المغرب.. رقم صعب في معادلة مكافحة الإرهاب على المستوى الإقليمي والدولي

المغرب.. رقم صعب في معادلة مكافحة الإرهاب على المستوى الإقليمي والدولي ‬اعتمد‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬حربه‭ ‬على‭ ‬الإرهاب‭ ‬استراتيجيةً‭ ‬متعددة‭ ‬الأبعاد‭ ‬تنبني‭ ‬أساسا‭  ‬على‭ ‬الاستباقية
لم‭ ‬يكن‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬الصدفة‭ ‬أن‭ ‬يجتمع‭ ‬«التحالف‭ ‬الدولي‭ ‬ضد‭ ‬داعش»‭ ‬بقيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬بمدينة‭ ‬مراكش‭ ‬بالمغرب،‭ ‬في‭ ‬11‭ ‬ماي‭ ‬2022،‭ ‬إذ‭ ‬لولا‭  ‬«الحصاد‭ ‬المغربي‭ ‬الكاسح»‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬ملاحقة‭ ‬الإرهابيين‭ ‬وتفكيك‭ ‬خلاياهم‭ ‬وإبطال‭ ‬مخططاتهم‭ ‬الإجرامية‭ ‬لما‭ ‬هب‭ ‬مسؤولو‭ ‬85‭ ‬دولة،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬مسؤولي‭ ‬منظمات‭ ‬دولية‭ ‬مثل‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬والحلف‭ ‬الأطلسي‭ ‬وتجمع‭ ‬الساحل‭ ‬والصحراء،‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬أكبر‭ ‬تجمع‭ ‬عالمي‭ ‬مناهض‭ ‬للتمدد‭ ‬الإرهابي‭ ‬الذي‭ ‬تمثله‭ ‬دولة‭ ‬الخلافة‭ ‬الإسلامية‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬والشام،‭ ‬كما‭ ‬تمثله‭ ‬التنظيمات‭ ‬الجهادية‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬التي‭ ‬حولت‭ ‬أراضي‭ ‬دول‭ ‬الساحل‭ ‬وجنوب‭ ‬الصحراء‭ ‬إلى‭ ‬محاضن‭ ‬طبيعية‭ ‬للمقاتلين‭ ‬الجهاديين‭ ‬المتطرفين‭.‬
وتبعا‭ ‬لذلك،‭ ‬ومع‭ ‬تحول‭ ‬المغرب‭ ‬إلى‭ ‬رائد‭ ‬دولي‭ ‬في‭ ‬محاربة‭ ‬الإرهاب،‭ ‬مازال‭ ‬الإرهابيون‭ ‬يحاولون‭ ‬بإصرار‭ ‬كبير‭ ‬القيام‭ ‬بعمل‭ ‬إرهابي‭ ‬نوعي‭ ‬يخلط‭ ‬الأوراق‭ ‬ويربك‭ ‬الحسابات،‭ ‬بينما‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬المكتب‭ ‬المركزي‭ ‬للشرطة‭ ‬القضائية‭ ‬(التابع‭ ‬لجهاز‭ ‬الديستي)،‭ ‬يقيم‭ ‬في‭ ‬لحظة‭ ‬اليقظة‭ ‬التامة‭ ‬لإحباط‭ ‬هذه‭ ‬المحاولات،‭ ‬مثلما‭ ‬وقع‭ ‬قبل‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬أسبوعين‭ ‬حين‭ ‬تمكنت‭ ‬الديستي،‭ ‬بتعاون‭ ‬مع‭  ‬المفوضية‭ ‬العامة‭ ‬للاستعلامات‭ ‬التابعة‭ ‬للشرطة‭ ‬الوطنية‭ ‬الإسبانية،‭ ‬من‭ ‬تفكيك‭ ‬خلية‭ ‬تنشط‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الناظور‭ ‬ومليلية‭ ‬المحتلة‭. ‬حيث‭ ‬أسفر‭  ‬التدخل‭ ‬الأمني‭ ‬المشترك‭ ‬عن‭ ‬«توقيف‭ ‬شخصين‭ ‬بمدينة‭ ‬الناظور،‭ ‬بينما‭ ‬أوقفت‭ ‬السلطات‭ ‬الإسبانية‭ ‬المختصة‭ ‬تسعة‭ ‬أعضاء‭ ‬آخرين‭ ‬ينشطون‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬نفس‭ ‬الخلية‭ ‬الإرهابية‭ ‬بمدينة‭ ‬مليلية»‭. ‬وكان‭ ‬كل‭ ‬هؤلاء‭ ‬«ينشطون‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬وترويج‭ ‬الفكر‭ ‬المتطرف‭ ‬عبر‭ ‬بث‭ ‬خطب‭ ‬ومحتويات‭ ‬رقمية‭ ‬بواسطة‭ ‬الأنظمة‭ ‬المعلوماتية،‭ ‬أو‭ ‬عبر‭ ‬التواصل‭ ‬المباشر،‭ ‬وذلك‭ ‬بغرض‭ ‬تجنيد‭ ‬واستقطاب‭ ‬الأشخاص‭ ‬الراغبين‭ ‬في‭ ‬الالتحاق‭ ‬بالتنظيمات‭ ‬الإرهابية»‭.‬
وفي‭ ‬25‭ ‬و26‭ ‬أكتوبر‭ ‬2022،‭ ‬أي‭ ‬قبل‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬شهرين،‭ ‬تمكن‭ ‬«البسيج»‭ ‬من‭ ‬توقيف‭ ‬5‭ ‬أشخاص‭ ‬موالين‭ ‬لتنظيم‭ ‬«داعش»،‭ ‬تتراوح‭ ‬أعمارهم‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬20‭ ‬و45‭ ‬سنة،‭ ‬حيث‭ ‬باشرت‭ ‬عناصره‭ ‬إجراءات‭ ‬التدخل‭ ‬والتوقيف‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬متفرقة،‭ ‬استهدفت‭ ‬المشتبه‭ ‬فيهم‭ ‬بالأماكن‭ ‬التي‭ ‬ينشطون‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬دوار‭ ‬«هباطة‭ ‬بنمنصور»‭ ‬بإقليم‭ ‬القنيطرة،‭ ‬وسيدي‭ ‬يحيى‭ ‬زعير،‭ ‬و"الدشيرة"‭ ‬بإنزكان‭ ‬أيت‭ ‬ملول،‭ ‬وبجماعة‭ ‬بوعبود‭ ‬بإقليم‭ ‬شيشاوة‭ ‬،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬مدينة‭ ‬البيضاء‭. ‬وكان‭ ‬الموقوفون‭ ‬يحملون‭ ‬مشاريع‭ ‬إرهابية‭ ‬تتمثل‭ ‬إما‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬عمليات‭ ‬تخريبية‭ ‬ضد‭ ‬مصالح‭ ‬حيوية‭ ‬بالمغرب‭ ‬باستخدام‭ ‬أجسام‭ ‬متفجرة،‭ ‬أو‭ ‬تستهدف‭ ‬عناصر‭ ‬ومؤسسات‭ ‬أمنية‭. ‬
وفي‭ ‬نهاية‭ ‬عشت‭ ‬2022،‭ ‬أوقفت‭ ‬الشرطة‭ ‬بولاية‭ ‬أمن‭ ‬طنجة‭ ‬شخصا‭ ‬مواليا‭ ‬لتنظيم‭ ‬«الدولة‭ ‬الإسلامية»،‭ ‬بعد‭ ‬إقدامه‭ ‬على‭ ‬محاولة‭ ‬تصفية‭ ‬شخص‭ ‬يقيم‭ ‬معه‭ ‬بورش‭ ‬للبناء،‭ ‬تعزيرا،‭ ‬بدعوى‭ ‬أنه‭ ‬يخالف‭ ‬تعاليم‭ ‬الدين،‭ ‬حيث‭ ‬عرضه‭ ‬لاعتداء‭ ‬جسدي‭ ‬باستعمال‭ ‬آلة‭ ‬ثاقبة‭ ‬تقذف‭ ‬مسامير‭ ‬حادة‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الضغط،‭ ‬مما‭ ‬تسبب‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬جروح‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العنق‭. ‬
وسبق‭ ‬لـ»البسيج»‭ ‬أن‭ ‬أوقف،‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2022‭ ‬بضواحي‭ ‬مدينة‭ ‬طاطا،‭ ‬عنصرا‭ ‬متطرفا‭ ‬مواليا‭ ‬لداعش‭ ‬كان‭ ‬منهمكا‭ ‬في‭ ‬«الإعداد‭ ‬لتنفيذ‭ ‬مخططات‭ ‬إرهابية‭ ‬لها‭ ‬امتدادات‭ ‬وتقاطعات‭ ‬عابرة‭ ‬للحدود‭ ‬الوطنية،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬مشروع‭ ‬جماعي‭ ‬يهدف‭ ‬للمس‭ ‬الخطير‭ ‬بالنظام‭ ‬العام»‭. ‬وأوضحت‭ ‬التحريات‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬الشخص‭ ‬كان‭ ‬«يحضر‭ ‬لتنفيذ‭ ‬مشروعه‭ ‬الإرهابي‭ ‬بإيعاز‭ ‬وتنسيق‭ ‬مع‭ ‬شخص‭ ‬متطرف‭ ‬ينشط‭ ‬خارج‭ ‬المغرب،‭ ‬له‭ ‬ارتباط‭ ‬بأحداث‭ ‬إرهابية‭ ‬بأوروبا،‭ ‬والذي‭ ‬تكلف‭ ‬بمهمة‭ ‬توفير‭ ‬الإمداد‭ ‬المالي‭ ‬والدعم‭ ‬اللوجيستيكي‭ ‬لاقتناء‭ ‬الأسلحة‭ ‬ومستلزمات‭ ‬صناعة‭ ‬المتفجرات»‭. ‬
وكان‭ ‬الهدف‭ ‬هو‭ ‬«مهاجمة‭ ‬مواطنين‭ ‬أجانب‭ ‬بالمغرب،‭ ‬وبعض‭ ‬المسؤولين‭ ‬السامين‭ ‬في‭ ‬مؤسسات‭ ‬وزارية‭ ‬وأمنية،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المنشآت‭ ‬الحكومية‭ ‬والمصرفية‭ ‬والبنايات‭ ‬الأمنية‭ ‬الحساسة»‭.‬
إن‭ ‬هذه‭ ‬التوقيفات‭ ‬تظهر‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬طورا‭ ‬سلاحا‭ ‬استخباراتيا‭ ‬ناجعا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬الأمنية‭ ‬سواء‭ ‬الداخلية‭ ‬أو‭ ‬الخارجية‭ ‬التي‭ ‬تواجهه،‭ ‬لاسيما‭ ‬المتعلقة‭ ‬بتأمين‭ ‬مؤسساته‭ ‬من‭ ‬الضربات‭ ‬الإرهابية،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬جوار‭ ‬عدائي‭ ‬مضطرب،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬حواف‭ ‬جغرافية‭ ‬هشة‭ ‬تنشط‭ ‬داخلها‭ ‬عصابات‭ ‬التهريب‭ ‬والاتجار‭ ‬في‭ ‬البشر،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬أيضا‭ ‬تهديدات‭ ‬إرهابية‭ ‬عابرة‭ ‬للحدود،‭ ‬حيث‭ ‬تنشط‭ ‬جماعات‭ ‬مسلحة‭ ‬متطرفة‭ ‬بعضها‭ ‬موال‭ ‬لتنظيم‭ ‬القاعدة‭ ‬وبعضها‭ ‬الآخر‭ ‬موال‭ ‬لتنظيم‭ ‬الدولة‭ ‬الإسلامية،‭ ‬حيث‭ ‬تضم‭ ‬«القارة‭ ‬الإفريقية‭ ‬6000‭ ‬مقاتل‭ ‬إرهابي‭ ‬ينتمون‭ ‬إلى‭ ‬تنظيم‭ ‬القاعدة‭ ‬الإرهابي،‭ ‬3500‭ ‬مقاتل‭ ‬منهم‭ ‬يوجدون‭ ‬في‭ ‬غرب‭ ‬إفريقيا»‭.‬
لقد‭ ‬اعتمد‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬حربه‭ ‬على‭ ‬الإرهاب‭ ‬استراتيجيةً‭ ‬متعددة‭ ‬الأبعاد‭ ‬تنبني‭ ‬أساسا‭  ‬على‭ ‬الاستباقية،‭ ‬وعلى‭ ‬العمل‭ ‬المخابراتي،‭ ‬والتنسيق‭ ‬بين‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬الوطنية،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬بنك‭ ‬معلومات‭ ‬يجري‭ ‬تحيينها‭ ‬وتحليلها‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الساعة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬منع‭ ‬أي‭ ‬مخطط‭ ‬إرهابي‭ ‬موثوق‭ ‬أو‭ ‬محتمل‭ ‬من‭ ‬بلوغ‭ ‬مرحلة‭ ‬النضج،‭ ‬مما‭ ‬مكن‭ ‬من‭ ‬شل‭ ‬حركة‭ ‬الإرهابيين‭.‬
ويراهن‭ ‬المغرب،‭ ‬أيضا،‭ ‬على‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬سلامة‭ ‬البيت‭ ‬الداخلي،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تحصين‭ ‬الوجود‭ ‬الأمني‭ ‬والعسكري‭ ‬على‭ ‬الحدود،‭ ‬وسد‭ ‬الفجوات‭ ‬الأمنية‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتسلل‭ ‬منها‭ ‬الشبكات‭ ‬الإرهابية،‭ ‬خاصة‭  ‬وأن‭ ‬الجماعات‭ ‬الجهادية‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الساحل‭ ‬تنشط‭ ‬بكثافة‭ ‬لتجنيد‭ ‬الشباب‭ ‬الصحراوي‭ ‬اليائس‭ ‬من‭ ‬«زعمائه»‭ ‬في‭ ‬مخيمات‭ ‬تندوف‭ ‬بالجزائر‭.  ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يكتفي‭ ‬بالانكماش‭ ‬خلف‭ ‬دفاعاته،‭ ‬بل‭ ‬يتجاوزها‭ ‬إلى‭ ‬الدفاع‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي،‭ ‬ويؤكد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬شراكاته‭ ‬المتعددة‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬الانتباه‭ ‬إلى‭ ‬«العلاقات‭ ‬الوثيقة‭ ‬بين‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية‭ ‬والانفصالية‭ ‬والدول‭ ‬الناشرة‭ ‬لأسلحة‭ ‬الدمار‭ ‬الشامل‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الساحل‭ ‬والصحراء»،‭ ‬حيث‭ ‬سلط‭ ‬المغرب‭ ‬الضوء،‭ ‬خلال‭ ‬اجتماع‭ ‬بباريس‭ ‬لمبادرة‭ ‬المتوسط‭ ‬نظمته‭ ‬فرنسا‭ ‬وألمانيا،‭ ‬على‭ ‬التجربة‭ ‬المغربية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬حيث‭ ‬شكل‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الخبراء‭ ‬الوطنيين‭ ‬المدربين‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬اعتراض‭ ‬الاتجار‭ ‬غير‭ ‬المشروع‭ ‬بالأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬والكيميائية‭ ‬والبيولوجية‭ ‬والباليستية‭ ‬والمواد‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬استخدامها‭ ‬في‭ ‬تصنيع‭ ‬واستخدام‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأسلحة،‭ ‬وتعزيز‭ ‬ترسانتها‭ ‬القانونية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭. ‬كما‭ ‬تستضيف‭ ‬الرباط‭ ‬المكتب‭ ‬الإقليمي‭ ‬لمراكز‭ ‬الامتياز‭ ‬المعنية‭ ‬بتقليص‭ ‬المخاطر‭ ‬النووية‭ ‬والإشعاعية‭ ‬والبيولوجية‭ ‬والكيميائية‭ ‬لدول‭ ‬الساحل‭ ‬الأطلسي‭ ‬الإفريقي،‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬تنسيق‭ ‬عمل‭ ‬9‭ ‬دول‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬خطر‭ ‬انتشار‭ ‬أسلحة‭ ‬الدمار‭ ‬الشامل،‭ ‬علما‭ ‬بأن‭ ‬هذه‭ ‬المبادرة‭ ‬تضم‭ ‬105‭ ‬دول‭.‬
إضافة‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الخطوات‭ ‬العملية،‭ ‬عمل‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬إطلاق‭ ‬سلسلة‭ ‬دورات‭ ‬تكوينية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب،‭  ‬ينظمها‭ ‬مكتب‭ ‬برنامج‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لمكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬والتدريب‭ ‬في‭ ‬إفريقيا،‭ ‬ويشرف‭ ‬على‭ ‬تأطيرها‭ ‬خبراء‭ ‬دوليون،‭  ‬وتستهدف‭ ‬تعزيز‭ ‬قدرات‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب،‭  ‬مثل‭  ‬البنين،‭ ‬وبوركينافاسو،‭ ‬وتشاد،‭ ‬ومالي،‭ ‬ونيجيريا،‭ ‬والسنغال‭.‬
ويعتبر‭ ‬مكتب‭ ‬برنامج‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لمكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬والتدريب‭ ‬في‭ ‬إفريقيا،‭ ‬الذي‭ ‬يوجد‭ ‬مقره‭ ‬بالرباط،‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬نوعه‭ ‬في‭ ‬افريقيا،‭ ‬حيث‭ ‬يطمح‭ ‬لأن‭ ‬يكون‭ ‬قطبا‭ ‬للتكوين‭ ‬والتدبير‭ ‬وإعادة‭ ‬التأهيل،‭ ‬وبناء‭ ‬القدرات‭ ‬والمساهمة‭ ‬في‭ ‬حفظ‭ ‬السلم‭ ‬والأمن‭ ‬،‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الإفريقي‭ ‬
والعالمي‭. ‬كما‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬وتنفيذ‭ ‬البرامج‭ ‬المعتمدة‭ ‬،التي‭ ‬تهدف‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى‭ ‬إلى‭ ‬تطوير‭ ‬وتعزيز‭ ‬القدرات‭ ‬والمهارات‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب،‭ ‬لاسيما‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بأمن‭ ‬الحدود‭ ‬وإدارتها‭ ‬والتحقيقات‭ ‬والمتابعات‭ ‬وإدارة‭ ‬السجون‭ ‬وفك‭ ‬الارتباط‭ ‬وإعادة‭ ‬التأهيل‭ ‬والإدماج‭.‬
إلى‭ ‬جانب‭ ‬كل‭ ‬ذلك،‭ ‬أنشأ‭ ‬المغرب‭ ‬مجموعة‭ ‬التركيز‭ ‬الخاصة‭ ‬بإفريقيا‭ ‬Africa Focus Group‭ ‬بقيادة‭ ‬مشتركة‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬والنيجر‭ ‬وإيطاليا‭ ‬وأميركا،‭ ‬وذلك‭ ‬لإجراء‭ ‬تقييمات‭ ‬مستمرة‭ ‬للتهديدات‭ ‬الإرهابية،‭ ‬وبناء‭ ‬القدرات‭ ‬المدنية‭ ‬للمساعدة‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب،‭ ‬وتنسيق‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬مع‭ ‬المبادرات‭ ‬القائمة‭ ‬في‭ ‬الميدان‭.‬
يتضح‭ ‬جليا،‭ ‬إذن،‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬مخرط‭ ‬تمام‭ ‬الانخراط‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬ريادته‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب،‭ ‬حيث‭ ‬يحرص‭ ‬على‭ ‬تسخير‭ ‬الخبرة‭ ‬التي‭ ‬اكتسبها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬أوروبيا‭ ‬وإفريقيا‭ ‬وعربيا،‭ ‬وتحديدا‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الإفريقي‭ ‬الذي‭ ‬أصبح‭ ‬يعيش‭ ‬على‭ ‬وقع‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التهديدات‭ ‬الإرهابية،‭ ‬في‭ ‬الساحل‭ ‬ودول‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء،‭ ‬وأيضا‭ ‬في‭ ‬صحراء‭ ‬ليبيا‭ ‬والجزائر‭. ‬وهذا‭ ‬بالفعل‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬انتهى‭ ‬إليه‭ ‬المؤتمر‭ ‬الوزاري‭ ‬الذي‭ ‬عقده‭ ‬«التحالف‭ ‬الدولي‭ ‬ضد‭ ‬داعش»‭ ‬بمراكش‭ ‬(ماي‭ ‬2022)،‭ ‬إذ‭ ‬لفت‭ ‬الانتباه‭ ‬إلى‭ ‬تصاعد‭ ‬التهديد‭ ‬الإرهابي‭ ‬لتنظيم‭ ‬داعش‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية،‭ ‬وخصوصًا‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الساحل‭ ‬والصحراء،‭ ‬التي‭ ‬تتسم‭ ‬بعدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬الأمني،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬بالتحالف‭ ‬إلى‭ ‬المساندة‭ ‬المالية‭ ‬واللوجيستية‭ ‬لجهود‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬التي‭ ‬يقودها‭ ‬الأعضاء‭ ‬الإفريقيون‭ ‬في‭ ‬التحالف،‭ ‬وتشمل‭ ‬تلك‭ ‬الجهود‭ ‬ما‭ ‬يلي:‭ ‬تبادل‭ ‬التقييمات‭ ‬حول‭ ‬التهديدات‭ ‬الإرهابية‭ ‬في‭ ‬إفريقيا؛‭ ‬والتنسيق‭ ‬والتعاون‭ ‬بشأن‭ ‬دعم‭ ‬القدرات‭ ‬وبحث‭ ‬الطرق‭ ‬الأكثر‭ ‬فعالية‭ ‬وكفاءة‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬داعش‭ ‬والتنظيمات‭ ‬الأخرى،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬تبادل‭ ‬المعلومات‭ ‬وإدارة‭ ‬الحدود‭ ‬بشكل‭ ‬استباقي؛‭ ‬وتحقيق‭ ‬وتأمين‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬تُحرَّر‭ ‬من‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية،‭ ‬وتطوير‭ ‬مداخل‭ ‬للردع،‭ ‬ثم‭ ‬الوقاية‭ ‬من‭ ‬التطرف‭ ‬العنيف‭ ‬وتفكيك‭ ‬خطاباته‭.‬
لقد‭ ‬قدم‭ ‬المغرب‭ ‬الدليل‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬رقم‭ ‬صعب‭ ‬في‭ ‬معادلة‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي،‭ ‬وذلك‭ ‬بفضل‭ ‬اليقظة‭ ‬الكبيرة‭ ‬لأجهزته‭ ‬الأمنية،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تجربته‭ ‬المهمة‭ ‬في‭ ‬التنسيق‭ ‬والتعاون‭ ‬الدولي‭ ‬والإقليمي‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬وضع‭ ‬الاستراتيجيات‭ ‬والخطط،‭ ‬وعلى‭ ‬المستوى‭ ‬العملياتي‭ ‬كذلك،‭ ‬أدل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬استمراره‭ ‬في‭ ‬تفكيك‭ ‬الخلايا،‭ ‬وفي‭ ‬الإشراف‭ ‬المباشر‭ ‬على‭ ‬ملاحقة‭ ‬الإرهابيين‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الدول،‭ ‬بتنسيق‭ ‬مع‭ ‬أجهزتها‭ ‬الاستخباراتية‭ ‬والأمنية‭.‬