نقتصر‭ ‬على‭ ‬تفعيل‭ ‬مضامين‭ ‬دستور‭ ‬2011‭ ‬بل‭ ‬ينبغي‭ ‬إعطاء‭ ‬المشروعية‭ ‬لمؤسساتنا‭ ‬الدستورية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ممارساتنا،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬الاستعانة‭ ‬برجال‭ ‬يتمتعون‭ ‬بالمصداقية‭ ‬والكفاءة،‭ ‬ويحملون‭ ‬تصور،‭ ‬ويتميزون‭ ‬بنكران‭ ‬الذات،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬ينبغي‭ ‬البحث‭ ‬عنه‭ ‬بـ‭" ‬‭‬الشمعة‭ ‬والقنديل"‬ ‬وربما‭ ‬قد‭ ‬نجد‭ ‬بعض‭ ‬الكفاءات،‭ ‬ولابد‭ ‬للمؤسسة‭ ‬الملكية‭ ‬أن‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬البناء‭ ‬لأن‭ ‬الانتظارات‭ ‬كثيرة‭ ‬والوضع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬لا‭ ‬يبشر‭ ‬بالخير،‭ ‬حيث‭ ‬نعاين‭ ‬الجفاف‭ ‬على‭ ‬الأبواب،‭ ‬وقلة‭ ‬المياه،‭ ‬وآثار‭ ‬كوفيد19‭ ‬، وحاليا‭ ‬الصين‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬موجة‭ ‬جديدة،‭ ‬ولابد‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬نخبة‭ ‬قوية‭ ‬لمواجهة‭ ‬هذه‭ ‬التحديات‭ ‬الكثيرة‭ ‬والمتعددة‭ .‬
وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بسؤالكم‭ ‬عن‭ ‬سبب‭ ‬عدم‭ ‬تدخل‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬إزاء‭ ‬هذه‭ ‬السقطات،‭ ‬فأعتقد‭ ‬أن‭ ‬المسألة‭ ‬دستورية‭ ‬وسياسية،‭ ‬فالوزير‭ ‬صراحة‭ ‬غير‭ ‬مرتبط‭ ‬برئيس‭ ‬الحكومة،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬يفرض‭ ‬نفسه‭ ‬باعتباره‭ ‬يتوفر‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬هام‭ ‬من‭ ‬المقاعد‭ ‬في‭ ‬البرلمان،‭ ‬كما‭ ‬يفرض‭ ‬نفسه‭ ‬باعتباره‭ ‬نال‭ ‬ثقة‭ ‬الملك،‭ ‬ولذلك‭ ‬فرئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬ورغم‭ ‬الاختصاصات‭ ‬التي‭ ‬يتمتع‭ ‬بها‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬السلوك‭ ‬السياسي‭ ‬لازلنا‭ ‬لا‭ ‬نعطي‭ ‬القيمة‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تعطى‭ ‬لرئيس‭ ‬الحكومة،‭ ‬وربما‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬كذلك‭ ‬لا‭ ‬يمارس‭ ‬اختصاصه‭ ‬الفعلي،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فكلما‭ ‬وقع‭ ‬حدث‭ ‬معين‭ ‬داخل‭ ‬الحكومة‭ ‬تجد‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬ينتظر‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬باقي‭ ‬الوزراء‭ ‬ردود‭ ‬فعل‭ ‬المؤسسة‭ ‬الملكية‭ ‬وموقفها،‭ ‬ونحن‭ ‬نجهل‭ ‬متى‭ ‬يمكن‭ ‬لرئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬أن‭ ‬يتدخل‭ ‬ومتى‭ ‬ينبغي‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يفسح‭ ‬المجال‭ ‬للمؤسسة‭ ‬الملكية‭ ‬كي‭ ‬تقوم‭ ‬بواجبها،‭ ‬وأعتقد‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬يتعلق‭ ‬بخلل‭ ‬سلوكي‭ ‬وبالثقافة‭ ‬السياسية،‭ ‬فرغم‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬أعطيت‭ ‬لها‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الصلاحيات‭ ‬فهي‭ ‬لا‭ ‬تؤمن‭ ‬لحد‭ ‬الآن‭ ‬بأنها‭ ‬تتوفر‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الصلاحيات،‭ ‬كأننا‭ ‬نعيش‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬دستور‭ ‬72‭ ‬أو‭92 ‬، حيث‭ ‬كانت‭ ‬كل‭ ‬السلط‭ ‬بيد‭ ‬الملك،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فسلوك‭ ‬أخنوش‭ ‬أي‭ ‬تبني‭ ‬الصمت‭ ‬يرتبط‭ ‬باعتبارات‭ ‬حزبية‭ ‬واعتبارات‭ ‬سياسية‭ ‬لها‭ ‬ارتباط‭ ‬بالأغلبية‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭ ‬ولتفادي‭ ‬حدوث‭ ‬أزمة‭ ‬سياسية‭.‬