وهو يشيد قلعته العسكرية على صخرة أموني، بحاضرة المحيط أسفي، و على مساحة تبلغ حوالي 3900 متر مربع، في بداية القرن السادس عشر (1508)، لحمايته ولمواجهة أي غزو محتمل من خلال هذا الحصن العسكري؛ لم يفكر المستعمر البرتغالي حينها في حماية تلك القلعة الكبيرة والتي تضم ثلاثة أبراج، من عدو أكثر خطورة، لم ينتبه له أبدا ، عدو كالسرطان في وحشيته، - يتسلل خفية للجسد، وعندما يستقر، ينطلق في غزوته الكبرى، حيث ينتشر في الذات كالنار في الهشيم - ، إنها قوة خارقة، مياه بحر المحيط المالحة، ممزوجة بمواد أخرى تسبب فيها الإنسان بنفسه، ليسهل عملية الاختراق و الهدم.
صخرة أموني استسلمت أخيرا لكل الضربات العنيفة والموجعة، التي تلقتها وبدون رحمة، من أمواج بحر عاتية، والتي لم تجد منافد أخرى لتفرغ حمولتها، حيث ساهم إحداث مرسى ميناء المدينة، وأيضا خط حديدي بجانب القلعة، في جعل تلك الأمواج تصب جام غضبها على الصخرة، التي لم تعد قادرة على تحمل وزر معلمة " قصر البحر"، والتي صنفت ضمن التراث المعماري الوطني سنة 1922، وعلى ضرورة حمايته، وكان الطرف البرتغالي معنيا بذلك أيضا.
كل المحاولات لحماية هذه التحفة الفنية والمعمارية، لم تكن كافية وكفيلة بحماية قصر البحر من التعرية والتآكل، وبدأ يستسلم لمصيره، حيث تداعت الأطراف، وتم منع الزوار من ولوجه خوفا على سلامتهم منذ سنة 2010، لتكون بداية النهاية، نهاية حزينة جدا على التفريط في واحدة من المعالم والتراث العالمي لحاضرة المحيط.
اليوم وبعدما خارت قواه، وفقد العديد من أطرافه، وتشوهت معالمه، وبكت صخرة أموني الشامخة حاله، حملنا هواتفنا الذكية، لنكون شهودا على آخر لحظات حياته، تألمنا لمصيره، واكتفينا بالتفرج على خرابه، ما أتعسنا.
كل الخوف على ساحة البريد قديما، ساحة الاستقلال حديثا، وعلى كل البنايات المجاورة لهذه المعلمة، فما وقع لقصر البحر، هو بمثابة سرطان خطير، جعل صخرة أموني القوية، تستسلم لجبروت الأمواج العاتية، أمواج جائعة، أمواج لم تشبع بعد من الحجر والصخر، معالم وثراث المدينة تدعونا للتفكير اليوم قبل الغد، من أجل حمايتها من خطر محدق.